مقالات مختارة

معاداة الأنظمة واستعداء الشعوب

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600
لا أعرف متى وكيف نضع نهاية لهذا الإعصار الإعلامي والسياسي المخيفين، اللذين يكادان يقضيان على كل القيم الأخلاقية عندنا، حكام اختلفوا فيما بينهم، فلماذا نزيد النار اشتعالا؟

(2)

أتابع ما يكتب في الصحافة الخليجية هذه الأيام عن حالنا الخليجي وما وصل إليه مستوانا الأخلاقي، أتابع ما يقول رجال الدين عن حال الأمة والاصطفاف إلى جانب السلطان حتى ولو كان على غير الحق، استمعت إلى ندوة دينية أو محاضرة سميها ما شئت في إحدى مدن المملكة العربية السعودية راح أحد الفقهاء -جزاه الله بما يستحق- يتهجم على تركيا، وأخرجها من الدين الإسلامي، ووصمها بأنها بلد الدعارة والمجون والفجور والعهر والكفر؛ لأن أحد الكتاب قال: "إننا ننتظر من أردوغان أن يكون خليفة المسلمين"، وراح الشيخ يكيل السباب لتلك الدولة المسلمة بلا ذنب اقترفته تلك الدولة التركية، ما كنت أتمنى أن أسمع عالم دين من أهل السنة والجماعة يتلفظ بتلك الألفاظ اللا أخلاقية، وأن الإسلام يحرم وصف بلد يدين معظم سكانه بالإسلام بتلك الأوصاف، ليته وقف إلى جانب دعاة القومية العربية الذين كتبوا شر ما كتبوا عن الدولة العثمانية، أما ويقول ذلك القول تحت جبة المسلم الداعية المبشر بالجنة فهذا قول مرفوض جملة وتفصيلا، ومطلوب من هيئة كبار العلماء أن تؤنّب ذلك الشيخ على ما قال. 

في الجانب الآخر لم أكن مسرورا عندما قرأت في إحدى الصحف الخليجية مانشيت "هيئة كبار المنافقين" وهو يعني هيئة كبار العلماء، ولم تسعدني الردود الصحفية على الكاتب، كذلك الدعاء المبطن من بعض أئمة الحرم المكي على دولة قطر، وإن لم يسمها بالاسم؛ لأن ذلك الدعاء جاء في سياق إعلان الحرب الاقتصادية والإعلامية على قطر، وأعبر عن استغرابي الشديد أن يصل الأمر بمكانة الهيئة العليا لعلماء الأمة الإسلامية إلى النزول إلى مستوى الرد على صحيفة يومية "أصدرت الأمانة العامة للهيئة العالمية للعلماء المسلمين استنكارها الشديد لتجرؤ الإعلام القطري على أعراض كبار علماء الأمة"، أولا يا كبار علماء المسلمين الأفاضل: الإعلام القطري لم يتناول أعراضا أو حتى الحديث عن أعراضكم، وإنما صحفي كتب مقال فند فيه مواقف بعضكم من الأزمة الخليجية الراهنة، فزجيتم بالإعلام القطري في أتون الخلاف، لقد أنزلتم مكانتكم بردكم على صحفي منزلة لا أقبلها لكم لأنكم عندي قامة علمية لا يجوز لها أن تنزل إلى صغائر الأمور.

إن الدين الإسلامي دين أخلاق وصدق وعدل، دين توحيد وألفة ومودة نهى عن التنابز بالألقاب، ونهى عن الفجور في الخصومة، أصلحوا يا قادة الفكر الديني بين المختلفين من قادتنا ولا تنافقوهم، ستسألون يوم الحشر، عما تقولون وما تفعلون، يوم لا ينفع سلطان ولا جاه ولا مال ولا بنون، إنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لا تؤججوا الفتنة ولا تجاهروا بها بين الحكام فإنها تنعكس على المواطنين بالسوء وقطع الأرحام والتواصل بين الناس، وبعملكم ذلك تفرقون صفوف الأمة، الأمر الذي يسهل على عدوها الانقضاض عليها، وفي التاريخ عبر لمن يعتبر.

(3)

نشرت وسائل الإعلام في البحرين الشقيقة خبرا مؤداه أن مكالمة هاتفية جرت بين الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور وبين رجل مخابرات قطري يحرضه على إفشال المبادرة الخليجية عام 2011 يعلن الشيخ الأحمر ما يلي: "تفاديا لأي لبس أو تزوير للحقائق، فإننا نؤكد للرأي العام أن تلك المكالمة تمت بيني وبين أحد أفراد العائلة وهو مواطن إماراتي، وليس لدولة قطر أي دخل فيها لا من بعيد ولا من قريب" فهل أنتم منتهون عن الفتنة!!

(4)

بالأمس وليومين متتابعين وتلفزيون الشقيقة البحرين يردد تسجيلا لمكالمة هاتفية يزعم أنها جرت بين حمد بن خليفة العطية، وحسين علي جمعة (معارض بحريني) مؤدى تلك التسجيلات أن العطية القطري وجمعة البحريني يتآمران على إثارة الفوضى في البحرين وبثها من قناة الجزيرة عام 2011. 

الملاحظ أن ذلك الشريط مرتب (قطع ولزق) ويظهر ذلك جليا، واختيرت كلمات وجمل معينة ثم رتبت بلا مهنية لتظهر تآمر قطر على البحرين، وعلى ذلك يجب أخذ حديث العطية وجمعة في سياق المصالحة التي طُلب من قطر القيام بها بين الحكومة والمعارضة، وكانت كما أعلم بترحيب سعودي وأمريكي. 

وفي هذا السياق على العطية أن يحصل من المعارضة والحكومة على معلومات تفصيلية ليتسنى للوسيط رسم خطة الوساطة، ونتيجة لتلك الوساطة القطرية أشاد وزير الخارجية البحريني في مقابلة صحفية مع جريدة الأيام البحرينية ومتلفزة بالجهود القطرية الإيجابية في حل الأزمة البحرينية بين النظام ومعارضيه. 

الأمر الثاني: إذا كانت قطر تريد بالبحرين سوءا كما يزعمون فلماذا تقدم قطر خدمة أمنية بالكشف عن خلية إرهابية تريد إحداث فوضى أمنية في البحرين وتبلغ حكومة البحرين عنها، وعلى ذلك قدمت البحرين شكرها لقطر على تلك الخدمة الأمنية، لا أريد أن استرسل في هذا الشأن ولكني أذكر بأن رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة زار قطر هذا العام وبقي فيها أكثر من يومين زار أماكن وأندية شعبية واختلط بالمواطنين القطريين وحظي بتكريم عالي المستوى من الأسرة الحاكمة والشعب القطري، وأعقبه مباشرة لزيارة الدوحة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. السؤال الذي يثار هنا إذا كان العداء مع قطر وإنها تهز أمنهم فلماذا هذه العلاقات الحميمة بين الأسرتين الحاكمتين في الدوحة والمنامة!؟

آخر القول: لقد استعْدت الأنظمة الحاكمة الخليجية بعضها بعضا، وتعاونوا على إيذاء قطر، ولكن الأخطر أن الأنظمة المحاصرة لقطر استعْدت الشعوب، وجعلت هناك جراحا ليس من السهل تضميدها، وما زلت عند موقفي الواضح أن حل الأزمة هذه المرة وإلى الأبد، بيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود، الذي نكن له كل الود والاحترام، والشيخ صباح أمير الكويت. 

إن أبصارنا شاخصة نحو مكة المكرمة، قصر الملك سلمان، لبيان يصدره بحل هذا الخلاف وإسكات المرتزقة والمتطفلين على الإعلام، مروجي الفتنة وموقدي نيرانها، والله مع الذين أحسنوا عملا.

الشرق القطرية
1
التعليقات (1)
زائر
الثلاثاء، 20-06-2017 09:29 م
فالتشربوا من نفس الكاس التى مددتموها للسوريين و الليبيين و العراقيين و غيرهم كثير . اللهم سلط الظالمين على الظالمين و اخرجنا من بينهم سالمين .