بورتريه

تعرف على الشيخ المقدسي المرابط خطيب "الأقصى" (بورتريه)

خطيب الأقصى عكرمة صبري بورتريه
خطيب الأقصى عكرمة صبري بورتريه
مقولاته حول القدس وانتقاده "اتفاقية أوسلو" عرضته للاعتقال أكثر من مرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وإلى الإقالة من منصب مفتي القدس والديار الفلسطينية من السلطة الفلسطينية، بعدما اعتبر "اتفاقية أوسلو" إحدى "نكبات" الشعب الفلسطيني.

لا يرى لأي مخلوق "حصانة" في استباحة المسجد الأقصى، حاسما الأمر بقوله: "الله وحده يملك حصانة في الحرم القدسي". واستكمالا للمشهد اللغوي والموقف الشرعي يرى أن "التدويل أو التهويد للقدس والأقصى مرفوضان ومحرمان شرعا"، و"من ينزعج من صوت الأذان في مدينة القدس فإننا ندعوه لأن يرحل عنها"، بحسب قوله.

عكرمة صبري، المولود في عام 1939 في مدينة قلقيلية، رئيس "الهيئة الإسلامية العليا" وخطيب المسجد الأقصى، كان مفتي القدس والديار الفلسطينية في عام 1994 وحتى إحالته على التقاعد في 2006 لمواقفه غير الموالية للسلطة الفلسطينية.

وكانت عائلته معروفه بالتدين، والده هو سعيد صبري، قاضي بيت المقدس وعضو محكمة الاستئناف الشرعية وعضو مؤسس لـ"الهيئة الإسلامية العليا في القدس".

حصل عكرمة على الثانوية من "المدرسة الصلاحية" في مدينة نابلس، حيث كان والده يعمل قاضيا في المدينة حينها، وحصل على البكالوريوس في الدين واللغة العربية من "جامعة بغداد" عام 1963، والماجستير في الشريعة من "جامعة النجاح الوطنية" في نابلس عام 1989، فيما حصل على شهادة الدكتوراه (العالمية) في الفقه العام من كلية الشريعة والقانون في "جامعة الأزهر" وموضوع الرسالة "الوقف الإسلامي بين النظرية والتطبيق" عام 2001.

تتلمذ على يد علماء كبار إضافة إلى والده سعيد صبري، منهم: مصطفى الزرقا ومعروف الدواليبي ومحمد حسين الذهبي وياسين الشاذلي.

عمل مدرسا في بداية حياته العملية في "ثانوية الأقصى الشرعية" بمدينة القدس (المعهد العلمي الإسلامي سابقا)، وبعد حرب حزيران/ يونيو عام 1967 تولى إدارة المدرسة التي انتقلت من مقرها في بناية "المدرسة التكزية"، بعدما استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى بناية "دار الأيتام الإسلامية" في البلدة القديمة في القدس، قبل أن تنتقل إلى أروقة المسجد الأقصى المبارك في باب الأسباط.

تولى بعدها عددا من المناصب منها مديرا للوعظ والإرشاد في الضفة الغربية ومديرا لـ"كلية العلوم الإسلامية في أبو ديس"، وعمل في عام 1992 على تأسيس "هيئة العلماء والدعاة في فلسطين"، وهو عضو مؤسس في "رابطة مؤتمر المساجد الإسلامي العالمي" في مكة المكرمة وعضو "المجمع الفقهي الإسلامي الدولي" في جدة، وانتخب رئيسا لـ"الهيئة الإسلامية العليا" في القدس عام 1997.

تعرض مرارا للنقد والمضايقة والاستجواب والاعتقال والاعتداء بالضرب وإطلاق الرصاص من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وقف ضد الانتهاكات الإسرائيلية التي تطال المسجد الأقصى، وكان الصوت الأجرأ مع الشيخ رائد صلاح، والصوت الداعي إلى إنقاذه من عمليات التهويد، وتصدى لمحاولات إسكات صوت الأذان في مساجد القدس المحتلة، ووقف ضد القرار غير المسبوق بإغلاق باحات الأقصى أمام المصلين يوم الجمعة الأسبوع الماضي.

ورفض إجراء الاحتلال وضع "بوابات إلكترونية" وكل إجراء يقوم به لتغيير الواقع القائم في الأقصى، معتبرا أن الهدف من هذه "البوابات" هو فرض السيادة على الأقصى.

وأصيب قبل أيام برصاصة مطاطية، بعد أن هاجمت قوات الاحتلال آلافا ممن أدوا صلاة العشاء في منطقة باب الأسباط في القدس المحتلة، حيث واصل المقدسيون أداء الصلوات حول بوابات المسجد.

وأكد أن "أجر الصلاة" على الحواجز الإسرائيلية المؤدية للأقصى هو "ذات الأجر داخل المسجد الأقصى نظرا لوجود مانع سببه الاحتلال".

وناشد الفلسطينيين من البحر إلى النهر أن يشدوا الرحال إلى المسجد الأقصى ويصلوا حيث يمنعون، وقال: "نحن لا نتعامل مع بوابات الاحتلال، ولا يجوز الوصول إلى الأقصى من خلالها".

لا يراهن على أحد، يراهن فقط على المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى، ولا يعول كثيرا على "دائرة الأوقاف"، ويرى أنها "مسلوبة الصلاحية تجاه المسجد الأقصى، وحراسها شكليون".

ويتحدث بمرارة عن واقع المسجد الأقصى، ويرى أن سلطات الاحتلال تعتبر نفسها الجهة المشرفة المباشرة على المسجد، موضحا أنها "تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، وبخاصة في ما يتعلق بالترميم".

وأكد أن الاحتلال "يُلزم (دائرة الأوقاف) بأن لا تقوم بأي عمل له علاقة بالترميم أو الصيانة، إلا بعد إشعار قوات الاحتلال بذلك، حتى توافق الأخيرة على متطلبات الترميم"، مطالبا إياها بأن "لا تستجيب لأوامر سلطات الاحتلال".

وقال إننا نعتمد في الدفاع عن المسجد الأقصى، والوقوف في وجه سلطات الاحتلال والمقتحمين لساحاته، والتصدي لهم، ورصد تجاوزتهم، على المصلين المرابطين والمرابطات داخله، وذلك ضمن إمكاناتهم، وليس على غيرهم.

اعتبر صبري أن "البوابات الإلكترونية" تمثل "جس نبض لمعرفة ما إذا كان اليهود قادرين على إدارة المسجد الأقصى، ويتحكمون بالداخل والخارج، ويكون لهم سلطة قرار الإغلاق والفتح".

ورغم سنوات عمره التي تجاوزت الـ78 عاما، لا يزال الشيخ عكرمة صبري يرابط في المسجد الأقصى، ويتحمل كل أنواع المعاناة من قبل سلطات الاحتلال، رافضا الصلاة داخل المسجد طالما بقيت "البوابات الإلكترونية"، لأنه يعرف أكثر من غيره أن الهدف من البوابات فرض واقع جديد هو مقدمة لإجراءات أخرى لن تتوقف إلا بهدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم.

عكرمة صبري جزء أساسي من منظومة المرابطة في الأقصى، يتحمل معهم كل عبء ومعاناة طالما بقي الخذلان العربي والإسلامي، فللبيت رب يحميه وقد سخّر له مرابطين يذودون عنه. 
التعليقات (0)