كيف قرأ معارضون لبنانيون خطاب حسن نصر الله؟

ظهر الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الجمعة، في خطاب مرئي للمرة الثانية منذ أزمة استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري السبت الماضي، وهاجم في خطابه السعودية واتهمها بأنها تحتجز الحريري، إلى جانب تحريضها لإسرائيل على ضرب لبنان.

وأدان ما أسماه "التدخل السافر" للسعودية في الشأن الداخلي اللبناني، مؤكدا أن "السعودية فرضت بيان الاستقالة على الحريري، وهي تقوم باحتجازه وفرض إقامة جبرية عليه وتمنعه من العودة إلى لبنان".

واعتبر أن استقالة الحريري التي أعلنها من الرياض "غير شرعية ولا قيمة لها"، وأن حزب الله لا يعترف بها، معللا ذلك بالقول إن الاستقالة وقعت تحت الضغط والإجبار والإكراه من السعوديين، مضيفا "إذا عاد الحريري إلى لبنان، وقدم استقالته من الأراضي اللبنانية، حينها سنعترف بالأمر".

اقرأ أيضا: نصر الله: الرياض تحتجز الحريري وتحرض إسرائيل على ضرب لبنان

بدوره، رأي الكاتب والمحلل السياسي اللبناني عماد شمعون أن "خطاب السيد نصر الله اتسم بالهدوء وظهر عليه المنحى الاستيعابي للوضع، ولم يكن حاد اللهجة"، مستدركا قوله: "لكنه لم يأسف على الاستقالة"، حسب تعبيره.

وأوضح شمعون لـ "عربي21" أنه "كان يمكن للسيد نصر الله أن يتمنى على الرئيس الحريري التراجع عن الاستقالة لكنه لم يقل ذلك، وأكد أن الحزب سينتظر حتى الخميس القادم وفي حال لم يعود الحريري سيمضي في تشكيل حكومة جديدة".

وأكد شمعون أن "نصر الله حاول من خلال خطابه عمل مقاربة وكأن الشيخ سعد الحريري وعلاقته في لبنان مستقلة وهذا الأمر غير صحيح"، معتبرا قرار رئيس حكومة لبنان في السعودية وليس قراراه الشخصي، ولا يمكن فصل الحريري عن الرياض.

سياسة عدم التصعيد

وشدد على أن إعلان الاستقالة من السعودية وعدم التواصل المباشر لرئيس الحكومة اللبنانية مع أي من الأطراف داخل لبنان، زاد الشكوك بأن الرياض هي صاحبة القرار.

وفنّد ما قاله نصر الله أن الاستقالة لا تعبر عن تفكير سعد الحريري وهي كتبت له وفرضت عليه، ومحاولته التعاطي مع الحريري وكأنه ليس له علاقة مع السعودية، مؤكدا أن رئيس الحكومة اللبنانية شريك فيما حدث. 

وبين أن خطاب نصر الله جاء في إطار سياسة عدم التصعيد التي يتبناها الحزب اللبناني، لكن في المقابل هناك تصعيد سعودي من خلال الطلب من رعاياها مغادرة لبنان، مرجحا أن "تكون هناك نوايا عسكري ما تحضر للبنان".

اقرأ أيضا: هكذا وصف تيلرسون الحريري.. وحذر من "نزاعات بالوكالة" بلبنان

ورأى أن "طلب الرياض من الرئيس الحريري تقديم استقالته جاء لإخراجه من دائرة الحرج في حال قامت السعودية بأي عمل عسكري تستهدف فيه مواقع حزب الله في لبنان"، معتقدا أن التصعيد الكلامي يؤكد أن الأمور ذاهبة لتصعيد عسكري سعودي محتمل ضد لبنان.

وحول اتهام نصر الله في خطابه السعودية بتحريض إسرائيل لضرب لبنان، قال شمعون إن هذا يؤكد التناقض الصارخ بين حزب الله وإيران من جهة والسعودية من جهة أخرى، ويبرر الموقف العدائي تجاه السعودية كونها حليف لإسرائيل.

في المقابل، استهزأ المحلل السياسي اللبناني المعارض لحزب الله شارل جبور لغة الدفاع عن الحريري التي تكلم بها نصر الله في خطابه، مشيرا إلى أن الحزب متهم من قبل المحكمة الدولية باغتيال رفيق الحريري، إلى جانب إسقاطه حكومة الحريري الأولى.

الاستقالة أربكت حزب الله

وقال جبور لـ "عربي21" إن "ما يحصل اليوم هو معيب، لأن السعودية هي البلد الثاني للحريري"، منوها إلى أنه "حينما أسقطت حكومته الأولى أقام في الرياض، وبالتالي السعودية هي البيئة الحاضنة للبنان والرئيس الحريري"، حسب تعبيره.

ورأى جبور أن خطاب نصر الله يأتي في سياق التضليل من أجل حرف الأنظار عن المشكلة الحقيقية المتمثلة بسلاح حزب الله ودوره في أزمات المنطقة، مؤكدا أن المسألة المطروحة الآن على طاولة البحث بعد استقالة الحريري هي أنشطة حزب الله التي لم تعد تشكل خطرا فقط على لبنان، إنما تشكل خطرا على كل الدول العربية.

وذكر جبور أن "استقالة الحريري شكلت إرباكا كبيرا لحزب الله، ولا شك أن الحزب اليوم في موضع ضعف"، لافتا إلى أن الحريري استقال ولن يعود إلى الحكومة إلا في حال تمت معالجة الأسباب التي دفعت للاستقالة، ومنها لبناني وتتصل بتجاوزات الحزب في الأزمة السياسية، وأخرى إقليمية تتصل بتدخل حزب الله في أزمات المنطقة.

وأكد أن "خطاب نصر الله يندرج في محاولته لإعادة الغطاء الرسمي للحزب، الأمر الذي بات في الوقت الراهن مستحيلا"، مشددا أن لبنان دخل في مرحلة مواجهة سياسية طويلة الأمد، مستبعدا في الوقت ذاته أن تتطور هذه المواجهة لتصبح عسكرية.