مقالات مختارة

اليوم "تيران وصنافير".. وماذا غدا وبعد غد؟!

محمود سلطان
1300x600
1300x600
لم أشغل بالي بـ"مسرحية" البرلمان، فالتعفف عن المساخر من مقتضيات مروءة الرجل.. وما حدث فاق المساخر بمراحل.. فملف تيران وصنافير حسمه الباب العالي، قبل حكم الإدارية العليا، وقبل عرضه على "مسرح العرائس" في شارع القصر العيني.

المشكلة أكبر بكثير مما نراه في الصور المباشرة.. فهذا الإصرار على دهس الجميع بالجزمة الميري، والإصرار على توريط المؤسسات التي أسست شرفها الوطني على الحفاظ على الأرض، ومحاولة إدخالها طرفا ينتصر للتنازل عن السيادة، لا يمكن أن نفهمه إلا إذا كان مقابل التنازل، شيئا، ربما لم يخطر على قلب أي مصري! فما هو هذا الثمن إذن؟!

هذا الإصرار والصلف في تحدي الكرامة الوطنية، وإهانة القضاء وأحكامه، والفوضى في تخبط المؤسسات بعضها ببعض.. يشير إلى أن المسألة مجرد "خطوة" صوب تسوية كبيرة في المنطقة.. فما هي ؟!

وبمعنى آخر.. ما هي الخطوة التالية محليا وإقليميا، والمؤسسة على استقطاع جزء من التراب الوطني وإهدائه إلى دولة أخرى؟!

من الصعب أن نصدق أنها مجرد إعادة ترسيم للحدود، بين البلدين الشقيقين.. فاندفاع القيادة السياسية، نحو التنازل رغم تكلفته الخطيرة على مستقبلها وشرعيتها وسمعتها وترتيبها على قائمة " الشرف الوطني" بين كل من تعاقبوا على الحكم قبلها .. يُخفي حقائق وسيناريوهات أخرى، لا نعلمها .. ولكنها بالتأكيد ستغير الهوية الإقليمية للمنطقة.. الموضوع كبير.. أكبر بكثير من مجرد تنازل عن جزيرتين.

ومحليا.. تنامت المخاوف، من الخطوة التالية للسلطة.. وتشكل رأي عام قلق، من نتائج تمرير الاتفاقية يدون أية معارضة شعبية قادرة على ردع الاندفاع الحكومي صوب سيناريوهات أخرى مشابهة ومتوقعة.. فاليوم تيران وصنافير.. وماذا غدا وبعد غد؟! فالسودان يطالب بحلايب وشلاتين.. وفي شمال سيناء مزاعم إسرائيلية بوجود مشروع لتبادل الأراضي، بين القاهرة وتل أبيب لحل مشكلة قطاع غزة على حساب مصر.. ويتوقع البعض بأن أزمة "تيران وصنافير" هي مران وتدريب على مباراة أكبر وأخطر ربما يجري التحضير لها فيما يوصف حاليا بـ"صفقة القرن"!

وفي السياق، بات من الواضح أن السلطة تراهن فقط على القوة.. مقتنعة بأن كل شيء مهما كان ثمنه، يمكن تمريره وإسكات الجميع بالقوة.. ففي اليوم التالي من اقتحام نقابة الصحفيين والاعتداء على أعضائها الغاضبين والمحتجين على التنازل عن السيادة، تفقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، كمينا للشرطة، وقرر الإفطار معه في اليوم التالي، في إجراء رمزي لا يخفي على أحد دلالته، وأهميته في تفسير علاقة السلطة بالمجتمع، وحدود فهمها لمعنى "الدولة".

وما لا يعرفه المغامرون الجدد أن أزمة واحدة ممكن أن "تعدي" ولكن بالتراكم.. فإن الثورة ستأتي بكم جميعا، ولو كنتم في بروج مشيدة.

المصريون المصرية

0
التعليقات (0)