كتاب عربي 21

متى يستشعر الإسلاميون الحرج؟!

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
التضامن مع علاء عبد الفتاح قاسم مشترك بين الجميع، لا أنكر أن إسلاميين محترمين تضامنوا بصدق، وتناسوا أي خلاف سياسي عابر، أو أيديولوجي مستقر. 

ولكن الأزمة أن مركز الثقل الأيدولوجي لدى التيار الإسلامي هو الأكثر هوسا واستقطابا، وبذا يبدو خطاب الكراهية هو الصورة العامة التي تمثل التيار الرئيس، وهو ما يمكن القياس عليه وسواه استثناءات هامشية، لا يسمعها أحد، وإن سمعوها أوّلوها بالتسييس الذي يقابل "الحق" الذي لا مراء فيه، والحق أن الجميع باطل إلا هم.

علاء الذي دفع من حياته سجنا ومن مستقبله حرمانا من منصب رفيع كان ينتظره على الجانب الآخر من الشاطئ، ومن حريته، وحرية أسرته، ومن حرمانه من زوجته وطفلته التي ولدت وهو سجين وتربت وهو سجين وتكبر وهو سجين. 

علاء الذي تضامن مع كل مظلوم في هذا البلد، وقابل كل صلف ضد ثورة شارك فيها وفكرة آمن بها وأسرة انتمى إليها وأيدولوجية انحاز إليها ببشاشة وعفو يحسد عليهما. 

علاء هذا مختصر لدى قطاع كبير من الإسلاميين في فيديو صغير يقف فيه على تخوم اعتصام النهضة ويسمح لنفسه أن ينتقد "جند الله"، في أكثر -وأقسى- فترات الثورة المصرية ضبابية واستقطابا!

علاء الذي عارض مبارك، وعارض مرسي، وعارض السيسي، وناضل في وجه الجميع من أجل الجميع، لم يجد منصفا -له صوت عال- وسط فصيل بالملايين ليقول إنه يستحق الدعم لا التشفي، وإن الرجال لا يقفون عند المثال، وإن مشهدا من دقيقتين لا يمكن أن يقضي على مكانة رجل نحتها في صخر البؤس الذي نعيش فيه بسنوات من عمره وكفاحه.

علاء مسجون؟ "أحسن"، القاضي تنحى لاستشعار الحرج؟ "يشرب"، ألم يعارض مرسي، ألم يعارض الإخوان؟ 

ألم يشارك في 30/6؟! فليتجرع مرارة الكأس، اللهم شماتة، هكذا يكتبونها دون خجل، وهكذا يفعلونها دون استشعار حرج، والأدهى أنها "لله".. فأيهما أكثر جرما هؤلاء أم قاضي استشعار الحرج؟!

ومثل علاء في ثورتنا الكثيرون، ماهر، ودومة، وعادل، عشرات، مئات، جرى اختزالهم، واختزال نضالاتهم التي سبقت نضالات كثير من الإسلاميين، في مشهد 30/6 الذي شارك الإخوان في صناعته ربما أكثر من العساكر أنفسهم!

المهاويس شامتون.. والعقلاء ساكتون، من يجرؤ على الكلام وسط هؤلاء الهمج؟ من يضمن ألا يصيبه ما أصاب علاء وإخوانه؟ 

أرى التضامن والمودة والتقدير في الجلسات الخاصة، ولا أراها على صفحات الجرائد أو المواقع أو التايم لاين، ذلك لأن آلافا من المريدين يمكنهم أن ينصرفوا عنك بـ "بوست" واحد تكتبه تضامنا مع العلماني الفاجر الذي عارض الرئيس المؤمن، "ومن يتولهم منكم فهو منهم"، فأي ثورة تلك التي لم يزل يبشر بها الحالمون؟!

إننا ننزف كراهية وغباء ونطاعة، مع كل مناسبة للدعم القولي لا الفعلي لواحد ممن يدفعون الثمن عنا قولا وفعلا. 

فكيف لمثلنا أن يتعافى وينهض ويشتغل ويعيد ترتيب أوراقه وصفوفه وينجح؟ 

إن ردود الأفعال إزاء أي جهد -ولو كان جهد المقل- باتجاه شخص أو فكرة أو مضمون من أي نوع للثورة أو بها -إن كان لم يزل بها- يكشف عن نفسيات وعقول لا يمكن أن تتأمل معها أي اصطفاف أو عمل مشترك من أي نوع. 

وحسبك أن تراقب السيسي وعساكره وهم يخربون مصر تخريبا ممنهجا، فيما نحن نحاول أن نقنع فصيلنا الأكبر والرئيس، أنهم أخطأوا قبل شباب الثورة وبعدهم، وأن فاتورة الأخطاء الفادحة التي يدفعها الجميع الآن لم تكن تخص سوى "أنفار" من قياداتهم التاريخية الربانية، بعضهم يدفع بدوره، وبعضهم يرفل في عز الانقلاب المترنح في عواصم أوروبا، فيما يزعم أنه ماض في مقاومة الانقلاب لآخر قطرة دم.. دم من؟!

فليرحم الله علاء ومن معه، وليرحم شباب الإسلاميين ورموزهم خلف قضبان السجون، وليرحمنا ممن كرهوا رحمته أن تصيب قوما غيرهم، الذين ضل سعيهم في الحياة السياسية وهم يحسبون أنهم يحسنون ثورة!
التعليقات (6)
مازن
الأحد، 17-12-2017 06:08 م
كان لعلاء واصدقائه الحق في انتقاد مرسي لكن ليس لهم الحق في الانقلاب على الشرعية. لا ادري هل يعلم كاتب المقال ماهي تهمة الانقلاب على الشرعية في البلاد الغربية؟! يا سيدي هذه المجموعة لم تحترم ارادة الشعب وسولت لهم انفسهم ان اتبعوا اهوائهم وظنوا انهم يحسنون صنعا ولكن لو كانوا ناضجين ولديهم قدر من المعرفة بالديمقراطية وصناديق الانتخابات والشرعية ما كانوا ليقدموا على ذلك. علاء ومجموعته عليهم ذنب المجازر التي ارتكبت في الانقلاب وكفى مثل هذه المزايدات الرخيصة.
علاء
الجمعة، 03-11-2017 11:11 ص
وقبل ما تطالب الاسلاميين بالوقوف مع علاء ودومة وماهر يا ريت تطلب الأول من اصدقاءك دول يطالبوا بحقوق الاسلاميين فى السجون ظلما ويهانون ويعذبون أكتر من اصحابك دول انا مشفتش واحد من الذين أيدوا 30 سونيا وتراجع وأحس بالندم على فعلته بالعكس هم غير نادمين وعاوزين الأخوان يبادوا ويختفوا من الدنيا ولو تكررت نفس الظروف سيفعلونها ثانية كرها فى كل ما هو اسلامى وبغير موضوعية كل الموضوع انهم فقط لما اقترب منهم الظلم عارضوا على استحياء وفى نفس الوقت لم يقل أى منهم انا متضامن مثلا مع الرئيس مرسى او عصام العريان او محمد البلتاجى او عصام سلطان هات لى انت مثال واحد على تضامن اى ليبرالى مع اى اسلامى فى السجون ولو حتى من باب الانسانية انت نفسك لو مكنتش فى تركيا وبتشتغل فى قنوات الاخوان ولا بلاش الاخوان خليها قنوات المعارضة مكنتش هتكتب ولا هتجيب سيرة الاسلاميين فياريت تطبق الموضوع على نفسك اولا
خالد
الإثنين، 23-10-2017 11:25 ص
عندما يقتل منك شخص عزيز عليك أو يسجن أو تظلم أنت ، لن تقول مثل هذا الكلام ، وإن كان بالفعل حدث لك شيء من هذا واستطعت أن تكون متزنا لهذه الدرجة ، فلا شك أنها درجة رفيعة ، ولكن لا تنكر ردود فعل الآخرين من الشباب الإسلامي الذي توجع بشدة ، ولم يكن سببا في إراقة دماء مثل ما كان علاء عبد الفتاح وإخوانه . الله تعالى أعطانا خيار الإحسان إلى المسئ وخيار العفو وخيار "سيئة سيئة مثلها" ، ورغم هذا هؤلاء الشباب لم يقابلوا علاء وشلته بما فعلوه ، بل بأقل من ذلك بكثير ، بكلمة شماتة أو غيرها. كن ناضجا في تفكيرك
مصري جدا
الأحد، 22-10-2017 02:26 م
مركز الثقل الايدلوجي للتيار الاسلامي هم شريحة الشباب المؤن المخلص المتحمس وربما المتهور من فرط الحماسة وهذه ميزة كبرى لهذه الشريحة التي تعتبر ثروة قومية حمايتها واجب وتوجيهها مسؤلية ، هذه الشريحة حلمت ومن حقها ان تحلم ثم تجسد الحلم على ارض الواقع وسرعان ما تحول الى سراب تلته المجازر والمآسي والالام ، تلته السجون والمعتقلات والاعدامات والقتل خارج اطار القانون ، تلته المطاردات والاختفاء القسري ، تلته مصادرة الاموال والممتلكات وهذا ليس غائب على احد ، نعم الكل شركاء في الكارثة الاخوان بسوء تقديرهم للمواقف وسوء ادارتهم للمشاهد والعسكر شركاء بطمعهم ومكرهم وخيانتهم والمربع المدني شركاء بتضحيتهم بمصر وبالمسار الديمقراطي الوليد كراهية في الاخوان ، المهم كانت النتيجة ما نحن فيه من دفع الثمن ، وكما كنا جميعا شركاء في الكارثة نحن شركاء في دفع الثمن ، الاسلاميون ومن يؤيدهم في السجون بعض شخصيات المربع المدني في السجون بعض مؤيدي الانقلاب في المنفي الداخلي او في السجون ،، من الطبيعي جدا في ظل هذه الظروف ان تظل شريحة كبيرة او صغيرة لها موقف سلبي من بعض الشخصيات هذا حقهم في التفكير واتخاذ القرارات ولا وصاية لاحد على احد ،، على الطرف الاخر هناك شخصيات من المربع المدني لها نفس الموقف واشد ضد الاخوان حتى الان ،، حتى داخل السجون وقاعات المحاكم ،، قابلت احمد دومة اكثر من مرة وناديته والقيت عليه التحيه لكنه ادار ظهره لي ولم يرد ولم يمنعني ذلك من تحيته كلما لقيته وهو يكرر نفس السلوك ، وكنت ارى ان هذا عادي وطبيعي ومتوقع ، ونموذج اخر هو احمد ماهر كان معي في السجن وكانت العلاقات الانسانية بيننا راقية ومحترمة لعن الله السياسة ،،ما يحدث طبيعي حتى نكون واقعيين وعمليين بعيدا عن الاوهام والسراب والرومانسية غير الموجودة
خميس
الأحد، 22-10-2017 06:35 ص
و تستمر دائرة الشماته و الهجاء بينما يظل الانقلاب جاثما علي صدر مصر