حقوق وحريات

هذه رسالة أهالي المحكوم عليهم بالإعدام إلى القضاء المصري

وزير العدل المصري الأسبق: الأحكام مسيسة وتصدر استجابة لهوى النظام السياسي ولا تمت للقانون بصلة- أرشيفية
وزير العدل المصري الأسبق: الأحكام مسيسة وتصدر استجابة لهوى النظام السياسي ولا تمت للقانون بصلة- أرشيفية
جدد أهالي المحكوم عليهم بالإعدام في مصر، في اليوم العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، مطالبتهم بوقف تنفيذ كافة الأحكام المسيسة بحق ذويهم المعتقلين في سجون الانقلاب العسكري، والصادرة ضدهم أحكام انتقامية في قضايا ملفقة. 

وتشير الإحصائيات الحقوقية إلى وجود 1934 صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، تم نقض الحكم بحق 931 محكوما، و ينتظر 124 محكوما آخرين قرار المحكمة في النقض المقدم، وصدرت أحكام نهائية بالإعدام ضد 16 معتقلا ينتظرون تنفيذ الأحكام.

ووصف والد أحد المحكوم عليه بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا باسم قضية "استاد "كفر الشيخ، الحكم ضد ابنه لطفي إبراهيم خليل بالظالم، مؤكدا أنه صدر من محاكم عسكرية استثنائية تفتقر لمعايير النزاهة.

قضايا ملفقة

وتعود قضية استاد كفر الشيخ إلى 19 نيسان/ أبريل 2015، واتهمت النيابة العسكرية 16 شخصا، وفق أمر الإحالة، بالقتل العمد لثلاثة طلاب بالكلية الحربية، والشروع في قتل طالبين آخرين نتيجة التفجير الذي حدث في مكان دخول طلبة الكلية الحربية يوم 15 نيسان/ أبريل 2015 بإستاد كفر الشيخ.

 وقبل نهاية حزيران/ يونيو 2015، تم إحالة القضية إلى دوائر الجنايات بالقضاء العسكري، وذلك رغم أن التحريات العسكرية التي أجرتها المنطقة الشمالية العسكرية بخصوص الواقعة، أقرت بأنها "لم تتوصل لمرتكب الواقعة نظرا لعدم وجود كاميرات بمكان الحادث، وأن الكاميرا رقم 1 يصعب من خلالها تحديد مرتكبي الواقعة نظرا لبعد المسافة ووجود عائق رؤية.

وقال خليل، لـ "عربي21": "منذ شهر مضى  ظهرت قضية (ولاية الصعيد) وخلال التحقيقات، اعترف المتهمون بأنهم من فجروا أتوبيس الكلية الحربية بإستاد كفر الشيخ مستهدفين فيه طلبة الكلية الحربية، وهذه أدلة جديده وحسب القانون الجنائي ومواده رقم 441 من ذات القانون، أنه في حالة ظهور أدله جديده وقدمت، فمن حق المحكمة أو النائب العام إيقاف التنفيذ."

وتابع: "بناء على ما سبق، تقدمنا بالتماس جديد للمدعي العام العسكري، وارفقنا به اقوال المتهم واعترافه وهي أوراق رسميه من تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا وقرار الإحالة ، ومع ذلك رفض الالتماس".

وبدأت محكمة جنايات الجيزة، في 4 أكتوبر، أولى جلسات محاكمة 66 مصريا في اتهامهم بتشكيل خلية إرهابية والانضمام إليها، تتبع تنظيم الدولة، المعروفين إعلاميا بـ"تنظيم ولاية الصعيد". وتتضمن القضية 43 متهمًا محبوسين احتياطيا، فيما لا يزال بقية المتهمين هاربين ومن بينهم سيدتين.

وقالت هبه على، زوجة أحمد عبد المنعم سلامه، أحد المحكوم عليهم في قضية "استاد كفر الشيخ"، إن المحكوم عليهم ظلما في هذه القضية تم اعتقالهم من أماكن عملهم، واتوا بشهود علي ذلك ولكن المحكمة لم تأخذ بشهادة اي منهم ، مؤكدة أنه تم إجبار المحكوم عليها بالاعتراف باتهامات لم يرتكبونها تحت وطأة التعذيب لمدة 76 يوما من الاختفاء القسري.

وأشارت زوجة سلامة، لـ "عربي21"، إلى أن الحكم بات واجب التنفيذ، موضحة أن المدعي العسكري رفض كل الالتماسات المقدمة له، دون أن يعطينا ورقة واحده بالرفض سواء في رفض النقض، أو رفض الإلتماسات كي نرفع بها  قضية في القضاء الإداري أو المخاصمة في المحكمة الدستورية بحجة أنها أسرار عسكريه.

فجور الخصومة

وأوضح والد عبد البصير عبد الرؤوف المحكوم عليه بالإعدام في القضية العسكرية رقم 174، المعروفة إعلاميا باسم "العمليات المتقدمة"، أن نظام الانقلاب العسكري لديه فجر في الخصومة السياسية، مؤكدا يستخدم أحكام إعدام الشباب كعصاه غليظة إرهاب المواطنين.

وأضاف عبد الرؤوف لـ"عربي21": " قضية (174) ستصبح قريبا مادة مرجعية للباحثين القانونين على ما اقترفه القضاء العسكري وتلوث يده بالدماء، وسيكون العنوان الواضح الذى لا لبس فيه ،أن  القضاء العسكري يقتل الشباب المصري البريء المتفوق باسم القانون، حيث قدمنا تظلم ولم يقبل وقدمنا طعن  من حوالى سنة ولم تحدد له جلسة حتى الآن".

ووجه رسالة إلى مجلس القضاء الأعلى، سائلا إياهم عما إذا كانوا يرضون أن تصدر أحكاما بالإعدام بدون جرائم وبالمخالفة للقانون، ورسالة أخري وجهها للقضاة العسكريين قائلا لهم" أنكم عسكريون ولا يحق لكم أن تحاكموا مدنيين تنحو وتوبوا"، مطالبا الإعلام بكشف الحقيقة.

وصدق وزير الدفاع بحكومة الانقلاب في مصر، صدقي صبحي، في 22 سبتمبر الماضي، على قرار إعدام ثمانية متهمين في القضية العسكرية رقم 174، المعروفة إعلاميا باسم "العمليات المتقدمة".

وكانت المحكمة العسكرية المصرية للجنايات- الدائرة السادسة قد أصدرت في يوم 29 أيار/ مايو الماضي الحكم في القضية 174 لسنة 2015، وشمل الحكم "8 أشخاص بالإعدام شنقا، منهم ستة سجناء واثنان آخران لم يتم القبض عليهما، وذلك بعد موافقة مفتي الجمهورية في 25 شباط/ فبراير 2016.. 12 شخصا بالسجن المؤبد منهم ستة سجناء وستة آخرون لم يتم القبض عليهم.. ستة أشخاص بالسجن المشدد 10 أعوام وجميعهم سجناء، وبراءة اثنين".

إعدام بدون دماء

من جانبها قالت مروة أبو زيد زوجة عبد الرحمن محمد حسن المحكوم عليه بالإعدام في قضية "خلية الجيزة " لـ"عربي21": "إن قضية 250 حصر أمن دولة عليا، والمعروفة إعلاميا باسم خلية الجيزة والمتهم فيها زوجي و 10 آخرين وتم تحويل أوراقهم إلى المفتي، ليس بها نقطة دم واحدة، ولا يوجد بها ضحايا، وهذا هو الشيء الغريب في هذه القضية.

وأضافت مروة:"الأزمة الحقيقة تتمثل في عدم توافر شروط العدالة المطلقة، واعتماد القضاة على تحريات الجهات الأمنية في الحكم بالإعدام بلا أدلة وأسانيد وقرائن تثبت ارتكاب أي متهم لجريمة، بل هناك أحكام صدرت بالإعدام بالشبهة، وأحكام جماعية دون تثبت من ارتكاب أي متهم منهم لجريمة، أو دون تحديد دور كل منهم" .

تصفية جسدية 

وفي تعليقه علي هذه القضايا قال وزير العدل المصري الأسبق، المستشار أحمد سليمان لـ "عربي21": "لم تشهد مصر طوال تاريخها منذ نشأة القضاء المختلط  ثم القضاء الوطني، أحكاما بالإعدام على هذا النحو الذى شهدته خلال السنوات الأربع الماضية، سواء من حيث عدد المحكوم عليهم بالإعدام، أو افتقاد المحاكمات لضمانات المحاكمة العادلة، أو عدم استنادها لأدلة صحيحة قانونا، مؤكدا أن هذه الأحكام هي أقرب ما تكون إلى قرارات التصفية الجسدية.

ووصف سليمان هذه الأحكام بأنها مسيسة، وتصدر استجابة لهوى النظام السياسي ولا تمت للقانون بصلة، لافتا إلى أن محكمة النقض ألغت الكثير من هذه الأحكام لاستنادها إلى تحريات الأمن وحدها كونها لا تصلح دليلا يقام عليه الحكم، وكذا لإخلال المحكمة بحقوق الدفاع، أو عدم إحاطة المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة، أو لمخالفة الحكم للقانون.

وأشار إلى أن صدور بعض الأحكام بإعدام أحداث لم يتجاوز عمر الواحد منهم 18 عاما، فضلا عن حكم صادر بالإعدام وقعه رئيس الدائرة منفردا في واقعة ليس لها نظير في تاريخ القضاء المصري ".

انتقام سياسي

وقال الباحث الحقوقي بالتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أسامة ناصف، لـ"عربي21": " كافة أحكام الإعدام الصادرة تعتمد  علي تحريات الأمن الوطني،  وهى لا تكفي للإدانة، فضلا عن اعترافات تم إجبار المتهمين علي الإدلاء بها حتى لا يكون مصيرهم الموت، وترفض المحاكم تحقيقها حتى لا تجد نفسها مضطرة للحكم بالبراءة علي غير رغبتها في الانتقام السياسي".

وأضاف: "المحاكم تغلق جميع الأبواب التي تؤدي لبراءة المتهم، فضلا عن حجم التلفيق الفاضح والظاهر، وأغلب الجرائم التي حكم بسببها علي معتقلين حاليين ارتكبها آخرون بمعرفة الأمن الوطني في وقائع كثيرة وعديده"، متوقعا أن تكون هذه الأحكام مسارها إلي البطلان.  
التعليقات (0)