قضايا وآراء

الشعب غير المسيس.. بين الإخوان والتيارات الأخرى

محمد إسماعيل
1300x600
1300x600
ما أطرحه قراءة بعين مواطن مصري خارج النزاعات السياسية والحزبية والإيدولوجية، لعلها تساعد في المكاشفة والمصارحة والتسامح!!

أنا شخص خارج جميع التيارات السياسية والإيديولوجية والحزبية. كنت، وكثيرون مثلي، نحاول أن ندعم من مواقعنا بعيدا عن أرض الوطن.. أي حزب أو رمز لثورة يناير التي رفعت رؤوسنا فخرا واعتزازا، وكنا بحق نفخر بشعار "أرفع رأسك فوق أنت مصري".

عرفنا قيمة وأهمية مصر جيدا عندما رأينا جميع وكالات الأنباء، لمدة أيام وأسابيع وشهور، لا تغطي أي حدث إلا الثورة المصرية، وعلى مدى ساعات.. تنقل وتحلل، وتستعرض. منذ تلك اللحظة شعرنا بقيمة مصر في العالم أجمع. بدأ كثير منا بالتواصل مع الرموز والقيادات والأحزاب لتوصيل الاقتراحات والأفكار وغيرها، وكان الألم يعتصرنا عندما نرى تناحر السياسيين بعد الثورة.

تواصلت أنا وغيري مع جماعة الإخوان المسلمين، لنصيحتهم بعدم تقديم مرشح منهم بعد أن وصلنا قرارهم، ومع ذلك دعمنا الدكتور محمد مرسي رغم عدم معرفتنا به؛ لأن الأمر الواقع فرض نفسه بأن يكون هو ممثل الثورة أمام مرشح النظام السابق، وكان ظننا أن الجماعة كيان منظم، ولديه القدرة للتصدي للدولة العميقة.

انتخبناه (مرسي) رغم أننا كنا نتمنى أن يكون الرئيس الأول بعد الثورة شخصية لا تحمل السمات الإسلامية الظاهرة (اللحية تحديدا)، وأن يكون أكثر كارزمية، على الأقل في أول انتخابات أمام العالم، فإن أصروا على الدفع بمرشح منهم، فعلى الأقل أن يكون شخصا مثل حسن البرنس أو باسم عودة، ولكن سياسات الجماعة أبت إلا ما رأته هي متماشيا مع مصالحها الخاصة.

أخطأت الجماعة في ترتيب أولوياتها، فجعلت علاقتها بالجيش فوق علاقتها برفقاء الميدان، ظنا منها أن حجم المؤيدين هو العامل الوحيد في ترجيح كفتها على كفتهم؛ نظرا لقلة أنصارهم بالمقارنة، فتحول الحوار من نقاش بين رفقاء، إلى شجار بين فرقاء، واكتسب الجيش أرضية جديدة كل يوم بسبب هذا الشقاق.

لم يحتووا (الإخوان) التيارات الأخرى، ولم يحاولوا الاستفادة من القدرات العلمية والعملية عند غيرهم، حتى النذر اليسير ممن عمل معهم من غيرهم كان للدعاية وذرا للملح في العيون. الاغترار بالعدد والعتاد كان سيد الموقف، وهذا ما استغله السيسي للانقضاض عليهم، وعلى بقية التيارات بعد ذلك، ليقضي على ثورة عظيمة دفع أبناء مصر من دمائهم وأبنائهم ثمنا لها.

نسي الإخوان والدكتور مرسي أنهم جاؤوا نتاج ثورة حرة، وأن الشعب أصبح شريكا حقيقيا في الإدارة، فاختاروا لأنفسهم القيادة والتصرف والقرار، دون حتى مشاركة الشعب ليكون ظهيرا لهم، فتراكمت المؤامرات والدسائس عليهم وعلى الثورة. وكان الإعلام هو أداة الثورة المضادة ليشخصن الثورة في الإخوان، ثم يشيطنهم، فتفقد الثورة ظهيرها الشعبي الذي ساندها وأنجحها بالفعل. حتى في اللحظات الأخيرة التي تكلم فيها الدكتور مرسي كرئيس للجمهورية، وأوضح بعض الحقائق الخفية، صار كلامه غير مصدق؛ لأن السيسي بأذرعه الإعلامية تمكن من حشد القوة الأخرى، وتحول الإخوان إلى العدو وانقلبت الآية.

أما التيارات الأخرى، فنسوا أو تناسوا أن للفائز في الانتخابات أن يضع رؤيته وتصوره لإدارة المرحلة، وأن يضع الأهداف والاستراتيجيات حسب المعطيات التي يراها هو وحزبه؛ لأنه المسؤول أمام مصر وشعبها عن النتائج.

صار شعار تلك التيارات "فيها لأخفيها" هو المسيطر على المرحلة.. إما أن نكون شركاءكم في الحكم، أو نثير الشارع والجماهير بمظاهرات مضادة، وتصريحات غير دقيقة، وأخبار مصطنعة، وسباب وإهانات، ولم يعطوا للدكتور مرسي والإخوان فرصة للعمل، أو تقديم أي نتائج ثم يحاسبوه على ما قدم.

ولكن حب وشغف السلطة والطمع وأسلوب "خالف تعرف" كان سيد الموقف لدى هؤلاء. تمكن السيسي والمجلس العسكري من اختراق الصفوف، وتقوية المعارضين ماديا وإعلاميا وأوهموهم بأنهم البديل، والجيش مجرد حام لهم حتى يصل بهم إلى إقامة دولة مدنية لا ينازعهم فيها الإخوان.. وتصديقهم كان سذاجة سياسية.

فبدلا من أن يتحدوا ويتعاونوا وينزلوا إلى الشارع في جميع محافظات مصر لتوعية المواطن العادي، وكسب أرضيات حقيقية، وتكون منافستهم للإخوان (وحزب الحرية والعدالة) منافسة شريفة تتبع قواعد الديمقراطية والحرية، اختاروا (المعارضون) الطريق الأسرع والأسهل، وهو مشاركة السيسي والمجلس العسكري ودعم الخارج مهما كانت أجندته في التخلص من الدكتور مرسي والإخوان، وتجاهلوا حقيقة أن هذا الانحياز للقوة المسلحة ومصالح الدول الأخرى، قد ينجرف بالبلاد إلى مستنقع الحرب الأهلية والاحتلال الناعم.. كانت نظرة محدودة، ملأتها الأنانية، والمصلحة الخاصة لا مصلحة مصر وشعبها.

الخلاصة مفادها أن الإخوان جاؤوا بمشروع هو السيطرة على الحكم، وجاء الآخرون بمشروع هو إسقاط الإخوان، ولم يضع أحدهم مشروعا حقيقيا لبناء الوطن وتعويض أبنائه عن السنوات الطوال العجاف.

يا سادة.. كلكم أخطأتم، ونحن الشعب غير المسيس كان ضحيتكم. إن لم تتمكنوا من المصارحة، فأنا مواطن مصري عادي بلا أي انتماءات إلا للوطن.. أريد أن أقول لكم: سامحكم الله، أنتم السبب فيما وصلنا إليه من انهيار، فأريحونا، وتواصلوا، وحاولوا ولو لمرة أن تصلحوا ما أفسدتموه لأن التاريخ لن يسامحكم.

ارحمونا يرحمكم الله..

من أنا؟

مواطن مصري بلا انتماءات أو إيديولوجيات، ولا أعلم من يوافقني الرأي ومن يخالفني، لكنني أحببت أن أكتب ملخصا عما يدور في القلب والعقل، كنوع من المصراحة والشفافية. وهذا فقط قليل مما رأته عيناي، وسوف يأتي يوم أحكي تفاصيل أخرى موثقة. أرجو أن يكون ذلك في بلادنا ونحن نتصافى ونتسامح عن أخطائنا.
التعليقات (2)
Hussein Badiny
الإثنين، 29-01-2018 12:08 ص
مقال جيد جدا يملؤ الصدق و حب الوطن كلماته، و لكني لا اتفق مع الكاتب في بعض النقط و هي تجاهل الاخوان لباقي القوي الثورية فهذا غير صحيح كذلك اتهامه للاخوان بانهم دخلوا الحكم بمشروع الاحتفاظ بالسلطة و عدم الاهتمام بالوطن فهذا ايضا غير صحيح و اتهام غير عادل.
مصري جدا
السبت، 16-12-2017 12:32 م
تشخيص مختصر ومقبول ،، لكن من افسد لا يمكن ان يصلح ،، ومن اخطآ يكفيه ما تم وغيره يصلح ،، الجيل الموجود الان من القيادات العليا للاخوان وباقي المربع المدني من نفس الجيل تجاوزتهم طبيعة المرحلة ،، فضلا عن كونهم من تسببوا فيما نحن فيه ،، والرهان عليهم مرة اخرى رهان خاسر ،، لانهم جميعا دون استثناء لا يملكون مهارات الخروج من المازق ولا يسمحون لمن يملك تصدر المشهد ،، وبالتالي فلن يكون هناك وحدة للصف ،، ووحدة الصف هذه فكرة رومانسية ،، وما صدر من مبادرات تقصي ما اسمته بالفاشية السياسية والفاشية الدينية وهو تكرار لاخطاء سابقة ،، ولم يتوحد صف المعارضة الا بادارة المخابرات والاجهزة الامنية ليكونوا الغطاء المدتي للوجه العسكري القبيح ،، غطاء يعطي مصر على طبق من ذهب للعسكر مقابل التخلص من الاخوان الاغبياء ،، غطاء قتل المسار الديمقراطي الوليد في مهده وحرم ملايين الشباب من ثنرة جهدهم وتحقيق احلامهم في غد افضل ،، خلاصة القول ،، الجيل الحالي لا يصلح لانه محترف اخفاق والبديل حيل جديد حتى ولو من نفس الكيانات الموجودة ،، لكنه يفكر ويخطط ويعمل بكريقة تناسب حجم التحديات والازمة ،،، لك الله يا مصر