مقالات مختارة

الفتنة التي توحِّدنا!

قادة بن عمار
1300x600
1300x600
الوضع المأساوي في ليبيا يستدعي، أكثر من أيّ وقت سابق، تدخلا جزائريا على كل المستويات، باستثناء العسكري طبعا؛ لقطع الطريق أمام خيارات ومحاولات بغيضة تريد تفجير الوضع أكثر مما هو عليه.

مثلا، لا نعرف حتى الآن سبب جرّ اسم الجزائر في قضية الإفراج عن سيف الإسلام القذافي، وحديث بعض التقارير الإعلامية عن إمكانية استضافته كلاجئ، رغم أن عائلة القذافي برمَّتها، وحين دخلت الجزائر عقب الإطاحة بالعقيد الليبي المغتال، تم تخييرُها بين الرحيل إلى بلد آخر أو البقاء في إقامة خاصة بوهران، فغادر من غادر وبقي من بقي لكن بشروط الجزائر وفي شفافية تامة.

ليس من مصلحة الجزائر مراوغة الليبيين، وهي لا تفعل ذلك أصلا، خصوصا بعدما بات القرار الليبي بأيدي الآخرين، وورقة متاحة في الحرب الدائرة بالخليج حاليا، حرب بدأت بتحريض إعلامي، ثمّ تفاقمت إلى حصار اقتصادي وقد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه ولا نتمناه!

ما يحدث من أزمة في الخليج، دفع دول المغرب العربي إلى اتخاذ قرار مشترك، باستثناء موريتانيا طبعا التي لا يمكن لوم شعبها ولا طبقتها السياسية، لكن ما رأيكم في هذا التناغم الحاصل بين الجزائر والمغرب؟ صحيح أن بينهما الكثير من الخلافات والملفات العالقة، لكنها بداية جيِّدة، يضاف إليها الموقف التونسي المنسجم أصلا مع الجزائر بشكل كبير، وقد ظهر ذلك جليا في الملف الليبي مؤخرا، برغم المحاولة المصرية الفاشلة لإقناع البلدين بضرورة التحالف مع طرف ضد آخر، والمشاركة بضربات عسكرية لصالح خليفة حفتر، ضد خصومه في درنة وطرابلس!

هنالك تفككٌ في مجلس التعاون الخليجي حاليا، تفكك يقابله انسجامٌ بين الجزائر وتونس والمغرب، فحتى حراك الريف عند "صديقنا الملك" والاحتجاجات التي تقع في الشمال، ليس في مصلحة الجزائر استمراره، أو تسبُّبه في خلق بؤرة توتر جديدة بالمنطقة، ولا في نشر الفوضى أكثر مما هي عليه، خصوصا أنّ ما بدأ كحراك مطلبي سلمي، تحوّل بسرعة إلى شبه مشروع انفصالي!

ودعكم هنا من الأصوات التي تنطلق في المغرب للتشكيك في دور جزائري بالحراك، فهي أصواتٌ مريضة لا تستند إلى منطق، فأيّ مصلحة للجزائر في تحوّل المغرب إلى قنبلة موقوتة وهي التي تدفع فواتير ضخمة بسبب الأزمة السياسية المستمرّة في تونس والحرب الأهلية المدمرة في ليبيا والوضع غير المستقر في شمال مالي؟

تلك أصواتٌ تنبش في الفتنة، ولا تريد أن ترى الجزائر والمغرب يتفقان على رأي واحد، علما أنه وفي مثل هذه الأوضاع التي نعيشها حاليا، والتوترات المشتعلة، لا بد من تشجيع أيّ مبادرة صلح أو حوار، ولو كانت ضعيفة، والتقليل من كل أزمة، مهما كانت مؤشراتها عالية أو مرتفعة، ولعل الوحدة في الرأي هذه المرة، إزاء ما يحدث في الخليج، كفيلة برسم ملامح اتفاق مستقبلي، لا بد من تشجيعه والبناء عليه.

الشروق الجزائرية
0
التعليقات (0)