مقالات مختارة

دولة "المصادر المجهولة"!

محمود سلطان
1300x600
1300x600
متى يعتقد المسؤولون في مصر، أننا نعيش في عصر لم يعد ينفع فيه ولا معه الإخفاء والتخفي ولعب الثلاث ورقات؟

سيكون سخيفا أن تسمع -حال تساءلت "أين الشفافية؟"- من يجيب عليك بقوله: وهي متى كانت موجودة في مصر من قبل؟!

صحيح لم تكن موجودة من قبل، لأن الظرف -آنذاك- غير الآن.. التكنولوجيا الحديثة، أنهت قدرة أية سلطة على الكذب والتحايل والمناورة.. ولكن السلطات المصرية، ما زالت مصرة، على أن تظل تراوح مكانها، داخل العتمة، وظلامية سياسات، خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

فعندما اُستعرضت "عضلات" الأجهزة، في القدرة على التنصت وتسجيل مكالمات المعارضين، وتسريبها على الفضائيات الموالية.. فإنها لم تتعلم من صدمة التسريبات المقابلة لقيادات رفيعة وحساسة بالدولة، ولا من رسالتها: لم تعد الدولة وحدها تملك أدوات الإيذاء والابتزاز وتأديب من لا يروق لها.

في هذا السياق التاريخي العام، والذي ألزمت فيه التقنيات الجديدة، دولا "محترمة"، أن تكون أكثر شفافية، وأن لا تُخفي شيئا عن شعبها.. وإلا ستجده في اليوم التالي، منشورا "صوت وصورة"، على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

 في هذا السياق العام، تجد مصر من الدول -وهي قليلة بحكم الإلزام- التي ما زالت لا تعترف بالحداثة والتطور، وحقائق اللحظة التاريخية.

في الأحداث الخطيرة والمسيئة للكبرياء الوطني، اعتدنا أن لا نسمع من مسؤول باسمه وشحمه ولحمه، شيئا عن أي شيء.. وتُترك مهمة ذلك، لإعلام تافه وجاهل وهزؤ وكاريكاتوري.. أو للصحف نقلا عما يُوصف بـ"مصدر مسؤول"!!

ولا ندري من هو هذا المصدر المسؤول ولا هويته ولا سلطته.. ولا ندري لمَ يُخفي اسمه؟ ويظل مجهول الاسم والهوية.. رغم أن الحدث الذي من المفترض أن يرد عليه، قد يكون مصابا جللا وماسا بسمعة مؤسسات حساسة وخطيرة، وتحظى بمنزلة الاحترام والتوقير في الضمير الوطني العام.

ففي حين أن الحدث، قد يكون من النوع، الذي لا يُحتمل معه "الهزار".. تجد السلطة تتعامل معه ومعنا بتعال، وبخفة شديدة الاستفزاز!

العالم كله يتغير لأنه لم تعد أمامه، أية فرصة للتهرب من استحقاقات الحاضر، بكل مفرداته وتقنياته ولقناعته أنه لم تعد الدولة -كما كانت منذ عقود مضت- تحتكر امتلاك القوة والحقيقة والمعلومة.. وإنما بات ذلك كله، مشاعا للجميع، سواء كان جنرالا أمنيا رفيعا أو شابا بسيطا يعيش في نجع من النجوع البعيدة والمهمشة.

وإذا كانت السلطة في مصر، حريصة على أن لا يلجأ الناس، إلى الجزيرة القطرية أو مكملين التركية، فعليها أن تكون أكثر شفافية وأن تتصالح مع الواقع الجديد وتحترمه.. وتحترم كذلك عقول المصريين.

المصريون المصرية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل