ملفات وتقارير

رافضون لترشح السيسي في الوسط الفني.. وابن العمدة آخرهم

عبر أحمد السعدني عن خشيته من الانتقام منه أو الضغط عليه بفضيحة- (صفحته على فيسبوك)
عبر أحمد السعدني عن خشيته من الانتقام منه أو الضغط عليه بفضيحة- (صفحته على فيسبوك)
انتقلت عدوى رفض سياسات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وأداء حكوماته المتوالية، إلى الوسط الفني، حيث أعلن بعض الفنانين رفضه التوقيع على حملة "#علشان_يبنيها" التي تدعم ترشح السيسي لفترة رئاسية جديدة.

آخر من أعلنوا عن رفضهم لتلك الحملة التي أثارت الجدل في الشارع المصري، بين مؤيد ومعارض، كان الفنان الشاب أحمد السعدني، نجل الممثل صلاح السعدني، الشهير بالعمدة، والذي أكد خوفه من التنكيل به عبر فضيحة أو سجنه بسبب رأيه.

واعترف السعدني، الاثنين، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أنه كان خائفا من كتابة رأيه في حملة "#علشان_تبنيها"، مشيرا إلى أن السيسي سيترشح للرئاسة ومن يريده سينتخبه بلا ضجيج، معتبرا أن تلك الحملة ما هي إلا "تطبيل" للسيسي دون طلب منه.

وحذر السعدني من تلك الحملة، واصفا الشعب المصري بأنه لا يتعلم من تجاربه السابقة، فيما وجه حديثه للسيسي مذكرا إياه بمصير المخلوع حسني مبارك بقوله: "لو يا ريس انت مصدق يبقي مفيش فايدة، أقول لك على حاجة تفكرك (اخترناه وبايعناه)".


وأعلن السعدني خوفه بعد البوست السابق الذي أثار ردودا عليه، خاصة وأن عمه الراحل الكاتب الساخر محمود السعدني؛ كان قد تعرض للسجن والإقصاء في عهد الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، إلى جانب منع والده صلاح السعدني من التمثيل لفترة في سبعينيات القرن الماضي.

وأكد أحمد السعدني، في منشور آخر الأربعاء؛ خوفه من أن يتم التنكيل به مع عدم وجود حرية في البلاد، موضحا أيضا خوفه من التلوين السياسي بأن يتم اتهامه بأنه عميل أو مستفيد أو إخوان مسلمين.

وقال: "كلامي لا يرضي السادة المسؤولين، أكيد خفت يحسبوني إخوان ولا قابض وألاقي نفسي عاطل أو مسجون أو مطلعين لي فضيحة (ما كلنا بنغلط) وهوب أبقي تدمرت عشان قلت (مش عاجبني)".


"ثورة رباب"

وعلى غرار السعدني، رفضت الفنانة رباب ممتاز التوقيع على الحملة، وقالت للسيسي عبر صفحتها في "فيسبوك"، الاثنين: "خليك اقعد ابنيها والناس بتموت فيها"، مرفقة عبارتها بتعبير "تشعر بعدم الأمان".

ودعمت ممتاز موقف أحمد السعدني بتعليق لها على صفحته؛ قائلة: "للأسف ليس عندنا حرية وهو ما لا يولد مجتمعا سليما".

وكتبت ممتاز في نفس اليوم تعليقا على حادث السطو على البنك الأهلي بالعريش: "ستسألون يوما ما على ما فعلتم بنا رحم الله شهداء الوطن".

وكانت ممتاز قد طالبت، في ‏29 أيلول/ سبتمبر‏ الماضي، الشعب المصري بالنزول للشارع اعتراضا على رفع أسعار كروت شحن الهاتف المحمول بدلا من الحديث فقط، وقالت: "بطل هري (حديث بلا فائدة) منك له ليها، والجدع ينزل الشارع أنا بطلت أهري".

حملة إيمي

أما الفنانة إيمي سالم، فقد تزعمت حملة ضد ارتفاع مصاريف المدارس الخاصة والدولية في مصر بداية العام الدراسي الجاري.

كما انتقدت سالم تمديد السيسي لحالة الطوارئ، في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وتساءلت عبر صفحتها في "فيسبوك": "إيه موضوع حالة الطوارئ لمدة 3 شهور، ليه؟". وتابعت ساخرة: "ولا النهاردة ليلة الصب لمصلحة المواطن؟"، في إشارة إلى جملة كان السيسي قد قالها بإحدى المناسبات.

وسخرت سالم يوم 14 أيلول/ سبتمبر من سياسات السيسي الاقتصادية؛ بقولها عبر صفحتها: "كل يوم الدولار ينزل قرشين ويطلع قرشين متأكدين الجنيه متعوم ولا غرقان؟! لازم نطمن على صحته".

"تنظيف الجيوب"

وانتقد الممثل الشاب حسام الجندي؛ سياسات السيسي، وشارك في حملة "مصرية جزيرتي تيران وصنافير"، معتبرا أن التنازل عنهما هو لإسرائيل قبل أن يكون للسعودية.

وعلق الجندي على زيادة أسعر بطاقات شحن الهاتف المحمول، في ‏29 أيلول/ سبتمبر‏ الماضي، واصفا حكومة السيسي بحكومة "تنظيف الجيوب".

وانتقد الجندي سياسات تفريغ جيوب الشعوب برفع أسعار الوقود، وفرض تلك السياسات من الخارج، وقال: "الأمة لا تملك قرارا سياسيا أو اقتصاديا، وإملاءات وقرارات البنك الدولي هي التي تسير دولنا العربية"، مضيفا: "السيسي بحاجة لفريق اقتصادي ذكي يلجأ لاستغلال كنوز مصر وليس استغلال جيوب الشعب".

"هري وتطبيل"

ورفض المنتج طارق الشورى؛ حملة "#علشان_تبنيها"، وقال مخاطبا الفنان أحمد السعدني: "لازم تقول كلمة الحق ولا تخاف لومة لائم، وكلنا نقول أن الاستمارات والهري ده تطبيل من ناس فاكرين إنهم سينالون بها الرضا".

واعتبرت الفنانة الشابة إنجي خطاب؛ أن تلك الاستمارات هي من مجموعة من "المطبلاتية"، معلقة عبر صفحة السعدني بالقول: "شكلهم وحش".

كما أعلن كل من الفنانين المعروف عنهما معارضة النظام: عمرو واكد وخالد أبو النجا، أيضا عن رفضهما لتلك الحملة، ولسياسات السيسي بشكل عام.

وفي نفس السياق، طالبت الإعلامية سوزان حرفي، في مقال لها بصحيفة "المصري اليوم" في 5 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بضرورة معارضة النظام "الذي لم يقدر تضحيات المصريين وصبرهم على قراراته الصعبة؛ مهما كان الثمن".

أقلية بوسط ممالئ

لكن المحلل السياسي خالد الأصور؛ يرى أن "الفنانين هم فئة من المجتمع، وليسوا من كوكب آخر، ويتابعون ما حدث خلال أربع سنوات عجاف"، مضيفا: "من المتوقع بل المطلوب منهم أن تكون مواقفهم تعبيرا عن نبض المجتمع وآلامه وآماله؛ ليس على الشاشة الفضية فقط وشاشة السينما وخشبة المسرح وخلف الميكروفون، بل في واقع الحياة حتى تكون لهم مصداقية لدى الجمهور".

وأكد الأصور لـ"عربي21" أن "مواقف الفنانين الرافضة للتوقيع على التجديد للسيسي هي طبيعية وتأتي في هذا السياق"، مستدركا بقوله: "لكن لنعترف أن هذه الشريحة من الفنانين قليلة جدا بل نادرة؛ لأن الوسط الفني في غالبيته العظمى للأسف يسير في ركاب السلطة".

وأضاف: "إن كان هناك توقع بزيادة مساحة الرفض بين الفنانين، إلا أنه سيكون أيضا في نطاق ضيق في ضوء عقود طويلة من سلبية وتبعية الفنانين وممالأتهم للسلطة؛ باستثناءات تؤكد هذه القاعدة لا تنفيها".

وعن كيفية استثمار هذه المواقف للفنانين في دعم المعارضة ضد السيسي، قال الأصور: "إنني أبتسم حين أسمع كلمة المعارضة؛ إذ ليس لها حضور حقيقي وفاعل ومؤثر، سواء داخل مصر أو خارجها"، معتبرا أن "السيسي نجح في شق أي محاولة للاصطفاف بين أطياف المعارضين وعاونه في ذلك رعونة البعض منهم وسذاجة البعض الآخر"، بحسب تعبيره.

مع كل سلطة

وأكد الباحث السياسي عبد الله النجار؛ أن "الفنانين دائما مع السلطة حتى حين تتغير توجهاتها السياسية، فهم أيضا مع التوجهات الجديدة"، موضحا أن السبب "ربما لأنهم يؤثرون السلامة، أو لأن أغلبهم ليس له توجه سياسي، كما أن وجودهم مع الحكومة قد يضمن لأعمالهم الفنية الاستمرار والحماية من المضايقات".

ودلل النجار على فكرته بقوله لـ"عربي21": "بعد انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952، تحولت الأعمال الفنية للدعاية للنظام الجديد. وحين مال النظام للاشتراكية، تم إنتاج أفلام تمجدها، بل وإعادة إنتاج أفلام تتماشى مع التوجه الجديد"، موضحا أن "فيلم أمير الانتقام، للفنان أنور وجدي، أعيد إنتاجه باسم "أمير الدهاء" للفنان فريد شوقي في الستينات، بعد التوجه الاشتراكي لجمال عبد الناصر، وبمسحة اشتراكية واضحة"، على حد وصفه.

وأشار النجار إلى "أغاني كبار المطربين التي تمجد الجالس على كرسي الحكم بكل عصر، سواء كان الملك أم عبد الناصر أم السادات أم مبارك، والأمثلة أشهر من أن تذكر"، كما قال.

وأوضح أنه في ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، كان معظم الفنانين في صف مبارك، وشاركوا في حملات تشويه الثوار الشهيرة، ولكن ذلك لم يمنع من نزول بعضهم ميدان التحرير والانضمام للثورة.

وقال: "بعد 30 حزيران/ يونيو 2013، وقف معظم الفنانين بصف الانقلاب، إما لأنهم مع السلطة أيا كانت، وإما توجسا من الحكم الإسلامي"، مستدركا بالقول: "لكن ذلك لم يمنع بعض الفنانين من معارضة ذلك والجهر به، بل وأصبح بعضهم منفيا خارج البلاد"، وفق قوله.

وحول تغير موقف بعض الفنانين حاليا من النظام، أكد النجار أنهم "جزء من الشعب المصري، ورأوا التدهور المستمر بكل المجالات. وإذا كان كثير من المؤيدين للنظام قد أعلنوا معارضتهم لأنهم كانوا يأملون بمزيد من الحرية ولكن غرر بهم، فالفنانون جزء من النسيج، ولا بد أن بعضهم يشعر بمعاناة الشعب ويتأثر بها، إن لم يكن أصبح هو شخصيا يعاني".
التعليقات (0)

خبر عاجل