سياسة عربية

هل يحل تنحي البارزاني الأزمة القائمة بين بغداد وأربيل؟

محللون قالوا إن البارزاني ما زال مؤثرا في الساحية السياسية العراقية- جيتي
محللون قالوا إن البارزاني ما زال مؤثرا في الساحية السياسية العراقية- جيتي

شكل قرار رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، التنحي عن منصبه، مجموعة من التكهنات حول مستقبل العلاقة بين بغداد وأربيل، التي شهدت مؤخرا توترا وصل إلى حد الاشتباك المسلح بين القوات العراقية والبيشمركة.

وقرر رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، الأحد، عدم الاستمرار في منصبه، أو التعديل على قانون رئاسة الإقليم، أو تمديد مدة الرئاسة.

وعلى خلفية ذلك، أقر برلمان إقليم كردستان قانونا يلغي ديوان رئاسة الإقليم، وتوزيع صلاحيات ومهام رئيس الإقليم بين السلطات الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية.

وتواصلت "عربي21" مع عدد من المحللين السياسيين المختصين في الشأن العراقي، لمعرفة ما مدى انعكاس قرار البارزاني على الأزمة بين بغداد وأربيل، التي توترت على خلفية إجراء الإقليم استفتاء للانفصال عن العراق.

 

اقرأ أيضا: البارزاني يعلن رفضه البقاء رئيسا لإقليم كردستان العراق

 

وقال المحلل السياسي، أمير الساعدي، إن "قرار البارزاني سينعكس بشكل إيجابي على الأزمة بين بغداد وأربيل، لكن البارزاني لا يمثل وحده الأزمة، وإن كان يشكل الثقل الأكبر في تصاعدها، لكن أحزابا كردية استثمرت رمزية البارزاني وأيدت الاستفتاء".

وأضاف الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية لـ"عربي21" أن "حكومة الإقليم الحالية إذا أقدمت على خطوة مماثلة وحلت نفسها، لتشكيل حكومة بديلة، تضم الأحزاب الخمسة التي تقود الإقليم إداريا وسياسيا، فسيكون هناك تقارب أكبر مع حكومة بغداد".

 

حوار ما بعد البارزاني

وبخصوص الخطوة المقبلة من بغداد، التي تصر على إلغاء الاستفتاء لبدء أي حوار مع أربيل، قال الساعدي إن "الاستفتاء أصبح من الماضي في نظر الحكومة العراقية، واليوم أصبح هناك عملية تفاوض، وقوى كثيرة تدعم توجهات بغداد".

وتابع: "لكن أصبح لزاما على الحكومة الاتحادية أن تعطي بعض المعطيات الإيجابية إلى سكان الإقليم، لمنع التصعيد الحاصل على المستوى المجتمعي في كردستان".

 

اقرأ أيضا: البارزاني ينتقد أمريكا ويهاجم الحشد الشعبي وأطرافا كردية

 

وبحسب الساعدي، فإن على الحكومة إطلاق بعض الرواتب المعطلة، لا سيما المتعلقة بالبيشمركة، حتى تعطي انطباعا بأن الحكومة الاتحادية مع عملية التوافق والتصالح، وليس مع التخاصم.

 وأضاف أن "الشعب الكردي لديه عقدة من موضوع السلطة، وهو عادة ما ينجرف بالمشاعر والأحاسيس ضد فرض السلطة عليه، لكنه في الوقت نفسه يتجاهل فرض السلطة عليه والتفرد في القرار من بعض رموزه السياسية".

واستبعد الساعدي أن "تكون رمزية البارزاني قد فقدت بريقها كثيرا"، مؤكدا أنها "ستبقى ذات تأثير. وأن نقل صلاحياته إلى رئيس الحكومة، نيجيرفان البارزاني، لقي اعتراضا من قوى المعارضة الكردية.

 

فرض الواقع على الكرد

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، لـ"عربي21"، إنه "من الصعب الحكم على البارزاني، لا سيما بتاريخه وطبيعة البنية الذهنية التي يحملها، أنه قادر على التنحي بشكل حقيقي، وهو ما قاله بشكل واضح يوم أمس، في خطابه بأنه سيبقى بيشمركة". 

وشكك الكبيسي في قرار تنحي البارزاني، بالقول إن "ما يملكه البارزاني وعائلته من ثقل سياسي يحول دون الحديث عن خروجه من اللعبة"، لافتا إلى أنه "سيبقى مؤثرا في القرار في كردستان عموما ومدينتي أربيل ودهوك بشكل خاص، خصوصا في ظل الانقسام الواضح بين السليمانية وأربيل".

 

اقرأ أيضا: من أبرز مرشح لخلافة البارزاني بعد رفضه البقاء بالمنصب؟

 

وأشار إلى أن "الفاعل الحقيقي في إقليم كردستان هو البيشمركة وليس المؤسسات الحكومية، ومن يسيطر على البيشمركة هو من يمتلك القرار السياسي والأمني والاقتصادي، لهذا أنا اعتقد أن البارزاني سيبقى مهما ومؤثرا في العملية السياسية بالعراق".

وبخصوص الحديث عن إمكانية أن يمسك نيجيرفان البارزاني، ملف المفاوضات مع بغداد، فقد شكك الكبيسي بذلك، قائلا: "أشك أن يمسك نيجيرفان البارزاني بملف الحوار مع بغداد كما يريد، وإنما بالنهاية سيخضع لجملة اشتراطات من مسعود البارزاني".

وأعرب المحلل السياسي العراقي عن اعتقاده بأن "الفاعل السياسي الشيعي في بغداد، باعتباره المهيمن على القرار السياسي، يريد إعادة صياغة العلاقة مع إقليم كردستان لما دون الفدرالية، وبالتالي الإشكالية هناك في بغداد وليس في الإقليم".

وأردف بأنه "بعد زلزال صفقة كركوك، بدأ الإقليم يقبل بفكرة الفدرالية محدودة الصلاحيات، التي لها وصاية وسلطة كاملة على مناطقها، لكن من الواضح أن بغداد لم تعد تقبل بهذه الصيغة؛ لذلك فإن الإشكال الحقيقي اليوم مع بغداد".

 

اقرأ أيضا: برلمان كردستان يلغي "الرئاسة" ويقر توزيع مهام البارزاني

 

وعزا ذلك إلى أن "بغداد بدأت تتوهم بأن الدعم الدولي لها وعلاقات القوة التي فرضت في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، قد تتيح لها فرض أمر واقع لها على الأكراد كما فرضته على السنة. وهذا هو الإشكال الرئيس".

وعلى الصعيد ذاته، فقد قالت كتلة الحزب الديمقراطي في برلمان كردستان، الاثنين، إن قرار رئيس الإقليم مسعود البارزاني رفضه الاستمرار بمنصب الرئاسة ليس استقالة ولا تنحيا عن منصبه.

وقال رئيس الكتلة أوميد خوشناو، في كلمة له أمام حشد من مؤيدي البارزاني في أربيل، إن "الرئيس سيبقى في قلوب وروح الجماهير، وسيكون معنا باستمرار حتى تحقيق جميع الأهداف".

وأضاف خوشناو أن "البارزاني طالب مرارا بترك منصب الرئاسة، لكن الظروف والحرب ضد تنظيم الدولة تسببت بعدم إمكانية إجراء الانتخابات"، مشيرا إلى أن "مواقف التاريخ جعلت من البارزاني رئيسا وليس كرسي المنصب".

التعليقات (0)

خبر عاجل