صحافة دولية

كيف تسعى السعودية وإيران إلى توريط دول أخرى في صراعهما؟

محمد بن سلمان - أ ف ب
محمد بن سلمان - أ ف ب
 نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية مقالا للخبير في الشؤون الإيرانية، علي فتح الله نجاد، تطرق من خلاله إلى عواقب الصراع السعودي الإيراني في المنطقة، وكيف أن كلا الدوليتين تسعى إلى تحميل طرف ثالث نتائج هذا الصراع. وظهر ذلك جليا في استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري. وليس هذا فحسب، وإنما في الحرب ضد تنظيم الدولة، والحرب في سوريا، بالإضافة إلى الصراع في اليمن.
 
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن استقالة الحريري من داخل الأراضي السعودية جعلت العالم العربي في أزمة حقيقية، إذ أوحى الظهور المتوتر لسعد الحريري في المقابلة التلفزيونية -التي أجراها من داخل المملكة- أنه محتجز هناك. كما أوضحت هذه المقابلة إلى أي مدى تصاعد الصراع السياسي في المنطقة، وكيف مارست السعودية على سعد الحريري ضغوطا هائلة، مستغلة وجود أسرته داخل المملكة، لدفعه إلى التراجع عن التحالف المزمع تأسيسه مع حزب الله اللبناني.
 
ومن جانبها، تسعى إيران إلى إنشاء قواعد عسكرية في المناطق التي تم تحريرها من تنظيم الدولة في سوريا والعراق، كجزء من إستراتيجيتها الدائمة في المنطقة. وفي سياق مغاير، وصف الكاتب استقالة الحريري بأنها "مسرحية"، أحسن محمد بن سلمان إخراجها.
 
واعتبر الكاتب أن الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر يوم هام في تاريخ المنطقة. فبعد استقالة الحريري في ذلك اليوم، اتخذ ابن سلمان إجراءات حاسمة أخرى؛ بهدف امتلاك زمام أمور المملكة في يديه، حيث ألقى القبض على العديد من رجال الأعمال والأمراء والمسؤولين، ووضعهم تحت الإقامة الجبرية في أحد الفنادق.
 
وأضاف الكاتب أن الحريري فعل ما أملته عليه السعودية، بإلقاء اللوم على كل من حزب الله وإيران في استقالته، بالإضافة إلى اتهامهما بأنهما السبب الرئيسي في الاضطرابات التي تحدث في المنطقة، خاصة داخل لبنان. في اليوم ذاته، أطلق الحوثيون صاروخا بعيد المدى باتجاه الرياض. وعلى خلفية ذلك، أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أنه صاروخ إيراني أطلقه مقاتلو حزب الله المتمركزون في اليمن.
 
وفي سياق متصل، تابع عادل الجبير بأن الرد على مثل تلك المناوشات سيكون في الوقت المناسب، وأردف قائلا إن "هذا الصاروخ بمثابة إعلان لبنان الحرب على السعودية"، علما بأنه لم يتم إلى الآن تحديد هوية ذلك الصاروخ. في المقابل، تفيد بعض التقارير بأن مليشيات الحوثي تلقت تدريبات عسكرية بمساعدة حزب الله.
 
وأفاد الكاتب بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، استطاع تعزيز سلطته خلال فترة حرجة جدا للسياسة الخارجية السعودية، حيث تلعب إيران في الوقت ذاته دورا بارزا في المنطقة. وليس من قبيل الصدفة أن تصدر هذه التصرفات عن السعودية ضد إيران وحليفها الدائم في المنطقة، حزب الله، في الوقت الذي يتساقط فيه تنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق. في حقيقة الأمر، تسعى إيران إلى توطين نفسها في المناطق التي انسحب منها تنظيم الدولة، بداية من التحكم في تركيبة سكان هذه المناطق، وحتى إنشاء قواعدها العسكرية الخاصة.
 
وأشار الكاتب إلى أن الحريري استقبل في بيروت قبل يوم واحد فقط من استقالته "علي أكبر ولايتي"، كبير مستشاري الشؤون الخارجية لقائد الثورة الإيرانية، آية الله خامنئي. في الواقع، يحدد خامنئي بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني الدور الذي تلعبه إيران لفرض هيمنتها على المنطقة، ويعدّ حزب الله أحد أركان هذا الدور.
 
ووفقا لوسائل إعلام إيرانية، نقلا عن مصادر مقربه من ولايتي، أبلغه الحريري خلال هذا اللقاء بطلب السعودية إنهاء التدخل الإيراني في اليمن. وبعد ساعات من اللقاء، غادر الحريري لبنان فجأة، متجها إلى الرياض، قبل أن يعود منذ ساعات بطرق ملتوية. وإلى حد الآن، ما زال الكثير من التفاصيل المتعلقة باستقالة الحريري غامضا.
 
وفي الختام، أوضح الكاتب أن نهاية تنظيم الدولة في المنطقة كشفت النقاب عن فصل جديد من صراع الهيمنة الإيراني السعودي. وما لا شك فيه، أن الحديث عن حرب وشيكة بين الطرفين لم يعد مستبعدا؛ بسبب التقارب في موازين القوى بينهما. وبناء على ذلك، على الجميع أن يكون مستعدا لتلك الحرب.
 
التعليقات (0)

خبر عاجل