صحافة دولية

فيلت: لماذا تعدّ إيران الرابح الوحيد في صراعات المنطقة؟

إيران  والأسد
إيران والأسد

نشرت صحيفة فيلت الألمانية تقريرا، تناولت فيه الحرب الأخيرة ضد تنظيم الدولة، والدور الذي تلعبه إيران في المنطقة. ومن المثير للاهتمام أن كل شبر يخسره تنظيم الدولة في سوريا والعراق تكتسب فيه طهران نفوذا أكبر.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، قام بثلاث زيارات إلى إقليم كردستان العراق، محملا برسائل تهديد، حيث شدد على ضرورة انسحاب القوات الكردية من مدينة كركوك. وعموما، لا يمت سليماني، القائد العام لفيلق القدس، إحدى الوحدات الخاصة في الحرس الثوري الإيراني، بصلة إلى الجيش العراقي أو الحكومة المركزية في بغداد.
 
وأكدت الصحيفة أن فيلق القدس يعد الجهة المسؤولة عن العمليات العسكرية التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني خارج حدود البلاد. وعلى عكس ما يحدث الآن، كانت تحظى هذه العمليات الخارجية سابقا بقدر كبير من السرية. وقاد سليماني بنفسه المليشيات الإيرانية في إطار الهجوم الذي شن على كركوك الأسبوع الماضي. ويعكش ذلك، فإن إيران تتبنى، وبوضوح، سياسة تقوم على التدخل في شؤون بلدان مجاورة.
 
وأفادت الصحيفة بأن الجمهورية الإسلامية بات لها ثقل سياسي في الشرق الأوسط، في حين تعدّ الرابح الأكبر من ثورات الربيع العربي. ويرجع ذلك إلى عجز الولايات المتحدة، بالإضافة إلى البلدان العربية، عن إيقاف التغلغل الإيراني في المنطقة. وفي هذا الصدد، قال المستشار العسكري لمرشد الثورة الإسلامية، يحيى رحيم صفوي، قبل أيام، في اجتماع الحرس الثوري الإيراني في مدينة "قم"، إن وجود حركات المقاومة يظهر دور إيران المتنامي في المنطقة.
 
وأبرزت الصحيفة أن إيران بدأت نشاطها في المنطقة بشكل ملحوظ منذ بداية الثورة السورية في سنة 2011. وقررت طهران دعم حليفها النظام السوري في وجه المعارضة. والجدير بالذكر أنه وفي وقت سابق، دأب كل من النظام السوري وإيران على تعزيز مليشيات حزب الله في لبنان؛ حتى يصبح تهديدا مباشرا لإسرائيل. وفي السياق ذاته، ترتكز استراتيجية نظام الملالي في إيران على بناء ممرات تستطيع من خلالها إيران إمداد حزب الله بالسلاح على الحدود الإسرائيلية.
 
وأوضحت الصحيفة أنه وحتى أيلول/ سبتمبر من سنة 2013، كان الغموض يكتنف حجم التدخل الإيراني في سوريا، بينما أظهرت الفيديوهات وجود الجيش الإيراني في حلب. في الأثناء، قامت طهران بإعادة هيكلة الجيش السوري، بالإضافة إلى أن مليشيات الدفاع الوطني السوري كانوا يخضعون لتدريبات عسكرية في منطقة قريبة من العاصمة الإيرانية. وقام سليماني أثناء قيادته لقوات الحرس الثوري في سوريا بتعزيز هذه القوات، من حلال مجموعات شيعية من العراق واليمن، فضلا عن أفغانستان، وذلك للمشاركة في الحرب السورية.
 
وذكرت الصحيفة أنه منذ سنة 2012، أخذ حزب الله اللبناني يحارب في سوريا جنبا إلى جنب مع قوات النظام. ومن المؤكد أن النظام السوري لم يكن ليحقق أي انتصارات دون الدعم الإيراني. وفي سنة 2015، تدخلت روسيا في الحرب الأهلية السورية، لتصبح سريعا ثاني أكبر حلفاء دمشق.
 
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حزيران/ يونيو في سنة 2014، تم تأسيس قوات الحشد الشعبي في العراق؛ من أجل التصدي للتوسع المستمر لتنظيم الدولة. وقامت إيران بتسليح وتدريب هذه القوات. وفي الوقت نفسه، تم دمج الآلاف من مقاتلي الحشد الشعبي في الجيش العراقي، ليمتد النفوذ الإيراني إلى داخل الجيش في العراق. وكما هو الحال في سوريا، يعدّ سليماني في العراق من بين صناع القرار العسكري.
 
وأكدت الصحيفة أن إيران تلعب دورا هاما في حرب اليمن بدعم الحوثيين هناك. ونتيجة لذلك، تدخلت السعودية عسكريا في اليمن؛ من أجل منع إيران من بسط نفوذها في البلاد. ولكن إلى الآن تعدّ نتائج هذا التدخل غير مبشرة، فقد ازدادت معاناة السكان المدنيين نتيجة هذا التدخل.
 
وأوردت الصحيفة أن إيران نجحت وبشكل مفاجئ في توسيع نطاق نفوذها في سوريا والعراق بشكل كبير. وفي الأثناء، وتماما مثلما حدث في عهد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، تقف واشنطن في الوقت الراهن مكتوفة الأيدي أمام التوسع الإيراني في المنطقة، عاجزة عن وضع حد لذلك. وعلى الرغم من كل التهديدات التي ما فتئ ترامب يوجهها مؤخرا لطهران فيما يتعلق بالاتفاق النووي، إلا أن تحركات واشنطن اقتصرت على فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني، محذرة من التعامل معه.
 
وأفادت الصحيفة بأن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، لعب دور الوساطة بين الرياض وبغداد؛ بغرض الحد من النفوذ الإيراني، مع العلم أن العلاقات بين بغداد والرياض متوترة منذ سنوات. في الوقت نفسه، طالب تيلرسون خلال الزيارة التي أداها مؤخرا للسعودية وقطر بانسحاب جميع المليشيات الإيرانية من العراق، مشككا في مدى تجاوب طهران مع هذه المطالب.
 
والجدير بالذكر أن إيران تعمل على محاصرة إسرائيل دبلوماسيا. وردا على ذلك الحصار، قامت إسرائيل بشن هجمات جوية على قاعدة صاروخية لنظام الأسد، ما يدل على أن هناك مواجهة تتحضر في الأفق بين إيران وإسرائيل في سوريا.
 
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن إسرائيل كانت تحاول جاهدة وقف تسليح إيران لحزب الله، الذي يقاتل مع الأسد، ما يعني بالضرورة تخليها عن موقف الحياد في المشهد السوري. بالإضافة إلى ذلك، تخشى إسرائيل من الخطر الذي سيترتب إثر تحقيق نظام الأسد انتصارات عسكرية في المناطق الحدودية، ما سيساهم في انتشار المزيد من القوات الإيرانية، التي ستسعى إلى تدمير دولة إسرائيل.

 

التعليقات (0)