كتاب عربي 21

خليفة حفتر وآمال ما بعد 17 ديسمبر!

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

لم يعد للتهديد الذي أطلقه خليفة حفتر بوضع اليد على السلطة يوم 17 ديسمبر أي أهمية اليوم، فالتصريحات الأخيرة له تنقض ما توعد به في السر وفي العلن من ضرورة تحرك الجيش لإدارة شؤون البلاد بعد انتهاء أجل الاتفاق السياسي غدا.


تبرؤ حفتر من أعمال التخريب التي قام بها أنصاره والذين اعتدوا على تجهيزات تتعلق بالانتخابات في مدينة بنغازي يؤكد أنه تخلى عن فكرة إحلال الجيش محل المؤسسات المدنية بانقضاء يوم 17 ديسمبر.


المشروع السياسي لحفتر منذ إطلاق عملية الكرامة كان يقوم على فرض نفسه كحاكم للبلاد من خلال القوة العسكرية، وظل حفتر غير عابئ بالأجسام السيادية التشريعية والتنفيذية حتى تلك التي شرعنت وجوده ومنحته منصب قائد الجيش ورتبة مشير.


ولأن العملية السياسية ما بعد اتفاق الصخيرات تعثرت ودخلت حالة من الجمود، وجد حفتر في ذلك فرصة لملء الفراغ من خلال تأييد شعبي وتفويض جماهيري وأنصار مسلحين يكونوا أداة هيمنته على كافة مناطق البلاد، معتمدا على دعم مالي وعسكري سخي من أطراف إقليمية ودولية.


فشلت مقاربة فرض الإرادة بالقوة لسببين، أولهما هشاشة الحلف السياسي والعسكري الذي عقد حفتر عليه الآمل، فمن أعلنوا تأييدهم لعملية الكرامة وعرابها في مناطق الغربي الليبي تراجعوا عن حماسهم وانفلتوا من زمام العهود التي قدموها لحفتر ولذلك أسبابه التي منها الإدارة العسكرية غير الموفقة لعملية الكرامة في بنغازي والتي انتهت إلى انقسامات وخلافات حادة، فهناك انشقاق جناح من العواقير عن حفتر، وهناك الخلاف الذي وقع مع قبيلة البراعصة على خلفية اقتحام بيت القائد الميداني فرج البرعصي، وفي عدم إشارة بيان قبيلة العبيدات الأخير للجيش وقائده ما يفيد أنهم ليسوا على موقفهم السابق من حفتر.


ثاني الأسباب هو موقف المجتمع الدولي الذي أرسل رسائل واضحة لحفتر منها استقبال السراج في أهم العواصم العالمية خلال الأسبوع الماضي والنص صراحة على أن الاتفاق السياسي هو المظلة التي تجمع الليبيين إلى حين إجراء الانتخابات.


سلوك حفتر يشير إلى تسلمه توجيهات واضحة بخصوص احترام حكومة الوفاق والعدول عن فكرة اعتبار المؤسسات المنبثقة عنه منتهية بحلول يوم 17 ديسمبر، الأمر الذي مكن قادة الوفاق السياسي من إعادة بعض التوازن في المشهد.


ويكشف اشتراط السراج الإفراج عن القائد الميداني في عملية الكرامة فرج اقعيم، والذي عُين وكيلا لوازرة داخلية الوفاق، للقاء حفتر عن ترجح الكفة لصالحه بعد أن كان شديد الحرص على التنسيق مع حفتر فيما كان موقف الأخير التعنت ورفض حتى مجرد الاجتماع.


إذاً مشروع الإطاحة بالوفاق وفرض الحكم العسكري تراجع، وليس أمام حفتر وفق المعطيات الحالية إلا الانتخابات كونه رقم مهم وأبرز الزعامات السياسية الراهنة، لكن لا يعني ذلك أن كرسي الرئاسة سيكون مضمونا للمشير، فهناك ما يشير إلى تحدي قد يجعل من فوزه بالانتخابات أمرا صعبا.


زيارة الدكتور محمود جبريل لطرابلس مؤشر على أن هناك اتجاه لتشكل جبهة من الممكن أن تكون قوية وقادرة على تبديد أحلام حفتر في الوصول إلى حكم البلاد.


جبريل التقى بمجاميع سياسية واجتماعية وعسكرية، وقد زار طرابلس، التي سبق وأن صرح أنها تقع تحت سيطرة مليشيات، دون أن تكون له زيارة مشابهة لبنغازي وللشرق الليبي، والدلالة هنا لا تحتاج إلى توضيح.


أتصور أن الحراك القادم لمحمود جبريل يتعلق بتخوف حقيقي من أن الساحة ممهدة لفوز حفتر بالانتخابات الرئاسية في حال ظل الوضع على ما هي عليه في الوقت الراهن من تمزق وخلافات.


بل إن كثير من القيادات السياسية والنشطاء المدنيين الذي وقفوا موقفا مصادما للتيار الإسلامي وغيرهم من غير الإسلاميين الذي عارضوا عملية الكرامة وناصروا عملية فجر ليبيا، يتفقون على ضرورة وقف تغول خليفة حفتر ومنع عسكرة الدولة ومصادرة مكتسبات مهمة لثورة فبراير وفي مقدمتها إنهاء حكم الفرد.


لقد أسهمت التجاوزات الكبيرة والخطيرة التي وقعت فيها عملية الكرامة وبررها عرابها ومنها الانتهاكات المباشرة لحقوق الإنسان، كحق الحياة وحرية التعبير والتفكير وحق التجمع....ألخ، أسهمت في تراجع جمهرة من الفاعلين السياسيين والنشطاء المدنيين والمثقفين وغيرهم عن موقفهم، والعديد منهم يطالب بتشكيل جبهة تناصر الحكم المدني وتتصدى لحكم العسكر وهيمنة الفرد.


والخلاصة أن كل المؤشرات تقود إلى اقتراب الجميع من الوفاق أو عدم مصادمته والتركيز على الانتخابات كسبيل لتحقيق الطموح السياسي.

التعليقات (1)
حسن سالم
السبت، 10-02-2018 09:18 م
ممتاز