قضايا وآراء

لهذه الأسباب العفو العام مرفوض

أواب المصري
1300x600
1300x600
تصدر المشهد اللبناني في الأسابيع الأخيرة إعلان مئات الموقوفين الإسلاميين في السجون الإضراب عن الطعام، في محاكاة للإضراب الذي بدأه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية. الفارق هو أن المعتقلين في السجون اللبنانية يطالبون بالعفو العام عنهم، سواء كانوا موقوفين على ذمة التحقيق أو محكومين. تزامن تحرك الموقوفين مع تحركات في الشارع يقودها ذووهم بدعم ومساندة من هيئات وجمعيات إسلامية.

من باب التوضيح، "الموقوفون الإسلاميون"هو مصطلح يطلق على مئات الموقوفين المتهمين بقضايا ذات طابع إسلامي، كالمتهمين بالانتماء إلى تنظيم فتح الإسلام على خلفية أحداث مخيم نهر البارد عام 2008، والموقوفين على خلفية علاقتهم بأحداث منطقة عبرا بمدينة صيدا بين مناصري الشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني عام 2013، أو أنهم شاركوا المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة بين المسلمين السنّة من أبناء منطقة باب التبانة والعلويين من أبناء منطقة جبل محسن. 

هذا بالإضافة إلى عشرات الموقوفين بقضايا مختلفة، كالانتماء لتنظيمات إرهابية،ومواجهة الجيش اللبناني، والتخطيط لتنفيذ تفجيرات إرهابية، أو الاتصال والتواصل مع عناصر إرهابية.

وهذا يقودنا إلى حقيقة لايصرّح عنها الكثيرون، وهي أنبعض من يُطلق عليهم وصف "الموقوفون الإسلاميون" هم مجرمون وقتلة وإرهابيون، وليس من المناسب أن يتم شمل هؤلاء بالعفو العام الذي يطالب به البعض.

أتاح الدستور اللبناني لمجلس النواب إصدار العفو العام، ولرئيس الجمهورية إصدار عفو خاص، لكن هذا الحق هو استثنائي لتصحيح أوضاع استثنائية. فما هو الظرف الاستثنائي الذي يستدعي إصدار عفو عام اليوم؟ ربّ قائل أن مئات الموقوفين الإسلاميين تم زجّهم في السجون بناء على تقارير مُخبرين كيدية، وأنهم تعرضوا خلال توقيفهم لصنوف تعذيب وضغوط مختلفة، وتم انتزاع اعترافاتهم تحت الضغط، وتتم المماطلة بمحاكمتهم منذ سنوات. كل هذا صحيح، لكن معالجة ذلك لاتكون بالإفراج عنهم بموجب عفو عام لا يبرّئ ساحتهم بل يؤكد التهم الموجهة إليهم.

فرفع الظلم الذي تعرضوا لها–ومازالوا- تكون بإعادة الأمور لنصابها، ليشملهم ويشمل كل من سيأتي بعدهم. فإذا ما خرج الموقوفون من السجون اليوم بموجب عفو عام، من الذي يضمن عدم تكرار ما حصل معهم مع آخرين يتم توقيفهم بشكل اعتباطي بناء تقارير كيدية، ويستمر التعذيب في السجون والمماطلة في الإجراءات القضائية والتشدد في إصدار الأحكام. هل نطالب حينها مرة أخرى بالعفو العام؟

معالجة ملف الموقوفين الإسلاميين يكون بمراجعة ملفاتهم القضائية، وإخلاء سبيل من انتزعت اعترافاته دون دليل، أو تبيّن أن المدة التي تم توقيفه تزيد عن المدة التي يمكن أن يُحكم بها. حصول ذلك سيؤدي حتماً لإخلاء سبيل عدد كبير من الموقوفين دون الحاجة لصدور عفو من نواب سيستغلّونه لابتزاز الناخبين في أول معركة انتخابية.

الأمر الآخر الذي يجب عدم إهماله، هو وقف كل أشكال التعذيب والضغط في مراكز التوقيف، ومعاقبة العسكريين الذين يثبت ارتكابهم لذلك. كما يجب انتهاج سياسة قضائية عادلة في المحاكمات، فلا يستوي أن يتم التساهل وتخفيف الأحكام عن القتلة والسارقين ومروّجي المخدرات وعملاء إسرائيل، في مقابل التشدّد في الأحكام الصادرة بحق شبان تم التغرير بهم،أو أن كل جرمهم التواصل مع عناصر إرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو قيامهم بأمر لم يكونوا على معرفة بخطورته.

لبنان بلد طائفي، وفي كل استحقاق تستفيد منه إحدى الطوائف، يجب تقديم فوائد مقابلة للطوائف الأخرى. فالعفو العام الذي صدر عام 1991 شمل جميع اللبنانيين من جميع الطوائف، والعفو العام الذي صدر عام 2005 شمل إطلاق سراح سمير جعجع (المسيحي) في مقابل إطلاق سراح موقوفي أحداث الضنية ومجدل عنجر (المسلمين). وإذا كانت المطالبة بالعفو عن الموقوفين الإسلاميين لأنهم مظلومون، فربما يشمل العفو عنهممجرمون وقتلة وفاسدون وعملاء، يستحقون ما هو أكثر من السجن.

التعليقات (1)
السيد السيد
الأحد، 21-05-2017 10:43 م
هذا حال كل الأسلاميين فى جميع الدول العربية بلا أستثناء الزج بهم فى السجون والتعذيب بكل أنواعة البدنية والنفسية ثم يطلب لهم العفو العام وكأن العفو عنهم منة وفضل من الحكام وأنا مع راى الكاتب بمراجعة حالتهم ليطلق سراح الكثيرين الذين أعتقلو وسجنوا وعذبوا ظلماولا يتم العفو العام ليكون فى صالح الجنائين وبعيد عن المظلومين