مقالات مختارة

الإدارات العميقة

عاصم منصور
1300x600
1300x600

لقد شاع مصطلح الدولة العميقة في القاموس السياسي في السنوات القليلة الماضية، وذلك لوصف مراكز قوى خارج إطار التسلسل الإداري للدول، ترتبط بشبكة من المصالح عابرة للمؤسسات وللتقسيمات الإدارية مما يمكنها من الإمساك بالمفاصل الرئيسية للدولة ويجعل من عملية التغيير والتطوير والاصلاح عملية صعبة إن لم تكن مستحيلة؛ حيث ترى فيها خطرا وجوديا يتهدد مصالحها.
ونحن نجد استنساخا لمفهوم الدولة العميقة في مختلف المؤسسات؛ سواء كانت عامة أو خاصة، وغالبا ما تتمثل في مجموعة من الأشخاص من مستويات وظيفية مختلفة، تتحكم بأحد مفاصل المؤسسة المهمة، وتحكم السيطرة عليه مع الوقت، وذلك من أجل ضمان تغييب البديل وبالتالي أخذ المؤسسة رهينة بين أيديهم، يتحكمون بالكثير من قراراتها ويوجهونها بما يخدم أهدافهم الخاصة.


تبدأ المشكلة عادة بإحجام الإدارات عن اتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة، إما من باب التسويف أو من باب الحفاظ على وحدة المؤسسة، والمصلحة العامة، وعدم نشر الغسيل القذر. 
لكن هذا كله يستقبل من قبل هذه المجموعات، على أنه ضعف وعجز عن اتخاذ القرار مما يقوي شوكتهم ويعطيهم المبرر للانتقال إلى مفاصل أخرى حتى يتمكنوا من شل حركة المؤسسة، والاستحواذ غير الرسمي على صناعة القرار فيها وإدارتها من خلف الكواليس.


لا يمكن أن تستقيم أمور المؤسسات ما لم يخضع الجميع لسلطة القانون، وتحترم التراتبية الإدارية وتحصر عملية صنع القرار بالقنوات الشرعية، وتتحقق العدالة للجميع دون الاستسلام لإملاءات أحد.
لذلك على المؤسسات عدم تسليم رقبتها لأي كان مهما كان موقعه وأهميته، فبمقدار اهتمام المؤسسات بالحفاظ على موظفيها وضمان تطورهم، يجب ألا يكون هناك من لا يمكن إيجاد بديل له إذا لزم الأمر، وذلك من خلال نظام يضمن استمرارية العمل الطويل الأجل ويشمل كل أقسام المؤسسة ووحداتها.

 

الغد الأردنية

0
التعليقات (0)