كتاب عربي 21

هكذا تحدث عسكري الإسلام

محمد عمارة
1300x600
1300x600
عندما أرادت وزارة الداخلية في نظام يوليو مصادرة كتاب الشيخ محمد الغزالي (1335- 1416 هـ، 1917- 1996م) "قذائف الحق" وأحيل الشيخ إلى التحقيق، قال له وكيل النيابة إن كتابه فيه ما يدعو إلى الفتنة! فسأل الشيخ الغزالي وكيل النيابة هل ما في الكتاب حقائق أم أكاذيب؟ فقال له وكيل النيابة إنها حقائق، لكن ليس كل ما هو حق يقال.

فقال له الشيخ: إن الصمت عن الحق إذا جاز من غير المسؤول ربما كان مقبولا، أما أنا فمسؤول عن الشأن الديني، أنا حارس الإسلام، عسكري الإسلام!
 
وأفرج وكيل النيابة عن الكتاب، لكن وزارة الداخلية صادرته، رغم القانون، فطبعه الشيخ الغزالي بصيدا في لبنان!
 
وعندما رأى الشيخ الغزالي -حارس الإسلام-  تسلل العلمانية الغربية وعدوانها على الشريعة الإسلامية تصدى لها وكتب يقول: "إن العلمانية عندنا قسمان:

1- قسم له مقترحات حسنة في الإصلاح، لكنه لا يعرف الشريعة الإسلامية، فهو يظن أن ما يقترحه ليس من الإسلام، ولو كان واسع الأفق والإطلاع لأدرك أن ما يقترحه هو من الإسلام.

2- وهناك صنف آخر من العلمانيين وجدته جريئا على الله، كارها للإسلام، ضائقا بالكتاب والسنة، وهذا النوع لابد أن أقف منه موقفا فيه يقظة وصرامة، لأن أمتنا تمر بمرحلة عصيبة، تربص بها كل عدو، فإذا تركت ديني تعبث به الأهواء فإني أكون خائنا لهذا الدين، وخائنا لهذه الأمة، نحن في فترة من فترات الدفاع عن النفس وعن الكيان.
 
إن الحكومة في نظر الإسلام حكومة ولاؤها لله، وعملها أن تتبين هدايات الله في النفس والمجتمع والدولة، ثم تمشي في ضوء هذه الهدايات كي ترضي ربها، وتحقق بذلك سعادتها في الدنيا والآخرة، فهي من هذه الناحية ليست علمانية.

وإن كلمة "دولة دينية" لم تعرف في تاريخنا، ولذلك أرفض أن أصف حكومة الإسلام بأنها حكومة دينية بالمعنى الذي يثب إلى أذهان الأوربيين، الذي نقله الاستعمار الثقافي إلى أعداد كبيرة من الغوغاء.

إن الحرية الدينية ابتداع إسلامي، لم تُعرف إلا في تراثنا، نظرية وتطبيقا.

في أوروبا إذا قلت الديمقراطي المسيحي فلا حرج، لكن لو قلت الديمقراطي الإسلامي هنا، قالوا لك: اخرس!

إننا نريد من العلمانيين أن يتعلموا من إسرائيل، فاليهود الذين يحكمون فلسطين باسم نبي من الأنبياء احتقروا العلمانيين ورفضوا أن ينضووا إلا تحت مظلة الدين.

استُجلبت العلمانية ليتم تحت شعارها تغيير الفقه والتشريع، وتغيير الأدب والتربية، وتغيير العلاقة بالله ومنع الاستمداد من وحيه، فالمطلوب ارتداد يتم بطريق التدرج أو الطفرة حسب الظروف والأحوال!

وإذا كان غيرنا معذورا في نبذ مواريث له ناقضت العقل وخاصمت العلم وأشقت الجماهير، فما عذر الذين يطلبون منا أن ننسى دينا قام على العقل والعلم، وجعل شرع الله حيث تتحقق مصالح الجماهير؟

إنني أوصي الأجيال الناشئة أن تلعن كل من يحقر دينها، وأن تتشبث بهذا الدين، وأن تعتمد على الله، وأن تمضي في الطريق وستنتصر إن شاء الله.

هكذا تحدث حارس الإسلام، الذي عاش مرابطا على ثغوره، والذي لا يزال كذلك بواسطة كتبه وخطبه وسيرته.
التعليقات (1)
مصري جدا
السبت، 14-10-2017 09:28 م
رحم الله الشيخ الغزالي ، هو حقا الامام المجدد وصاحب مدرسة التنوير المتمسك بصحيح الكتاب والسنة ، كان يملك حكمة الشيوخ وحماس الشباب وعقل المفكر وقلب العابد ، شرفني الله بحضور بعض مجالسه منذ اكثر من 40 عاما ، فوجدت فيه ضالتي رضي الله عنه