سياسة دولية

كاتب إسرائيلي يكشف معضلة إسرائيل في وجود إيران بسوريا

بنيامين نتنياهو فشل في عقد صداقة "مصلحة" مع فلاديمير بوتين- جيتي
بنيامين نتنياهو فشل في عقد صداقة "مصلحة" مع فلاديمير بوتين- جيتي

كشف الكاتب الإسرائيلي ميرون رابوبورت، أن إسرائيل فشلت في تحذيرها من أن إيران هي مصدر الخطر الأكبر الذي لا يهدد وجود إسرائيل فحسب وإنما يهدد السلام في العالم بأسره. 


وقال رابوبورت، في مقال نشره على موقع "ميدل إيست آي"، إنه "بعد إخفاق إسرائيل في المحاولات التي بذلها لإفشال أو إبطال الاتفاق النووي مع إيران، وجد نتنياهو نفسه أمام قوات إيرانية تتواجد على مسافة لا تبعد عن حدود مرتفعات الجولان أكثر من خمسة كيلومترات".


وأوضح أنه "ما زال لا يوجد داخل سوريا انتشار ذو بال للقوات العسكرية الإيرانية، ولم ينشئ سلاح الجو الإيراني قواعد له فيها. إلا أن نظرة خاطفة على الخارطة، وخاصة بعد أحدث انتصارات حققتها قوات الأسد في شرق سوريا وبعد سقوط تنظيم الدولة في الموصل، تظهر خطاً مباشرا يمتد من إيران عبر العراق إلى سوريا ثم إلى لبنان".


وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن "معلقي القنوات التلفزيونية الإسرائيلية لا يفوتون الفرصة كلما أمكنهم ذلك لاستعراض هذه الخارطة وشرح ما فيها من تهديد، وبدلا من أن يبقى نظريا ومقتصرا في وجوده على خطابات نتنياهو في الأمم المتحدة، ها قد أصبح التهديد الإيراني واقعا ملموساً وعلى مرمى حجر".

فشل الصداقة مع بوتين

وقال ميرون رابوبورت إن "نتنياهو اعتقد بأنه سينجح في موازنة قوة إيران المتزايدة من خلال روسيا. ولذلك استثمر في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر مما استثمر في أي زعيم آخر في العالم، حيث اجتمع به ما يزيد على ست مرات خلال العامين المنصرمين".


وأضاف رابوبورت: "على الرغم من أن العلاقة الشخصية بين الرجلين قد تكون جيدة، وهذا ما تفاخر به نتنياهو في كل فرصة سانحة، إلا أن ذلك لا قيمة له من الناحية السياسية. لا يملك المرء إلا أن يخمن ما الذي شعر به نتنياهو وهو يسمع وزير الخارجية الروسي يتحدث عن "شرعية" الوجود الإيراني في سوريا".


وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الوجود الإيراني في سوريا "شرعي" جنبا إلى جنب، بطبيعة الحال، مع الوجود الروسي هناك – على النقيض من تواجد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، والذي بحسب ما صرح به لافرورف، لا يعتبر شرعيا.


وأضفى إعلان من طرف لافروف نوعا من المصداقية على فكرة أن السيناريو المهدد الذي حذر منه المعلقون الإسرائيليون في السنوات الأخيرة بات الآن يتحقق أمام الأعين على الأرض.


واعتبر الكاتب الإسرائيلي ميرون رابوبورت أن ذلك أفضل وصف لتصريح سيرغي لافروف.. هو ما يتولد لديك من شعور حينما يبصق أحدهم في وجهك.

وشدد رابوبورت على أن "المحور الذي يبدأ في إيران وينتهي على ساحل المتوسط في لبنان، والذي تسيطر عليه قوى طالما وصفتها إسرائيل بأنها أعداء شيطانية تسعى لتدميرها – إيران وحزب الله ونظام الأسد وغيرها – قد حصل الآن على ختم شرعية رسمي وعلني من قوة مثل روسيا، ويصعب من وجهة النظر الإسرائيلية تخيل سيناريو أسوأ من هذا السيناريو".


الحرب ضد من: إيران أم حزب الله؟


وأجاب الكاتب الإسرائيلي ميرون رابوبورت في مقاله عن تساؤله "هل إسرائيل على طريق شن حرب ضد حزب الله في لبنان أو ضد القوات الإيرانية في سوريا؟"، بأنه بناء على ما يرد في التغطية الإخبارية للتلفزيون الإسرائيلي، فإن ما ترغب المملكة العربية السعودية في أن تقوم به إسرائيل هو إعلان الحرب ضد حزب الله. باعتبار أن الجيش السعودي، الذي يتكبد الهزيمة في اليمن المجاورة، ليس بإمكانه أن يشكل أي تهديد للبنان عن بعد أما إسرائيل، فبإمكانها أن تفعل ذلك خدمة للسعوديين.


واعتبر رابوبورت أنه بالرغم من أهمية العلاقات مع المملكة العربية السعودية، فإنك لا تجد في إسرائيل من يتحمس لسفك الدماء خدمة لمصالح ولي العهد محمد بن سلمان. كما أن نتنياهو يدرك جيدا أنه حتى لو لم تكن الحكومة السعودية تأبه في واقع الأمر بالفلسطينيين إلا أن الرأي العام في المملكة العربية السعودية وفي العالم العربي قاطبة لن يسمح للسعوديين بإبرام تحالف وثيق مع إسرائيل دون أن تقدم الأخيرة تنازلات من نوع ما، حتى لو كانت شكلية ورمزية، لصالح القضية الفلسطينية. وبالنظر إلى وضعه السياسي الحالي في إسرائيل، لا يملك نتنياهو دفع مثل ذلك الثمن في الوقت الراهن.

الوضع الأمني الهادئ


ومن وجهة نظر سياسية للكاتب الإسرائيلي، فإن من أبرز إنجازات بنيامين نتنياهو – في ما يتعلق بالرأي العام الإسرائيلي - الوضع الأمني الهادئ نسبيا الذي تحقق لإسرائيل خلال السنوات الثماني الماضية، أي منذ أن استلم السلطة للمرة الثانية.

وأحجم نتنياهو طوال فترات حكمه، على مدى أحد عشر عاما (بما في ذلك فترته الأولى ما بين عامي 1996 و1999)، عن القيام بأي حملات عسكرية واسعة النطاق عدا عملية الجرف الواقي في عام 2014، ومقارنة بما فعله سلفه في رئاسة الوزراء إيهود أولمرت، فقد شن الأخير حربين كبيرتين خلال عامين، إحداهما في لبنان عام 2006 والأخرى في غزة عام 2008، وتمخض عنهما مقتل ما يزيد على 2500 لبناني وفلسطيني وإسرائيلي.

وحذر الكاتب الإسرائيلي ميرون رابوبورت من أن أي مواجهة عسكرية مع حزب الله أن تضر بسجل نتنياهو، وليس فقط لأن حزب الله طور قدراته وعزز من إمكانياته وليس فقط لأنه تمكن من الحصول على عشرات الآلاف من الصواريخ، وإنما لأن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه إذا ما هوجم حزب الله في لبنان، فإن رد الفعل لن يأتي فقط من لبنان بل وأيضاً من سوريا حيث يتواجد حزب الله هناك بكثافة. ولعله لهذا السبب لم تعد إسرائيل تتحدث عن "الجبهة اللبنانية" وإنما عن "الجبهة الشمالية"، أي لبنان وسوريا معا.

وأوضح ميرون رابوبورت، أنه "بالرغم من تتمتع إسرائيل حاليا بتفوق عسكري واضح على حزب الله، طالما أن الجيش السوري بقيادة الأسد لا يكاد يتواجد هناك، وطالما أن إيران لم تنشئ بعد قواعد لها في سوريا. إلا أن هذا الوضع يمكن أن يتغير خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة لغير صالح إسرائيل، وبناء عليه فثمة منطق في اغتنام الفرصة والتحرك على المدى القريب".

وشدد على أن العامل الأهم الذي يؤثر في صناعة القرار هو الاحتمال الكبير بأن تنظم انتخابات خلال النصف الأول من عام 2018 بسبب التحقيقات الجنائية التي تجري ضد نتنياهو، الأمر الذي قد يدفعه إلى المجازفة وخوض مواجهة عسكرية، ظنا منه بأن الرأي العام سيتوحد من ورائه وسيدعم الحكومة أثناء الحرب. ومع كل ذلك، ولو كان للمرء أن يخمن، فالأغلب أن إسرائيل ستختار الانتظار، فالمراهنة على الحرب في هذا الوقت بالذات يمكن أن تكون تكاليفه باهظة.


وخلص الكاتب الإسرائيلي في مقاله إلى أن "الخيار الذي تواجهه إسرائيل الآن ليس بسيطا، وأن الانطباع السائد هو أن ائتلاف حزب الله وإيران مصدر خطر حقيقي، وحينما تستقر أوضاع نظام الأسد، فسوف يصبح الجيش السوري عاملا آخر يضاف إلى هذه المعادلة التهديدية، ثم تأتي المظلة الروسية لتعزز من قوة هذا المحور.

التعليقات (0)