مقالات مختارة

فلسطين ترد على الابتزاز الأمريكي!

هاني حبيب
1300x600
1300x600

هذه المرة جاء الرد الفلسطيني سريعا وواضحا، في مواجهة الابتزاز الأمريكي، بعد تهديد واشنطن بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأمريكية، في حال لم تشارك في مفاوضات «مباشرة وهادفة» من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، بذريعة أن منظمة التحرير تخالف قانونا أمريكيا ينص على ضرورة إغلاق مكتبها في واشنطن، إذا ما قامت بدفع المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، مع العلم أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان قد دعا المحكمة الجنائية الدولية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي، للتحقيق وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.


مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن تم افتتاحه في عهد الرئيس كلينتون عام 1994 بعد أن ألغى قانونا كان يمنع ذلك، بينما لم يرفع العلم الفلسطيني فوق مكتب المنظمة في واشنطن إلاّ في العام 2011، فمن الناحية التقنية والقانونية ،فإن القانون الذي يستند إليه الرئيس الأمريكي بهذا الخصوص تم إلغاؤه من قبل الرئيس الأسبق كلينتون، والعودة عن هذا القانون يتطلب تشريعا جديدا، في حين يرى بعض فقهاء القانون في الولايات المتحدة، أن تنفيذ هذا القانون، في حال تجديده، يتطلب مهلة 90 يوما، للتحقق فيما إذا أقدم الجانب الفلسطيني على الاستجابة للربط الأمريكي بين التنفيذ والانخراط الفلسطيني بمحادثات سلام مباشرة وهادفة مع إسرائيل، كما نقلت وسائل الإعلام الأمريكية عن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، وكما أشرنا فإن الرد الفلسطيني جاء بسرعة من قبل وزير الخارجية رياض المالكي برفض الضغط الأمريكي، أو أي ابتزاز يهدف إلى إرباك الموقف الفلسطيني إزاء مكتب المنظمة أو العملية التفاوضية، مع أن وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون لم يوقع بعد مضي يومين على انقضاء فترة الإبقاء على مكتب المنظمة مفتوحا على المذكرة الخاصة بهذا الشأن، حسب المالكي.


ويبدو الربط الأمريكي بين بقاء مكتب منظمة التحرير الفلسطينية مفتوحا، مقابل مفاوضات «مباشرة وهادفة» مع إسرائيل، وكذلك عدم التوجه للجنائية الدولية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ربطا مفتعلا إلى أقصى الحدود، ويشكل تأكيدا إضافاً إلى خضوع إدارة ترامب للضغوط والابتزاز الإسرائيلي، خاصة بعدما تراجعت هذه الإدارة ولو مؤقتا عن نقل سفارة أمريكا إلى القدس المحتلة.


ستخسر فلسطين كثيرا إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، لكن الولايات المتحدة ستفقد بالمقابل قدرتها على أن تدعي أنها وسيط نزيه للعملية السياسية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بعدما آثرت عدم الالتزام بما التزمت به الإدارات الأمريكية السابقة كافة، بحل الدولتين وباعتبار الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي وغير قانوني، ناهيك عن دعم الدولة العبرية في المحافل الدولية لإدارة الظهر للقوانين والقرارات الدولية، وبالتالي فإن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية سيؤدي من دون شك إلى أن الدور الأمريكي كراع للعملية السياسية، موضع شك كبير على أوسع تقدير!


وعندما أشار الرئيس عباس في خطابه أمام الجمعية العامة حول التحقيق والملاحقة والمحاكمة لمجرمي الحرب الإسرائيليين قبل أكثر من شهرين، لم تربط واشنطن بين هذه الدعوة وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأمريكية، في حين أن الإشارة التي تربط بين الأمرين من قبل الخارجية الأمريكية لم ترتبط بزمن محدد لهذا الإنذار والتهديد، الأمر الذي يترك مجالا للشك في مدى جدية واشنطن باتخاذ هذا الإجراء، رغم تأخرها المتعمد في التوقيع على مذكرة التمديد لفتح مكتب المنظمة.


إلا أن أهمية هذا التهديد، يعكس ميلا أمريكيا إلى تحميل الفلسطينيين مسؤولية فشل العملية السياسية من ناحية، ومحاولة للربط غير المباشر بين خطط أمريكية غير واضحة أو محددة، وما يقال عن مساعي واشنطن لعقد مؤتمر إقليمي يهدف إلى تذليل الصعوبات أمام بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع إسرائيل، مؤتمر يضم دولا عربية إلى جانب إسرائيل، يتم من خلاله الخضوع للتفسير الإسرائيلي للمبادرة العربية، وبحيث يتم الاعتراف والتطبيع مع دولة الاحتلال، قبل المفاوضات بل شرطا لها، أيضا، في حين أن هذه المبادرة التي أجمع عليها العرب في قمة بيروت، تشير إلى مفاوضات تؤدي إلى حل عادل وشامل وقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ما يؤدي إلى اعتراف عربي، انسجاما مع الالتزام بحل الدولتين.


الرد الفلسطيني السريع والحاسم والواضح، كان ولا يزال مطلوبا دائما في مواجهة كل أشكال الضغوط والابتزازات، التي يمارسها التحالف الاستراتيجي الإسرائيلي ـ الأمريكي!

الأيام الفلسطينية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل