صحافة دولية

لماذا ضغط تيلرسون على السعودية لتحسين العلاقات مع بغداد؟

وول ستريت جورنال: تيلرسون ضغط على السعودية لمواجهة التأثير الإيراني في العراق- أ ف ب
وول ستريت جورنال: تيلرسون ضغط على السعودية لمواجهة التأثير الإيراني في العراق- أ ف ب

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من بول سوني ومارغاريتا ستانكاتي، يتحدثان فيه عن الضغوط التي مارسها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون على السعودية لتحسين العلاقات مع العراق.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تيلرسون ضغط على السعودية؛ لمواجهة التأثير الإيراني في العراق، من خلال توطيد العلاقات مع بغداد، في وقت تسعى فيه العراق لإعادة بناء نفسها، بعد ثلاث سنوات من الحرب ضد تنظيم الدولة.

 

ويذكر الكاتبان أن الدبلوماسي الأمريكي اجتمع بالملك سلمان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الأحد في الرياض، حيث عقد المسؤولون الثلاثة أول جلسة لمجلس التنسيق السعودي العراقي؛ بهدف موازنة السطوة الإيرانية في العراق.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن تيلرسون أنهى زيارته بدعوة المليشيات التي تدعمها إيران، التي كانت تعمل في العراق، للمغادرة إلى بلدها، مستدركة بأنه "يبدو أنه خلط بين المليشيات الإيرانية والمليشيات العراقية التي تدعمها إيران، وهو خطأ استغلته إيران في نقدها لوزير الخارجية". 

 

وينقل التقرير عن تيلرسون، قوله: "بالتأكيد على المليشيات الإيرانية الموجودة في العراق، الآن وبعد انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة، أن تغادر إلى بلدها.. وأي مقاتلين أجانب في العراق يجب عليهم الذهاب لبلدانهم، والسماح للشعب العراقي باستعادة المناطق التي سيطروا عليها". 

 

ويورد الكاتبان أن مسؤولا أمريكيا كبيرا أوضح أن تيلرسون قصد المليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران، والمعروفة بقوات الحشد الشعبي، وقال إنها تحتاج أن تعود إلى أرضها، أو تصبح جزءا من الجيش العراقي الواحد، حيث إنه عندما تحدث وزير الخارجية عن المقاتلين الأجانب، فإنه كان يشير إلى قوات القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، التي كانت تعمل في العراق ضد تنظيم الدولة.

 

وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من هذا التوضيح، فإن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف هاجم تيلرسون، في تغريدة على "تويتر"، مشيرا إلى أنه قصد القول بأنه يجب على الشيعة العراقيين الذهاب إلى إيران، وكتب ظريف: "أي بلد بالضبط يجب على العراقيين، الذين نهضوا للدفاع عن بيوتهم ضد تنظيم الدولة، أن يعودوا إليه؟"، ووصف السياسة الخارجية الأمريكية بـ"المخزية"، التي يحددها "البترودولار".

 

وينوه التقرير إلى أنه يوجد لأمريكا حوالي 5000 جندي في العراق، حيث كانوا يساعدون الجيش الوطني العراقي والبيشمركة الكردية في الحرب ضد تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن البنتاغون لم يلمح إلى أن انسحاب القوات الأمريكية أصبح وشيكا.

 

وأضاف المسؤول الأمريكي رفيع المستوى أنه في المحصلة تأمل كل من واشنطن وبغداد أن تتحول القوى المقاتلة في العراق كلها إلى قوة واحدة، تعود مسؤوليتها للدولة العراقية.

 

ويقول الكاتبان إنه في الوقت الذي قاربت فيه الحرب ضد تنظيم الدولة على النهاية، فإن واقع العراق الطائفي يعقد الطريق إلى سلام دائم، فالأكراد العراقيون يطالبون بالاستقلال ويصطدمون مع بغداد، ويهدد تنظيم الدولة بالعودة على شكل تمرد سني متطرف، وإيران تبسط هيمنتها من خلال حلفائها السياسيين والمليشيات الشيعية.

ويضيف الكاتبان أنه في الوقت ذاته، تسعى كل من أمريكا والسعودية إلى سحب العراق من المدار الإيراني، فقامت السعودية بفتح حدودها مع العراق لأول مرة منذ عقود، وأعادت رحلات الطيران المباشرة بين الرياض وبغداد، وتأمل واشنطن بأن تتعمق العلاقات السياسية والاقتصادية، من خلال مجلس التنسيق السعودي العراقي حديث الإنشاء، وقال تيلرسون في مؤتمر صحافي في الرياض: "نعتقد أن هذا سيوازن شيئا ما من التأثير الإيراني السلبي داخل العراق".

 

وتفيد الصحيفة بأن تيلرسون حث السعودية على المشاركة في إعادة بناء العراق، في الوقت الذي تسعى فيه بغداد إلى إعادة بناء البلد، بعد ثلاث سنوات دمرت مدنا في جميع أنحاء البلد، ودعا أيضا إلى إحياء الاقتصاد الضروري للحفاظ على السلام الذي اكتسب بصعوبة.

 

ويشير التقرير إلى أن كلا من الحكومة السعودية والعراقية وضعتا يوم الأحد خططا لتوثيق العلاقات التجارية، وقال البلدان في بيان مشترك بأنهما سيقومان بالتطوير المشترك للمناطق الحدودية، ومراجعة القواعد التجارية، وقالت السعودية إنها تفكر في المساعدة في تمويل بناء الطرق في جنوب العراق؛ لتسهيل حركة البضائع والحجاج عبر الحدود، لافتا إلى أن الشركات السعودية في القطاعات المختلفة، من البتروكيماويات إلى الزراعة، تقوم بدراسة فكرة الاستثمار في العراق.

 

ويبين الكاتبان أن أعضاء المجلس المشترك الجديد اتفقوا على الاجتماع ثانية في بغداد، وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن العلاقات بين الرياض وبغداد لم تنتعش في العقود الأخيرة؛ بسبب السياسات المتطرفة لحزب البعث الذي كان يقوده صدام حسين، وغزو العراق للكويت، وغزو أمريكا للعراق، وأضاف أن السعودية تريد أن تعوض الوقت الضائع، مركزا على العلاقات التاريخية والعائلية بين الشعبين، اللذين يشتركان بحدود طولها حوالي 500 ميل.

 

وبحسب الصحيفة، فإن العديد من القيادات الشيعية رحبت برفع مستوى التفاعل لموازنة الهيمنة الإيرانية قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل، مشيرة إلى أن قابلية التقلب في الوضع في عراق ما بعد تنظيم الدولة ظهرت عندما اشتبكت القوات الكردية والعراقية، وكلاهما حليف لأمريكا في الحرب ضد تنظيم الدولة، في محيط كركوك. 

 

ويوضح التقرير أن أمريكا دعمت العبادي؛ لفرض السيطرة الفيدرالية على الأراضي التي كانت في يد الدولة العراقية قبل الصراع مع تنظيم الدولة، لكن الأكراد استولوا عليها خلال المعارك مع التنظيم، لافتا إلى أن تيلرسون تحدث مع العبادي حول الحقوق التي وعدت للأكراد العراقيين، بحسب الدستور، التي لم يتم الوفاء بها، وقال إن الزعيم العراقي التزم بتنفيذها.

 

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول تيلرسون: "نأمل أن يتفاعل الأكراد مع بغداد بطريقة إيجابية؛ للتأكد من تطبيق ما ورد في الدستور كاملا.. ونشجع الأطراف على عدم التصعيد وعدم اللجوء للصراع".

التعليقات (0)