مدونات

مبادرة "إنقاذ مصر"

محمد إسماعيل - كاتب مصري
محمد إسماعيل - كاتب مصري
جميع العقلاء في أرض الكنانة (مصر) وخارجها يرون أن بلادنا تمر بأزمات حادة وعنيفة على مختلف الأصعدة، فهناك كارثة سد النهضة وتعطيش مصر، وتبوير أراضيها، وتركيع شعبها، وتحكم إسرائيل في منابع ضخ المياه.

وهناك تفريعة القناة الجديدة التي تُعتبر خط برليف جديد يعزل مصر عن سيناء، وأموال ضائعة من مدخرات المصريين لخدمة إسرائيل. لا شك أن جولة نتنياهو بإفريقيا وزيارته لإثيوبيا للاطمئنان على روافد النيل الذي صار تحت سيطرة الكيان الصهيوني لم تكن لتحدث، إلا إذا كانت الشقيقة الكبرى القوية مصر تحت حكم إسرائيلي غير مباشر.

وبذلك يملك الكيان الصهيوني ورقة ضغط قوية على شعب يعتمد على النيل كمصدر أساسي للشرب والزراعة؛ حينها يأتي دور التفرعية التي ظن البعض أنها حُفرت هباء أو غباء أو حتى لرفع الروح المعنوية للمصريين، بينما يحكي واقعها عن ضرب جميع الخطط التي عمل عليها الجيش المصري بمخابراته الحربية طوال عقود من الزمان ليجتاز قناة السويس في أسرع وقت ممكن، حال حدوث أي خطر يهدد سيناء؛ لتأتي قناة السويس الجديدة فتعطي حماية مزدوجة للعدو وتربك جميع دراسات الجيش والمخابرات التي عكفت عليها المؤسسة العسكرية المصرية عشرات السنين بعد حرب 1973، وربما اطلع عليها أو شارك فيها السيسي نفسه.

وهناك إخلاء متعمد لمنطقة سيناء بهدف عزلها عن مصر وخلق إرهاب مصطنع؛ حتى تكون سيناء منطقة فارغة من السكان والمباني وتكون مكشوفة تماما للعدو الإسرائيلي ومنطقة معزولة عن مصر، وقد تكون مدينة مجهزة لأهل غزة عند ضرب قطاع غزة من جميع الاتجاهات.

وهناك جزيرتا تيران وصنافير المصريتان اللتان تم تسليمهما للسعودية؛ ليتحول المجري المائي من مجرى مائي إقليمي إلى مجرى مائي دولي؛ فتعبر السفن الإسرائيلية دون تفتيش أو إذن على الأراضي المصرية، وتكون قناة بن جوريون الجديدة هي القناة البديلة لقناة السويس دون أي عائق.

وكذلك، هناك ترسيم للحدود مع اليونان، حيث تم تسليمها موارد مصر من الغاز، في حين تقوم القاهرة باستيراد مصر للغاز بأغلى الأسعار وبعضه من الكيان الصهيوني. هناك بيع للأراضي المصرية للأجانب بأبخس الأسعار بعد هبوط الجنيه أمام الدولار بشكل متعمد لضمان بيع مصر بأقل التكاليف، فضلا عن تدهور الصحة والتعليم، والانفلات الأخلاقي والأمني، وسجن وقتل الشباب المتعمد. وهناك الكثير الكثير من القضايا المشتركة التي لا يختلف عليها كل مواطن محب لوطنه مصر.

وفي المقابل، هناك شرعية مسلوبة لرئيس منتخب مختطف في سجون النظام الحالي. وهناك من يعادي السيسي ويرفضه ولا يقبل بشرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي، بل ويعتبرها منتهية الصالحية، فهناك من يعتبر الإخوان هم سبب ما نحن فيه من وصول للجنرال السيسي لسدة الحكم، وهناك من يعتبر التيار الليبرالي والذين خروجوا في الثلاثين من يونيو هم أساس الانقلاب وسببه، بحجة التآمر والخيانة مع العسكر للانقلاب على الرئيس الشرعي، وكل طرف له مبرراته المقنعة.

وأقول لهؤلاء وهؤلاء إن مصر تُسلم وتُباع وتُركع، ونحن ما زلنا نختلف على أشياء لا تثمن ولا تغني من جوع، فكما ذكرت في بداية كلامي أن هناك أسبابا تجمعنا على التوحد، وأرضية مشتركة حقيقية وأمن قومي ينتهك، وليس لدينا رفاهية الوقت والاختلاف.

أقول لهم لا تتخلوا عن مبادئكم، بل كل منكم يعمل على تسويقها وشرح مدى أهميتها والحفاظ عليها وإقناع الآخر بها بالمنطق والحجة ودون تجريح، من خلال منظمته أو جمعيته أو حزبه أو ما شابه ذلك، ولكن تعالوا إلى كلمة سواء، فلنعمل على القواسم المشتركة من إنقاذ نهر النيل، واسترجاع تيران وصنافير، وخطر التفريعة الجديدة، وتسليم سيناء، وبيع أراضي مصر، وإنقاذ شباب مصر، وفوق كل ذلك إسقاط النظام.

أليس كل هذا يستحق منا أن نتناسى، ولو مؤقتا، خلافاتنا التي لا يستفيد منها إلا السيسي ونتنياهو؟ أليس مصر وشعبها يستحقون منا أن نعمل سويا دون منّ بعضنا على بعض؟ أدعوكم جميعا أن نأخد مبادرة واحدة ونسميها "إنقاذ مصر" على أن يكون الزمان في مدة لا تزيد عن الثلاثة أشهر، والمكان الأيسر للغالبية.

أنقذوا مصر، فالتاريخ لن يرحمنا جميعا، وسوف يكتب هذا الجيل حروفه من الخزي والعار، وسوف تلعننا الأجيال القادمة دون رحمة، أليس الله من قال في كتابه الكريم: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، وقال أيضا: "ولا تزر وازرة وزر أخرى".
التعليقات (1)
ebn saleh
الخميس، 07-12-2017 04:45 م
لم اجد اروع من هذا المال