سياسة عربية

المقايسة بمصر.. سلاح النظام الفعال للقضاء على محصول القمح

وزارة الفلاحة المصرية حددت سعر 150 كلغ من القمح بـ 28.99 يورو - ا ف ب
وزارة الفلاحة المصرية حددت سعر 150 كلغ من القمح بـ 28.99 يورو - ا ف ب
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن أزمة القمح، التي أثقلت كاهل المزارعين في مصر، وذلك بسبب إصدار حكومة السيسي لقرار يفضي إلى مقايسة أسعار القمح المحلية بأسعار القمح العالمية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحكومة المصرية أصدرت هذا القرار، في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، وذلك لأنها تعتقد أنه إجراء يتناسب مع نظام دعم الدولة. ولكن، أثار القرار استياء مزارعي القمح وغضبهم في مصر لأن الدولة قد أقدمت على هذه الخطوة دون العودة إليهم وأخذ آرائهم بعين الاعتبار إزاء هذا الموضوع.

ونقلت الصحيفة تصريحات أدلى بها نور الدين جابر، وهو مزارع في إحدى البلدات التابعة لمحافظة بني سويف الواقعة على ضفاف نهر النيل، أكد فيها أن "الحكومة اتخذت قرارات سيكون لها تأثير مباشر على المزارعين، كما أنها لم تأخذ رأينا حيال هذه المسألة".
 
وأضافت الصحيفة أن الحكومة المصرية قررت مقايسة مبيعات القمح المحلية بأسعار السوق الدولية لأنها تتمتع بسعر مناسب استنادا إلى نظام دعم الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن القاهرة قد شرعت في سياسة التقشف والحد من الإنفاق العام في البلاد، منذ حصولها على قرض من صندوق النقد الدولي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2016.
 
وذكرت الصحيفة أن وزارة الفلاحة المصرية حددت، في مطلع شهر آذار/ مارس الفارط، سعر 150 كلغ من القمح بين 555 و575 جنيها، أي ما يعادل 28.99 يورو، علما وأن الأسعار في السنة الماضية لم تتجاوز حدود 420 جنيها.

وفي هذا السياق، أردف المزارع نور الدين، الذي يملك فدانا تبلغ مساحته 0.42 هكتار، قائلا: "أرفض أن أبيع محصول القمح بسعر أدنى من 650 و700 جنيه لأن ذلك لن يغطي مصاريف تهيئة الأرض وأجور العمال، ناهيك عن غلاء أسعار المحروقات والكهرباء". وأضاف نور الدين: "لا يمكنني تلبية كل هذه المصاريف في حال قبول التعريفة التي حددتها الحكومة فيما يخص سعر القمح. ولكن يحز في نفسي عدم تشاور الحكومة مع المزارعين قبل إقدامها على هذه الخطوة".
 
وأفادت الصحيفة أن مصر تعد أكبر مورد للقمح في العالم، ففي حين يصل الاستهلاك السنوي للقمح إلى قرابة 20 مليون طن، لا يتعدى الإنتاج المحلي من القمح الـ9 ملايين طن سنويا. وفي السياق نفسه، قدرت منظمة الأغذية والزراعة كمية واردات مصر من القمح بين سنتي 2016 و2017 في حدود 12 مليون طن، وقد ارتفع هذا الرقم بنحو 1.3 مليون طن مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.

والجدير بالذكر أن مصر تستورد القمح خاصة من روسيا. وفي خضم تدهور الوضع الاقتصادي في مصر، أصبحت عملية الاستيراد مكلفة جدا خصوصا بعد انهيار سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، حيث خسر الجنيه المصري نصف قيمته لتعادل بذلك 18 جنيها دولار واحد.
 
ونوهت الصحيفة بأن واردات القمح تعد أمرا لا غنى عنه في مصر لأن الخبز المدعم لا يزال سلعة أساسية. ومع بداية شهر آذار/ مارس، اندلعت موجة احتجاجات في عدة أنحاء من البلاد بعد قرار الحكومة الحد من كمية الخبز المدعم المتاحة في المخابز.

وعلى خلفية هذه الاحتجاجات المنددة بالقرار الحكومي، اعتذر وزير التموين والتجارة الداخلية، علي مصيلحي، علنا للشعب، وعدل عن هذا القرار. وبناء عليه، استوردت الحكومة حوالي مليون طن من القمح في غضون أسبوعين لتدعيم احتياطاتي الحبوب لديها، أي ما يعادل 20% من إجمالي الواردات سنة 2016.

ونقلت الصحيفة على لسان المزارع نور الدين: "لقد كلفني كيس واحد يحتوي على 50 كيلو من الأسمدة مبلغ 160 جنيها، مع العلم أنني اقتنيته من جمعية حكومية... ولا يكمن المشكل فقط في ارتفاع سعره، وإنما في قلة كمية الأسمدة المتوفرة لدى الجمعيات الحكومية. لذلك، نحن مجبرون على شراء أكياس الأسمدة من السوق السوداء لتلبية حاجياتنا، على الرغم من أن سعر الكيس الواحد يصل إلى حدود 210 جنيها".

وفي الختام، أكد نور الدين أنه "لا يمكن للفلاحين في الوقت الحاضر العيش مما يكسبونه، فأنا مثلا أعيش على ما يجمعه أبنائي من أجرة عملهم في إحدى المخابز في القاهرة". وذكر نور الدين أيضا أنه رأى بأم عينه إيقاف السلطات لبعض جيرانه من المزارعين بقرار قضائي بسبب عجزهم عن دفع الديون المترتبة في ذمتهم.
التعليقات (0)