مقالات مختارة

قُضي الأمر

حسن البراري
1300x600
1300x600
انتهت التكهنات بخصوص الحكم في المملكة العربية السعودية؛ فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتخذ قرارا ينص على تنحية ولي عهده الأمير محمد بن نايف، وتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان بدلا منه وليا للعهد.

بطبيعة الحال، لا يمكن النظر إلى هذا القرار من دون التوقف عند مآلاته، وهناك طيف واسع من المراقبين والمحللين يرى أن ما يسمى مقاربة "الحزم" في السياسة الخارجية السعودية كان يقف وراءها الأمير محمد بن سلمان، والحق أن الأمير محمد بن نايف كان أكثر رويّة وحذرا ، غير أن ولي العهد الجديد كان الأكثر حضورا في المشهد السياسي على مدار السنتين السابقتين السياسي، مستندا إلى الدعم الكبير الذي تلقاه من والده، ما مكنه من تسويق نفسه غربيا بأنه رجل السعودية القوي.

وعلى نحو لافت استخدم الأمير محمد بن سلمان الثروة السعودية لتحقيق هدفين وهما: عقد صفقة مع الرئيس دونالد ترامب تقوم بموجبها السعودية باستثمار مئات المليارات من الدولارات في مشاريع تخلق وظائف للأمريكيين ببلادهم، وهو أمر خلق حالة من الدعم الأمريكي للأمير محمد الذي بات بالفعل ينظر إليه في واشنطن بمثابة الرجل القوي في الرياض. ثانيا، استغل تدهور الأوضاع الاقتصادية بمصر ودفعها إلى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ما جعله يظهر بمظهر رجل السعودية القوي الذي يحقق مكتسبات لبلاده.

لا يعرف بعد كيف سيؤثر على الأمير محمد بوصفه وزيرا للدفاع مآلات الحرب العبثية في اليمن، فلا يعقل أن تستمر هذه الحرب المجنونة بهذا الشكل الذي أرهق الموازنة السعودية بشكل غير مسبوق من دون ارتدادات في قادم الأيام. فالراهن أن الحسم العسكري تحول إلى مراوحة لا يمكن للسعودية الادعاء بالانتصار بها إلا إذ حققت الهدف المعلن لعاصفة الحزم ويبدو أنها بعيدة عن تحقيق ذلك في المستقبل المنظور.

سأفترض أن الأمير محمد بن سلمان كان اللاعب الأبرز في السعودية في السنتين الأخيرتين، وهنا حريّا بنا أن نرصد حقيقة أن السعودية دخلت في منزلقات شديدة الانحدار وأصبحت أزمتها تولد أزمات أخرى كما يجري الآن إزاء دولة قطر، فتوقيت افتعال الأزمة مع دولة قطر ربما جاء أيضا في سياق بحث الأمير الشاب عن انتصارات تساعده في تقديم أوراق اعتماده لدى الجميع لينظر إليه بأنه رجل الخليج الأول. وتفيد مصادر متعددة أن محمد بن نايف لم يكن متحمسا لتأزيم العلاقات مع قطر غير أنه لم يكن اللاعب الرئيسي أمام حس المغامرة الذي يتمتع به محمد بن سلمان المدعوم من والده الملك، بمعنى أن الأمير محمد بن سلمان يوظف السياسية الخارجية خدمة لتحقيق أهداف سياسية داخلية بصرف النظر عن انعكاس ذلك على المملكة ومكانتها.

وفي الختام، لا مناص من التوقف عند محمد بن زايد، والتناغم التام مع محمد بن سلمان في مسألة صياغة سياسة خارجية قائمة على سياسة حافة الهاوية والتنمر، كما يجري مع قطر. وربما يتعين علينا أن نتوقع رفع وتيرة التنسيق بين المحمدين، ما يعني تصلبا في الموقفين السعودي والإماراتي إزاء حل الأزمة مع قطر.

الشرق القطرية
0
التعليقات (0)