صحافة دولية

كيف يعرقل حفنة من عناصر "الدولة" تقدم "سوريا الديمقراطية"؟

حفنة من مقاتلي تنظيم الدولة يعرقلون تقدم قوات سوريا الديمقراطية- التايمز
حفنة من مقاتلي تنظيم الدولة يعرقلون تقدم قوات سوريا الديمقراطية- التايمز
قال مراسل صحيفة "التايمز" أنتوني لويد في تقرير له من بلدة الطبقة قرب الرقة، إن حفنة من مقاتلي تنظيم الدولة هم الذين يعرقلون الآن تقدم قوات سوريا الديمقراطية نحو الرقة، عاصمة ما تعرف بالخلافة الإسلامية. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن 14 جهاديا تحصنوا في داخل غرفة التحكم في سد الطبقة ولعدة أسابيع ضد قوات غربية خاصة وحلفائها المحليين، حيث وفروا الحماية لخط مهم يمنح هذه القوات الفرصة للتقدم إلى مدينة الرقة.

ويقول لويد إن هؤلاء هم جزء من وحدة انغماسيين، ومعظمهم من الأجانب، يخوصون معركة إلى جانب جسر الطبقة في الجزء الجنوبي من بحيرة الأسد، رغم محاصرة قوات سوريا الديمقراطية منذ آذار/ مارس.

   

ويضيف الكاتب أن وجود هؤلاء المقاتلين قرب السد الكبير، حيث تحصنوا في الأنفاق فوق خطوط المياه وتحتها، أدى إلى إغلاق الطريق الرئيسي إلى المدينة، في وقت وصلت فيه معركة الطبقة، التي مضى عليها ستة أسابيع، إلى ذروتها.

وتبين الصحيفة أن آثار خطوط القتال واضحة على طول السد، الذي يبلغ طوله ثلاثة أميال، حيث قام الصحافي باجتياز الحدود على متن قارب صغير مع مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية، مشيرة إلى أن السد والبلدة يعدان من المراكز الاستراتيجية المهمة للانطلاق نحو الرقة، حيث سيفتحان الباب أمام القوات المتقدمة من الشمال لمحاصرة معقل التنظيم. 

وينقل التقرير عن قيادي في قوات ما تعرف بسوريا الديمقراطية، الملقب بقندل منبج، قوله: "هناك 14 مقاتلا متحصنين، كلهم من الأجانب، ومعظمهم من الشيشان والفرنسيين والأفارقة"، وأضاف: "لا يزالون في غرفة التحكم وبوابات السد، ومتحصنون عميقا تحت السطح، ونحن نحاول التخلص منهم منذ وقت طويل".

ويعلق لويد قائلا إن "هذا تكتيك عادي لتنظيم الدولة، حيث يعتمد على جماعات صغيرة من المقاتلين الأشداء، ويتم وضعهم في مراكز حاسمة ومهمة؛ لإبطاء تقدم القوات الأكثر جاهزية، وحتى لو كانت تحظى بغطاء جوي، بشكل يعد بتحويل معركة الرقة إلى حرب طويلة". 

وتورد الصحيفة نقلا عن العضو في مجلس الرقة المقيم في المنفى عبد الله ياسين، قوله: "اقترحنا على قوات التحالف ضرب المقاتلين بالغاز، لكنهم (التحالف) رفضوا الاستجابة"، ويضيف ياسين: "بدلا من ذلك، فإن قوات التحالف قامت بقطع الكهرباء عن السد، ولهذا سيظل تنظيم الدولة دون إنارة أو هواء نقي، وتم بالتشويش على الترددات؛ لمنعهم من التحدث لقادتهم في الرقة، ومع ذلك فقد يستغرق التخلص منهم مدة شهر".

ويصف التقرير مشهدا آخر في بلدة الطبقة، حيث تحصن 50 مقاتلا في مبنى عال فيها، وكان يسمع فيها صوت طيران التحالف داخل البلدة، لدعم قوات سوريا الديمقراطية، التي تدافع عن المبنى من خلال "أعشاش القناصة" والدروع البشرية والقنابل البدائية، مشيرا إلى أنه كان هناك تفاوض على خروجهم منها، إلى جانب زملائهم المتحصنين في سد الطبقة. 

وينقل الكاتب عن سكان محليين، قولهم يوم السبت إن زوجة قيادي إسلامي في الطبقة، اجتازت حدود تنظيم الدولة وهي حامل، ومعها الجهاز اللاسلكي الذي استخدم للتفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية. 

ويقول قندل منبج للصحيفة: "طلب منا تنظيم الدولة وقفا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام ليتمكن مقاتلوه من الانسحاب، إلا أن ردنا كان أن ثلاثة أيام مدة طويلة، ونعلم أن تنظيم الدولة يقوم بهذا في وقت سريع، ولهذا انهارت المفاوضات في الوقت الحالي، وأصبحت المعركة على مسافة 500 متر، لكنها الأصعب".

وينوه التقرير إلى أن معركة الطبقة بدأت في 22  آذار/ مارس، عندما قامت القوات الأمريكية الخاصة والمقاتلون الأكراد، وبدعم من طائرات أباتشي هوتزر، بقصف مواقع تنظيم الدولة على الجانب الذي يسيطرون عليه من السد، واستطاعوا السيطرة عليه، لكن ليس بالكامل، لافتا إلى أن  قوات سوريا الديمقراطية استطاعت في بداية نيسان/ أبريل بناء وجود لها على الضفة الجنوبية من السد، وزحفت منها بشكل بطيء.

ويورد لويد نقلا عن المتطوع البولندي في قوات سوريا الديمقراطية آرثر، قوله: "لقد توقفنا عن التقدم في النهار بسبب تهديد القناصة"، وأضاف: "بدلا من ذلك فإننا نتقدم في الليل، ونقوم خلال النهار باستدعاء الغارات الجوية، وعندما بدأنا قيل لنا إنها لن تأخذ إلا أياما، ونحن الآن في الشهر الثاني".

وتذكر الصحيفة أن طبيبا أمريكيا متطوعا مع المقاتلين الأكراد، يطلق عليه اسم بول، قام هو وفريقه الطبي بمعالجة 300 من مقاتلي سوريا الديمقراطية خلال الأربعة أسابيع الماضية، وقال إن القناصة قتلوا قيادية في سوريا الديمقراطية، التي انفجرت في رأسها رصاصة أطلقها قناص من بناية عالية.

وبحسب التقرير، فإن من بين الذين عالجهم بول شخصية تعد مهمة، وتعود لأمير من تنظيم الدولة، تعرض لحروق بسبب انفجار عبوة، حيث يقول بول: "أحضره ضباط كبار من قوات سوريا الديمقراطية، وأخبروني أنه شخصية مهمة، وطلبوا مني التأكد من بقائه على قيد الحياة، وظل يحاول سحب أنبوب التغذية، وكان يريد الموت". 

ويفيد الكاتب بأن العديد من سكان البلدة هربوا إلى الصحراء؛ للاحتماء من الطيران والمعارك، لكن هناك من قرر البقاء والعيش دون ماء أو كهرباء، مستدركا بأنه رغم المقاومة الشديدة التي أبداها المقاتلون في الطرف الجنوبي، إلا أن الأدلة تشير إلى أنه تم انسحاب سريع للقيادات من مناطق أخرى خشية المحاصرة. 

وتنقل الصحيفة عن حارس الفراتي (36 عاما)، وهو من سكان المنطقة، قوله: "بدأ تنظيم الدولة بالانسحاب قبل ستة أسابيع مع بدء تقدم قوات سوريا الديمقراطية"، حيث كان يتحدث أمام مدرسة أسامة بن زيد، التي استخدمها الجهاديون لتدريب "أشبال الخلافة"، وأضاف: "لقد غادر المسؤولون والمدرسون وزوجات المقاتلين وأطفالهم البلدة، واتجهوا غربا مع بداية العملية". 

ويكشف التقرير عن أن السجلات التي خلفها تنظيم الدولة في المدرسة تظهر أن غالبية الأطفال الذين جرى تدريبهم فيها تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 14 عاما، ومعظمهم من أصول مصرية ثم أوزبكية وفرنسية، لافتا إلى أن من الكتب التي خلفوها وراءهم "أخلاق المجاهدين" و"موجز الجهاد". 

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن القصف الأمريكي وطيران التحالف خلفا العديد من الضحايا المدنيين، منوهة إلى أن السكان رافقوا الصحافي لمشاهدة خمسة قبور جديدة، إلى جانب بناية من طابقين قصفت في الأسبوع الماضي، التي دفن فيها ثلاثة أطفال وبالغان.
التعليقات (1)
غسان غلاينه
الأربعاء، 10-05-2017 09:35 م
خيب الله كيدهم و جعله في نحورهم