سياسة عربية

"الإسلام الوسطي".. ما تعريفه وكيف يستخدم سياسيا؟

محمد بن سلمان - أ ف ب
محمد بن سلمان - أ ف ب

يثير تعبير الإسلام الوسطي دائما حالة من الجدل كلما صدر من جهات دينية أو تيارات دعوية أو أشخاص في موقع المسؤولية على مدار عقود، وتساؤلات حول ماهية المصطلح، وكيفية استخدامه سياسيا؟
 
والإسلام الوسطي استعارة لمصطلحات تستخدمها الحركات الإسلامية، وهي إشارة مقصودة لاتخاذ تلك الحركات منهجا غير متشدد، في ظل وجود حركات وتيارات تتبني مناهج وتحمل توجهات متشددة، وفق ما فسره بعض الذين يحسبون على هذا النهج.
 
خطاب السيسي

وبرز مصطلح الإسلام الوسطي في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي تحدث كثيرا عن تجديد الخطاب الديني، وكان ذلك مثار سجال بينه وبين مؤسسة الأزهر.

 

وعاد الجدل حول هذا المصطلح مضافا إليه كلمة "المعتدل"، على لسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
 
إذ قال ابن سلمان الثلاثاء الماضي، إن بلاده ستعود "إلى ما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب"، وأضاف أنه سيقود "مملكة معتدلة ومتحررة من الأفكار المتشددة"، وذلك في تصريحات وصفتها وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" بالنادرة.
 
وهو ما علّق عليه أيضا مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، سيمون هندرسون، بقوله"إن ذلك كلام غير إعتيادي".
 
وفي قرارات وخطوات متتابعة، ألغت السعودية حظرا مفروضا على قيادة النساء للسيارة، كما قلصت المملكة صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيما اعتقلت السلطات علماء ودعاة سعوديون يٌعتقد أنهم معارضون للنظام.
 
وفي تعليقه على إطلاق بن سلمان مصطلح "الإسلام السياسي"، قال رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا الشيخ طه عامر، إن "ابن سلمان يتحدث عن الإسلام الوسطي، وقد اعتقل رموز الوسطية والاعتدال".

 

يخدم الغرب وإسرائيل

 
ومن جانبه، رأى المستشار محمد أحمد سليمان، أن "الإسلام الوسطي الذي يريدونه ويدعون إليه وهو ما أطلق عليه البعض (الإسلام الوسطي الجميل)؛ هو أنك فقط تصلي وتصوم"، معتبرا ذلك تشويها لهوية الأمة والشعوب الإسلامية ولا يخدم سوى الغرب وإسرائيل، وفق قوله.
 
وأضاف سليمان لـ"عربي21"، أن "مقصد أولئك هو تشويه المجتمع المسلم بتحجيم الإسلام في الصلاة والصيام فقط، وبعد ذلك لا بأس أن ترقص النساء في الطرقات أو يتعانق الأصدقاء من الجنسين في الجامعات، أو توصف الراقصة بأنها شهيدة لو ماتت أثناء عملها، وأنها ترتزق من حلال".
 
وأشار إلى أن الهدف السياسي من استخدام مصطلح "الإسلام السياسي"، هو "أن تكون إسرائيل صديق للعرب والمسلمين"، مؤكدا أن "كل هذا عبث يحقق أصحاب ذلك المصطلح من خلاله رغبات الغرب وإسرائيل في تفريغ الهوية الإسلامية للشعوب من مضمونها الحقيقي".
 
"إسلام واحد"

 
من جانبه، علق الإعلامي محمود جعفر، على إطلاق ذلك المصطلح بالقول: "من وجهة نظري لا يوجد سوى إسلام واحد أساسه كتاب الله وسنة رسوله الكريم الصحيحة".
 
وأضاف لـ"عربي21": "ليس هناك شيء اسمه الإسلام الوسطي"، متسائلا: "وسطي بين ماذا؟"، مؤكدا أنه "مصطلح لا معنى له".
 
وقال: "أفهم أن يكون هناك مسلمون متشددون كغيرهم في الديانات الأخرى، ولكن هذا الوصف لا ينسحب على العقيدة الإسلامية نفسها".
 
ما حقيقة المصطلح وفيم يستخدم؟
 
أما الباحث السياسي عبد الله النجار، فأكد أنه "في كثير من الأحيان يتم نحت مصطلحات للطعن في دين الإسلام أو للتشكيك فيه أو للتخفف مما يفرضه الإسلام على معتنقيه"، موضحا: "لذا ظهرت مصطلحات مثل الإسلام الوسطي والإسلام السياسي والإسلام البدوي والإسلام الحضري".
 
ونفى النجار، في حديثه لـ"عربي21"، صلة الإسلام بتلك المصطلحات، بقوله: "ليس هناك سوى إسلام واحد هو الذي ارتضاه الله لنا دينا، يقول تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينا)".
 
وأوضح النجار، حقيقة استخدام تلك المصطلحات أنها تأتي بدوافع سياسية، بقوله: "إذا أراد البعض مهاجمة منهج الإسلام في بناء الدولة وعلاقة الحاكم بالمحكوم وحقوق الحاكم ويقابلها واجباته وحقوق الأمة تجاه الحاكم وواجباتها وغير ذلك من شؤون السياسة؛ فلن يهاجم الإسلام، وإلا لقي ردود فعل شديدة من المسلمين، ولذا كان البديل اختراع مصطلح بديل هو الإسلام السياسي ثم مهاجمته والطعن فيه".
 
صراع النفوذ

 
وأضاف الباحث المصري: "مصطلح الإسلام الوسطي الذي استخدمه أخيرا ولي عهد آل سعود، و لم يرد من ذلك سوى التحلل من كثير مما استقر عليه مشايخ آل سعود لعقود، ولما كان الإسلام في الأصل هو دين الوسطية فلا مجال لإسلام آخر يخالف الوسطية، يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)".
 
ويرى النجار، أن "ولي عهد آل سعود، يستخدم مصطلح الإسلام الوسطي في صراع مكتوم للقضاء على نفوذ الفقهاء"، مشيرا إلى أن "الأزهر الشريف في مصر كان دوما رمزا للوسطية و لكنه كان يتهم من بعض متشددي السعودية بالتساهل والتفريط".

التعليقات (1)
amer
السبت، 28-10-2017 09:32 م
ثقوا تماما ان نهاية ال سعود ستكون علي يد هدا الندل