صحافة دولية

ناشونال إنترست: كيف كشفت أزمة قطر حماقة الموقف الأمريكي؟

ناشونال إنترست: حصار السعودية لقطر سببه إيران وليس الإرهاب- أ ف ب
ناشونال إنترست: حصار السعودية لقطر سببه إيران وليس الإرهاب- أ ف ب
قال الباحثان ميتشل بلات وسومانترا بيترا في مقال مشترك لهما، تحت عنوان "الأزمة القطرية هي صيحة إنذار"، في مجلة "ناشونال إنترست"، إن الأزمة القطرية كشفت عن حماقة الموقف الأمريكي المؤيد، ودون خجل، للسعودية.

ويقول الكاتبان إن "الأزمة، التي بدأت تكبر ككرة الثلج، بعد فترة قصيرة من عودة الرئيس دونالد ترامب من أول زيارة خارجية له، عرت حماقة الدعم الأمريكي المؤيد وبلا خجل للسعودية". 

ويضيف الباحثان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، أن "السعودية وحلفاءها السنة استخدموا مبرر الدعم القطري للإرهاب والجماعات المتشددة لقطع العلاقات وفرض حصار على هذه المملكة الخليجية الصغيرة، وفي الوقت الذي عبر فيه ترامب عن دعمه للإجراءات السعودية في بداية الأزمة -حيث قام دعمه على استعراض للقوة وليس تفكيرا حذرا- أصبح نطاق الأزمة الكامل واضحا لاحقا، وشرحه له فريقه للأمن القومي". 

ويتابع الكاتبان قائلين إن "محاولة ترامب لتشكيل تحالف ضد إيران كانت تنهار، وبدأت التصدعات تتشكل بين حلفاء الولايات المتحدة، وبالتالي فإن هناك أهمية لفهم الوضع، خاصة أن في قطر أكبر حضور عسكري أمريكي في الشرق الأوسط، ومن قاعدتها الجوية يتم شن معظم الغارات على تنظيم الدولة".

ويشير الباحثان إلى أن "الأزمة الأخيرة أدت إلى انقسام بين دول المنطقة، بمن فيها دول تقيم الولايات المتحدة علاقات قوية معها، حيث وصفت تركيا الحصار بغير الإسلامي؛ لأن التحالف السعودي فرضه في شهر رمضان، وقامت بنقل الجنود والمعدات العسكرية لقاعدتها العسكرية هناك، بالإضافة إلى أن إيران استغلت الفوضى وبدأت بإرسال المواد الغذائية والمشروبات إلى قطر".

ويلفت الكاتبان إلى أن "جذور الأزمة القطرية بين السعودية وقطر تعود إلى عام 1995، عندما قام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالسيطرة على السلطة في انقلاب أبيض، ودعم الشيخ الجديد إصلاحات محدودة، وزاد من إنتاج النفط وتأثير البلاد في المنطقة، ويواصل ابنه الأمير الحالي سياساته، ولأن السعودية والإمارات تخشيان انقلابا في القصر فهما تعارضان سياسات قطر". 

ويستدرك الباحثان بأنه "رغم تحسن العلاقات بين الطرفين مع مرور الوقت، إلا أنها لم تتعاف أبدا، خاصة أن قطر واصلت سياستها التي كانت أكبر من حجمها، ودعمت حركات ومنظمات إسلامية، مثل الإخوان المسلمين وحركة حماس، وهو ما وضعها في مقدمة اللعبة السياسية في الشرق الأوسط، وهو موقع احتلته مع بداية ثورات الربيع العربي، ووضعت ثقلها خلف الثورة السورية، وحصلت توقعات الحكومة المصرية الأسوأ عندما وصل الإخوان مدعومين من قطر إلى السلطة، وملأوا الفراغ الذي تركه حسني مبارك". 

وينوه الكاتبان إلى أن "مصر والإمارات والسعودية كانت ستعارض دعم قطر للإخوان المسلمين الذين يهددون وجودها على أي حال، ومن هنا منحت المزاعم حول دعم قطر تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة بشكل تكتيكي، أو حرفت النظر عن الدعم المبرر لعمل ما تريد هذه الدول عمله".

ويرى الباحثان أن "تحرك السعودية بعد الزيارة الأمريكية للرياض، التي اكتملت برقصة السيف، جاء في توقيته المناسب"، زاعمين أن قطر رفضت التعاون مع السعودية في الحرب بالوكالة ضد إيران في اليمن.

ويجد الكاتبان أن "ما يثير الدهشة هو أن البيت الأبيض ظل يقف وراء السعوديين بقوة، في وقت احتاج فيه الأمر إلى موقف متوازن، وهو وضع يتناقض مع السياسة الواقعية السياسية، فمن ناحية، هناك التهديد الجهادي الذي يتردد صداه في نيويورك ومانيلا ومانشستر وطهران، ومع ذلك فإيران هي التي تعدها إدارة ترامب وإلى أبعد مدى، المحافظين الجدد، العدو الأول، رغم التشارك في العدو، وهو تنظيم الدولة". 

ويناقش الباحثان أن "إيران هي البلد الأكثر ديمقراطية في المنطقة، ويجب التعامل معها على أنها حليف في الحرب ضد تنظيم الدولة، حيث أن المنطق يشير إلى وجوب دعم قوة ضعيفة في المنطقة، وفي هذه الحالة إيران الشيعية، مقابل الكتلة السنية الأقوى، بالإضافة إلى أن السعودية ليست نموذجا مثاليا لحقوق الإنسان، وتدعم الجماعات ذاتها التي تتهم قطر بدعمها، وهي قوة دافعة للفوضى في سوريا".

ويقول الكاتبان: "في الفيزياء، لو افترضنا أن كوكبا يجب أن يتحرك في مساره الفلكي لكنه لم يفعل فإننا نفترض أن هناك جرما أكبر منه يتدخل ويعرقل مساره، وهذا واضح في السياسة الخارجية التي تتبع نظريات ولم تقدم معنى في المجمل، فما الذي يمنع أمريكا من البحث عن تقارب مع إيران؟ هل هو اللوبي السعودي الذي يؤثر في صناعة القرار؟ أم المحافظون الجدد المعادون للمعسكر الإيراني؟".

وينوه الباحثان إلى أنه "كما يقول الباحث ماكس ابراهامز، فإن فكرة معارضة السعوديين لقطر بسبب دعمها للإسلاميين سخيفة، وتستدعي لاستحضار فكرة (الأباريق والغلايات وبيوت الزجاج)، فالسبب الرئيسي ليس الإرهاب، لكن التنافس مع إيران".

ويبين الكاتبان أن "إدارة ترامب تتظاهر فهذا هو رئيس جاء للسلطة بناء على جاذبية (القوة) وهو يحب أن يتخذ المواقف المتشددة ضد من يعتقد أنهم أعداء الولايات المتحدة، وهي المواقف ذاتها التي اتخذها من كوبا، حيث يحاول ترامب إلغاء سياسة الانفتاح التي بدأها باراك أوباما مع هافانا، وكذلك اتفاقية باريس للمناخ التي قرر الخروج منها".

ويقول الباحثان: "لو صرخ المتظاهرون الإيرانيون وقادتهم (الموت لأمريكا) فهم أعداء لأمريكا، وأكثر من هذا فإن الحزب الجمهوري وقادته تمسكوا بسياسة معادية لإيران، ولأن ترامب ليست لديه رؤية حول السياسة، فقد تبنى بالأساس موقفا معاديا لها، وعليه مضى مع الجمهوريين والإعلام والمستشارين الذين يعرفهم منذ وقت طويل".

ويخلص الكاتبان إلى القول إن "تغير التوجهات يعني عدم الالتزام بالسياسة لمدة طويلة، فلو كان هناك مسؤولون عقلانيون في واشنطن لتركوا الشرق الأوسط، ولتوقفوا عن دعم السعودية وحربها الانتحارية في اليمن وحروب الوكالة في سوريا، ولركزوا على تحسين حياة الآلاف من الناس ممن صوتوا للتغيير، وبدلا من ذلك تعرض ترامب للإكراه من السعودية، وتم جره إلى نزاع سيزيد من زعزعة استقرار الخليج، ويثير حروب الوكالة".
التعليقات (0)