كتاب عربي 21

ميراث الأنثى .. الإجابة ليست تونس!

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
ميراث الأنثى نصف ميراث الرجل في حالات أربعة .. هل هذه هي كلمة الإسلام الأخيرة؟!

الإجابة لا .. هذه هي قراءة القدماء لآيات الميراث، ثمة اجتهادات أخرى لمتخصصين في علم المواريث، ولمجتهدين في قراءة النص الديني، ثمة تأويلات، ثمة تخريجات من داخل المنظومة الأصولية نفسها تستند إلى حق الوصية لإنصاف الأنثى، ثمة حلول، لكنها لا تجد من يتبناها، لا تجد من يتحمس لها، لا تجد من يقتنع بها، لا تطبق، إلا في النادر، حالات شخصية، فردية، لا تغني ولا تسمن من إضطهاد وتمييز، وظلم بين، فما العمل؟

الإجابة في تونس: أن تتدخل الدولة وتفرض الحل التقدمي بقوة القانون، ويفوز السبسي في الانتخابات القادمة بكتلة تصويتية نسائية معتبرة، فهو ذكر القبيلة الذي انتزع لنسائها حقوقهن بحد السيف!

لا أتصور أن هذا يمثل حلا، على العكس، تدخل الدولة بهذا الشكل يعمق المشكلة ويزيدها توترا، ويزيد كراهية المجتمع العربي "المحافظ بطبعه"، وبميراثه التاريخي لأفكار الحداثة وإعادة قراءة النص وفقا للزمان والمكان، ويزيده تشبثا بما يتصور أنه يشكل عناصر هويته!!

الاستبداد وفرض الوصاية يهيئان للسلفية المعاصرة مساحة أكبر لانتشار أفكارهم تحت مظلة النضال ضد الدولة العلمانية المستبدة!!، تجربتنا التاريخية مع تدخل الدولة لفرض أفكار عقلانية تقول ذلك، تجربة المعتزلة، الاتجاه العقلاني الوحيد في تراثنا، والذي لو قدر له الانتصار التاريخي لصرنا إلى غير ما صرنا إليه من وضاعة ونطاعة وانحطاط، ما حدث هو ما يحدث الآن مع الفارق النوعي بين المعتصم والسبسي وبين ابن حنبل وأبناء آل سعود، محنة خلق القرآن صنعت من رجل إمكاناته محدودة إمام مذهب، وهو الذي لا يعده كثير من القدماء والمحدثين فقيها أصلا!، وكما استخدم العباسيون المعتزلة بالأمس، يستخدم السبسي الحداثيين اليوم، تربح الدولة ويخسر المجتمع ..
 
لا يعني ذلك أنني لا أقدر شجاعة ابن حنبل، ولا أنني أنحاز – في المجمل - لفكرة خلق القرآن، إنما يعني بوضوح أن "الأفكار"، و"القناعات" لا تفرض على الناس بقوة الدولة، إنما بتعليم محترم، ومناخ ثقافي حر، ومساحة أكبر للتعبير، بالتنوع والتسامح والنضال والصبر، بمراكز الأبحاث، والصحف والمجلات والميديا المسموعة والمرئية بخطب الجمعة "الواعية" لا بخطب السبسي التي يزايد بها على حزب النهضة!!
 
أتفهم جيد احتفاء كثير من مثقفينا – خاصة في مصر – بالقرارات التونسية الأخيرة، أتفهم منطق الانحياز لـ "أي" إجراء ينصف المرأة ولو كان اجراء استبداديا في مواجهة استبداد أصحاب الرواية الشائعة التي لا يرون فيها إلا الدين معرفا بالألف واللام وما سواء كفر وإلحاد وتجديف ولا حق له في الوجود والحياة، ولكن .. لا ينبغي أن يجرنا استبداد التراثيين إلى الاحتفاء باستبداد مساو له في المقدار لمجرد أنه مضاد له في الاتجاه، سواء في ميراث الأنثى أو في تعدد الزوجات!
ستحصل المرأة العربية على هذه الحقوق، يوما، حين تنتصر أفكارنا على أفكار ذكور القبيلة في "عقول" الناس، بقوة الحجة والمنطق، وفي "قلوبهم"، بقوة الفنون والآداب، بالرواية والشعر والسينما والمسرح، بالفكر الديني الحر، هنا سيصبح حق المرأة في أن تكون إنسانا كاملا تطورا طبيعيا لأفكار المجتمع، وحراكه التاريخي، لا فرضا استبداديا فوقيا وجزء من معادلة سياسية وانتخابية رخيصة ..

ما أسهل الالتفاف على القوانين، ما أسهل أن يعاند كثير من الآباء ويوصون بثلث التركة، وربما أكثر، لذكورهم ليحققوا ما يظنونه دينا، ما أسهل أن يتزوج الرجل بواحدة ويواعد عشرة، لا ثلاثة أخريات، فلا قانون في تونس، ولا في غيرها، يحظر ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، فماذا ستفعل الزوجة الواحدة وقتئذ؟ وماذا سيفعل لها تدخل الدولة؟ وماذا سيفعل لها القانون؟ وماذا سيفعل لها البرلمان؟ وماذا سيفعل لها السبسي بعد أن يكون قد حصل على صوتها الانتخابي وانتهى الأمر؟

وأخيرا .. ما الفارق بين فرض قوانين تنتصر لوجهة نظر حداثية بقوة الدولة وبين فرض قوانين تلزم المرأة نمطا دينيا محافظا بقوة الدولة والقانون والدستور والصناديق؟! ما الفارق بين ما يريده أكثر الإسلاميين تشددا وانتهازية والتفافا على قيم الديموقراطية وبين ما يفعل السبسي الآن ويهلل له كثير من مثقفينا؟ ما الفارق بين فقيه الإنسان وفقيه الطغيان إذا كان كلاهما يتدثر بعباءة السلطان؟
3
التعليقات (3)
صالح لطفي
الجمعة، 25-08-2017 02:22 م
مأساة من يكتبون في نصوص الدين أنهم بين معتزلة محدثة تأثرت من ىلغرب ولم تستوعب فلسبته الحداثية وناصبت الأصالة قديمهى وحديثهى أما العداء وإما الخبال ولما تتنبه لحجم الغزو الفكري اللاتيني لمنظوماتنا المختلفة وما الحالة الةونسية أ? مثال من أمثلة استبطان الحداثة وفشله في استبطان ا?صالة مع حفظ ا?جتهاد ?هله. أذ لو كان لكل ناعق الحق في تفسير النص وزعم علمنته حق ودليل انفتاح العقل لصارت الصوات ص?ة واحدة والصيام أيما محددة والزكاة فريضة زائلة ولا تسأل عن الجهاد. حقوق المرأة وأمثاله من المواضيع يثيره ارباب التدين العلماني عندما تحزب ا?مور ويسعون لتمرير سياسات كبرى توجه مسار ا?مة .أ حا الى فترات الستينات من القرن السالف وفارنها بفتنة اليوم ليتكشف لك بعض مستور العلمانيين
هلال عمر
السبت، 19-08-2017 12:25 ص
الميراث .... يا أستاذنا ليس فيه قراءة قدماء وقراءة محدثين ........إلخ .... ولا يوجد حق الوصية لإنصاف الأنثى (الوصية دي شيء يرجع لصاحب التركة .... ومش مرتبطة بأنثى أو ذكر) ..... أنا أحترم انحيازك وانتصارك للديمقراطية والعقل ..... ومناهضتك للاستبداد ..... لكن في مناطق لما بتدخل فيها بتقلقني ...... هذا المقال مذكور فيه كلام للدكتور محمد عمارة .... من أكثر من انتصروا للفكر المعتزلي في الأزهر الشريف وهذا رأيه في المواريث (بدون الهري اللي حضرتك بتحكي فيه ده في أول المقال ( قراءة القدماء لآيات الميراث، ثمة اجتهادات أخرى لمتخصصين في علم المواريث، ولمجتهدين في قراءة النص الديني، ثمة تأويلات، ثمة تخريجات من داخل المنظومة الأصولية نفسها تستند إلى حق الوصية لإنصاف الأنثى ) توريث المرآة على النصف من الرجل ليس موقفا عاما لكل الذكور وكل الإناث فالقرآن الكريم لم يقل : يوصيكم الله في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين ، إنما قال: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" أي أن هذا التمييز ليس قاعدة ثابتة في كل حالات الميراث أنما هو في حالات خاصة ، بل ومحدودة ، من بين حالات الميراث بل أن قاعدة المواريث في الإسلام لا يرجع إلى معايير الذكورة والأنوثة بل أن هذا التمايز بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسفة الميراث الإسلامي إنما تحكمه 3 معايير . كما يقول المفكر الإسلامي د/محمد عمارة وهذه المعايير هي ، درجة القرابة بين الوارث وبين الموروث فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب من الميراث وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب من الميراث ، المعيار الثاني للميراث هو ، موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعبائها عادة ما يكون نصيبها اكبر من نصيب الأجيال التي تستبدر الحياة ذلك بغض النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات، فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه، بل وترث البنت أكثر من الأب حتى لو كانت رضيعة وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التي للابن والتي تنفرد البنت بنصفها ،وكذلك يرث الابن أكثر من الأب وكلاهما من الذكور ، أما المعيار الثالث لتحدد الميراث فهو ، العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى أو انتقاص من ميراثها، بل العكس هو الصحيح ففي حالة ما إذا اتفق الوارثين في درجة القرابة اتفقوا وتساووا في موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال مثل أولاد المتوفى ذكورا وإناثا يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في تفاوت أنصبة الميراث ولذلك لم يعمم القران الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين أنما حصره في هذه الحالة بالذات فقال في الآية الكريمة : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " والحكمة من التفاوت في هذه الحالة بالذات هو أن الذكر مكلف بإعالة أنثى وهي زوجة مع أولادها بينما الأنثى أخت الذكر مع أولادها على الذكر المقترن بها اعالتها فهي مع هذا النقص في ميراثها أكثر حظا وامتيازا منه فميراثها مع إعفاءها من الإنفاق الواجب هو ذمة مالية خالصة ومدخرة لجبر الاستضعاف الأنثوي . ويضيف د/ محمد عمارة :أن استعراض حالات الميراث في علم المواريث يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين فيتضح منها، أن هناك 4 حالات فقط ترث فيها المرآة نصف الرجل ، وأكثر من 30 حالة ترث فيها المرآة مثل الرجل تماما، وهناك 10 حالات ترث فيها المرآة أكثر من الرجل ، بالإضافة إلى أن هناك حالات ترث فيها المرآة ولا يرث نظيرها من الرجال ويشرح د/ صلاح الدين سلطان أستاذ الفقه الإسلامي ، هذه الحالات بالتفصيل : أن الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل في أربع حالات وهي وجود البنت مع الابن أي كان الجيل لقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " الحالة الثانية ، عند وجود الأب مع الأم ولا يوجد للمتوفى أولاد ولا زوجة لقوله تعالى" فإن لم تكن له ولد وورثه أبواه فالأمة الثلث " فهنا يكون للأم الثلث يتبقى للأب الثلثان الحالة الثالثة فهي وجود الأخ مع الأخت لقوله تعالى " إن كانوا اخوة رجالا ونساء فالذكر مثل حظ الأنثيين أما الحالة الرابعة إذا مات الزوج فالزوجة ترث الربع ان لم يكن لها ولد واذا كان لها ولد ترث الثمن ، أما إذا ماتت الزوجة فيرث الزوج النصف اذا لم يكن له واذا كان له ولد فيرث الربع ، لقوله تعالى: " لكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ،فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ". أما الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل فهي تعدت ال30 حالة ، من أمثال هذه الحالات : حالة ميراث مع الأم عند وجود ابن او بنت ، وكذلك ميراث الأخوة أو الأخوات من جهة و أيضا تتساوى المرأة مع الرجل في حالات انفراد أحدهما بالميراث والحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل ، فيقول د/ صلاح الدين أن نظام المواريث في الشريعة الإسلامية على طريقتين رئيسيتين هما الميراث بالفرض وهو القوانين الواردة في القرآن الكريم ، ونظام الميراث بالتعصيب وهو الباقي بعد توزيع الميراث . و قد ثبت أن المرأة ترث في أكثر من 17 حالة بالفرض مقابل 6 حالات للرجل بالفرض فقط ويتضح من ذلك كما يشرح د/ صلاح الدين أن أكبر فروض الميراث في القرآن الكريم هو الثلثان ، وهذه النسبة لا يحصل عليها رجل ، فهي نسبة مخصصة للنساء فقط في 4 حالات وهي للبنتان أو بنتا الابن أو للأختان و نسبة النصف في الميراث لا يحصل عليها من الرجال إلا الزوج عند عدم وجود ورثة آخرين ، وهذه النسبة تعطى لأربع نساء هن ، البنت الواحدة ، وبنت الابن الواحدة ، الأخت الشقيقة الواحدة والخت لأب الواحدة . ونسبة السدس تأخذه 8 منهم 3 فقط للرجال وهم الجد والخ لأم والأب ، وتأخذه 5 من النساء هم الأم والجدة ، بنت الابن والأخت لأب ، والأخت لأم
الإختيار صراحة
الجمعة، 18-08-2017 10:40 ص
إذا كنت مع أفكار السبسي فلماذا تكتب ضده،يمين يسار،أنت نظري والسبسي يطبق،يوجد شيء إسمه الإختيار،فإما الشرع وإما بني علمان،الغرب لا ينكر أن قوانينه الإجتماعية تغيرت منعكسة للتطورات الإقتصادية دون أي مرجعية دينية،الألة والإسمنت،إذن الإشكالية هي بالإختيار هل نغير القيم الإجتماعية أم لا،ولننظر مايسمى المجتمع المتضر الذي سبقنا بأربعمائة سنة حتى لا نقول نحن نختلف ولدينا ريشة،الطلاق والتفكك الأسرى وإستيراد البشر.