اقتصاد عربي

مشروع طموح للطاقة الشمسية.. هل ينهي "أم المشاكل" بغزة؟

تعاني محطة كهرباء نقص الوقود اللازم لتشغيلها - أرشيفية
تعاني محطة كهرباء نقص الوقود اللازم لتشغيلها - أرشيفية

بدأت شركة استثمارية أمريكية، بالشراكة مع شركة فلسطينية محلية، بالأعمال التمهيدية لإنشاء محطة طاقة شمسية لتوليد الكهرباء في قطاع غزة، فيما يتوقع القائمون على المشروع أن تنتهي أعمال المرحلة الأولى من المشروع في منتصف العام القادم.

نقص الأراضي

وأوضح وائل العاوور، رئيس مجلس إدارة شركة "الشرق العربي لخدمات التكنولوجيا"، وهي الشريك المحلي لشركة "SG" (سماحة جروب) الأمريكية، أن "المشروع يتم العمل عليه منذ عامين، وهو عبارة عن توليد الكهرباء لصالح قطاع غزة بجهد نهائي يصل إلى 200 ميغاوات".

وأشار في حديث لـ"عربي21"، إلى أن "المرحلة الأولى من المشروع ستكون من خلال الألواح الشمسية بقدرة 40 ميغاوات وبتكلفة 60 مليون دولار"، موضحا أن إنتاج المرحلة الأولى يمثل نحو 7 بالمئة من الاحتياج اليومي للقطاع، على اعتبار أنه يحتاج 600 ميغاوات يوميا.

ولفت العاوور إلى أن الكهرباء التي سيتم توليدها في المرحلة الأولى ستنقل عبر خطوط الضغط العالي التابعة لشركة توزيع الكهرباء في غزة منتصف العام القادم، منوها إلى أنه "في حال إنجاز المشروع بالكامل (200 ميغاوات) بدون معوقات، نحن نتحدث عن توفير ثلث احتياج قطاع غزة من الكهرباء"، وفق قوله.

وذكر أن الشركة القائمة على المشروع "ستعمل على توليد الـ200 ميغاوات؛ عبر الطاقة الشمسية والنفايات الصلبة"، مشيرا إلى أن المشروع "سيوفر العديد من فرص العمل".

وتحتاج الشركة من أجل إنتاج 40 ميغاوات نحو 600 دونم (600 ألف متر مربع)، وهي موزعة على ثلاثة مواقع، الأول في شمال القطاع، والثاني في مدينة رفح جنوب القطاع، والثالث في مدينة غزة وسط القطاع، وفق ما ذكره رئيس مجلس إدارة شركة الشرق العربي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطاع غزة يعاني من شح شديد في مساحة الأراضي بسبب الكثافة السكانية العالية في القطاع.

وحول المخاطر التي تتهدد المشروع، أووضح العاوور أن "العمل في فلسطين المحتلة محفوف بالمخاطر، ولا يمكن لأي اتفاق مع أي جانب أن يمنحنا الطمأنينة الكافية لضمان سير المشروع الذي يحتاج لموافقة أكثر من جانب؛ مثل السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي"، مضيفا: "من يعمل في فلسطين المحتلة عليه تحمل تلك المخاطر".

تجاذبات سياسية

وردا على سؤال لـ"عربي21"، بخصوص الجدوى من مجازفة شركات ربحية بالاستثمار في هذه البيئة الخطرة، أكد العاوور أن "الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية في فلسطين مجزئ وليس سيئا"، لافتا إلى أن "ما يتعلق بالتراخيص والتصاريح تكفلت به شركة SG، وهذا مؤشر طمأنة لنا كشريك محلي".

وبشأن التخوفات من استغلال الشركات القائمة على المشروع لحاجة المواطن الغزي للكهرباء، والتي تعتبر "أم المشاكل" التي يعاني منها قطاع غزة، وذلك برفع سعر الكهرباء، بين أنه "تم توقيع اتفاقية بيع الكهرباء المنوي إنتاجها بين الشركة الأمريكية وسلطة الطاقة الفلسطينية، بأقل بـ25 في المئة من سعر الكهرباء المباعة من قبل الاحتلال لسلطة الطاقة الفلسطينية"، كما قال.

وأعرب عن أمله في أن "تتظافر كافة الجهود من أجل إنجاح هذا المشروع؛ الذي من الضروري أن ننأى به عن أي مناكفات أو تجاذبات سياسية من الجميع".

ونوه العاوور إلى أنه "بعد توصل حركتي فتح وحماس لاتفاق المصالحة في القاهرة، تم الاجتماع مع ظافر ملحم (القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية الحالي)، وأبدى تفهمه الكبير لاحتياجات القطاع الضرورية للكهرباء"، معتبرا أنه "إضافة جيدة للمشروع، وهو مع نجاحه وليس ضده".

من جانبه، أوضح نائب رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية السابق في قطاع غزة، فتحي الشيخ خليل، أن "المشروع قدم كمقترح من قبل شركة سماحة، وتم الاتفاق مع الشركة بعد مشاورة كافة الجهات ذات العلاقة، أن تقوم سماحة بتركيب أول محطة للطاقة الشمسية بغزة، وفي حال نجاحها في ذلك يتم الخوض في باقي أنواع الطاقة البديلة مثل؛ طاقة الرياح والنفايات الصلبة".

 

ضمانات

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "تم توقيع الاتفاقية مع الشركة على محطة طاقة شمسية بقدرة 40 ميغاوات في أيار/ مايو 2015"، موضحا أنه "جرى الحديث حول إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من النفايات الصلبة، لكن الأمر في هذا الجانب ما زال كلاما، حتى يأتي مقترح واضح من قبل الشركة المستثمرة (سماحة) والتوقيع مع سلطة الطاقة الحالية"، وفق قوله.

ولفت الشيخ خليل إلى أن تكلفة الكهرباء الواردة لسلطة الطاقة من الجانب الإسرائيلي تبلغ نحو 44 أغورة إسرائيلية (12.5 سنتا) لكل كيلووات، كاشفا لـ"عربي21"، أن "السعر الذي تم توقيع الاتفاق عليه مع شركة سماحة، هو 10 سنتات لكل كيلووات".

وحول إمكانية استهداف الاحتلال للمحطة الشمسية في أي أحداث أفاد أن "شركة سماحة لديها ضمانات، لكن إسرائيل لا أمان لها، ومن الممكن أن تستهدف كل شيء".

ونوه نائب رئيس سلطة الطاقة السابق، إلى أن "شركة سماحة الأمريكية لديها علاقة مع الجانب الإسرائيلي، ولديها محام في إسرائيل يتابع إنجاز وتسهيل كافة المعاملات الخاصة بها إضافة لإدخال المواد اللازمة"، مشيرا إلى أن "الجانب الإسرائيلي لديه إحداثيات المناطق التي ستعمل بها الشركة في غزة".

ويعاني قطاع غزة من أزمة خانقة في الكهرباء، وخاصة بعدما طلب رئيس السلطة محمود عباس من الاحتلال تقليص كمية الكهرباء الواردة من خلاله للقطاع، وهو ما استجابت له تل أبيب مباشرة. ويستمر انقطاع الكهرباء إلى 12 ساعة متواصلة يوميا.

ويحصل القطاع على الكهرباء من ثلاث جهات، فالاحتلال يزود غزة بـ120 ميغاوات (تم تقليصها إلى 48 ميغاوات استجابة لطلب عباس)، ومصر 32 ميغاوات، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة بـ 60 ميغاوات (في حال عملها)، وعليه يكون إجمالي الكهرباء المتوفرة نحو 164 ميغاوات، وفق أرقام سلطة الطاقة الفلسطينية.

وبعد توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، ينتظر أهل غزة قيام السلطة بشكل عملي بالعمل على حل تلك المشكلة التي تعتبر "أم المشاكل" لما لها من تأثير كبير على كافة قطاعات الحياة.

التعليقات (0)