كتاب عربي 21

نصرالله يحذّر من تقسيم العراق.. ماذا عن لبنان؟

نزيه الأحدب
1300x600
1300x600

اعتاد اللبنانيون فيما مضى على عدم ذكر مرض السرطان باسمه فيقولون عنه "هيداك المرض" أي ذاك المرض، وكأنه ينتقل بالعدوى بمجرد ذِكره باسمه الصريح.. في السياسة بقي التقسيم في لبنان هو السرطان الذي يتجنب الجميع الخوض فيه بالمباشر، فالحديث في ما أقل منه كالفيديرالية أو الكونفيديرالية يعتبر هزاً للمسلَّمات، فكيف بالكلام على تقسيم البلد الذي وضع له رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون عندما كان قائداً للجيش شعاراً جذاباً فقال عنه "لبنان أكبر من أن يُبتَلَع وأصغر من أن يُقَسّم".

لكن ما هي حيلة اللبنانيين عندما يكون قرار التقسيم خارجياً ومن نفس القوى الدولية، أو وَرَثتِها، التي أعطت لبنان وغيره من دول المنطقة مساحاتها وحدودها الحالية؟.. عندئذ سيكون الكلام توصيفياً لما سيكون وليس دعوةً للتقسيم.

في آب أغسطس عام 2015 قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، "إن المشروع الأميركي الحقيقي هو تقسيم العراق وسوريا والمنطقة وحتى السعودية"، وقبل أيام قليلة عاد نصر الله ليكرر رؤيته وهذه المرة من باب تحذير القيادة السعودية من دعم انفصال إقليم كردستان عن العراق، فاعتبر أن استقلال كردستان هو بداية لمشروع تقسيم المنطقة، لافتاً إلى أن تقسيم العراق وسوريا سيصل إلى المملكة العربية السعودية. وهو بذلك يلتقي مع كلامٍ قاله الرئيس الأسبق للجمهورية اللبنانية كميل شمعون عام 1975 في حمأة الحرب الأهلية عندما سُئل هل هي بداية لتقسيم لبنان، فأجاب بأن إعادة تقسيم المنطقة يبدأ من العراق، لكن السيد نصرالله لم يذكر شيئاً عن لبنان، فهل هو معفي من التقسيم؟.

يقول المحلل الإسرائيلي البارز إسرائيل شاحاك "لقد أثبت العالم العربي عجزه عن التحليل المنطقي للمستقبل..."، وربما هذا ما يدفع الكثير من مراكز الأبحاث الأميركية والصهيونية إلى نشر خططها لتوعية جمهورها.

وفي بعض هذه الخطط ورد ذكر لبنان أكثر من مرة على طاولة التقسيم، واعتُبر بأن تنوعه الديمغرافي الطوائفي يخدم فكرة حدود الدم التي يراد أن تُسَوِّر الدويلات الجديدة. ففي لبنان سنةٌ وشيعة ومسيحيون ودروز كمكونات أساسية، ويمكن بحسب تلك الخطط تقسيم البلد الصغير إلى أربعة ولايات أو ستة مع الأخذ بالإعتبار الوجود الفلسطيني الذي يمكن أن يتم تحديد رقعة انتشاره في مخيم عين الحلوة وجواره في مدينة صيدا في توطينٍ مقنَّع ومحاط بالأعداء.

في القرى المسيحية اللبنانية ينشط حراك الأحزاب بشكل حيوي كبير تحت شعار يشبه النداء الروحي الواثق ويقول "إن عزّ المسيحيين عائد إلى لبنان" والعز هنا يأتي بمعنى استعادة السيطرة السياسية على مفاصل الدولة.. بتحليلٍ متجرد للمعطيات الحالية يبدو الشعار ضرباً من المستحيل في ظل وجود حزب الله بكل إمكانياته الكبيرة وعلى كل الأصعدة والتي جعلت منه قوةً إقليمية، وفي ظل الديموغرافيا اللبنانية الحالية التي حولت المسيحيين إلى أقلية نسبياً، لكنهم أكثرية ساحقة في مناطق جبل لبنان.

فمن يدري، ربما يكون "العز العائد" للنفوذ المسيحي يدخل ضمن حسابات الخريطة الغربية الجديدة، فإذا تقسّم العراق ستتقسّم السعودية وسوريا كما يقول السيد نصرالله. فهل سيقف المقص عند أسوار لبنان أم إن مصيره ملازم لمصير سوريا، إذا قُسّم الكبير قُسّم الصغير؟
0
التعليقات (0)