مقالات مختارة

لماذا تذبح الدكتاتوريات مواطنيها مثل الخراف؟!..

محمود سلطان
1300x600
1300x600

لماذا تذبح الدكتاتوريات العربية مواطنيها مثل الخراف؟!.. هذا السؤال لا يريد أحد الإجابة عنه، إما كسلا وإما استسهالا، وإما لغياب الوعي بأصول الظاهرة الممتدة بجذورها عبر قرون طويلة من "الماضي".. رغم أن الأخير حاضر ومسيطر وبقوة ـ بوعي أو في لا وعي السلطة ـ أي سلطة عربية.. في التعاطي مع "الإنسان ـ المواطن العربي": لا قيمة له ولا وزن.. فقط محض مصدر لجمع الجباية والضرائب.

تأملوا المذابح في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفي الجزائر.. وما حدث في مصر إثر إعفاء محمد مرسي من منصبه بالتدخل الخشن؟!

في هذه الدول كانت تُجرى المذبحة تلو الأخرى باسم "الحفاظ على الدولة من السقوط".. سمعنا هنا في مصر عن "فوبيا إسقاط الدولة".. وسوريا دُمرت بالكامل وقُتل أكثر من 500 ألف سوري، وهُجّر ثمانية ملايين منهم، باسم الحفاظ على "وحدة الدولة" من التفكك والسقوط!!

ولا تكاد تسمع شيئا عن "الإنسان".. أين الإنسان؟!.. إنه إما ذبيح أو معوق أو متسول يتكفف الناس في الشوارع والمنافي.. نساؤه سبايا أو بغايا أو عائلات مدمرة، بعد أن قُتل عائلها من أجل "الحفاظ على الدولة من السقوط"، تحت أنقاض القصف والبراميل المتفجرة أو القنص.. أو تحت التعذيب في معسكرات ومقار الأمن المرعبة والوحشية، أو الإهمال العمدي داخل الزنازين المظلمة.

الظاهرة ليست سليلة الحاضر، كما يعتقد البعض نتيجة استيلاء القوميين على الحكم في غالبية العواصم العربية؛ لأنها قاسم مشترك بين كل الدول العربية، المؤسسة على الشوفينية "القومية المتطرفة" أو تلك التي تستمد شرعيتها من أصول "ثيوقراطية": القوميون والدينيون واحد في هذه الظاهرة، الأول يسحق "المواطن ـ الإنسان" باسم الحفاظ على الدولة.. والثاني يذبحه باسم الحفاظ على "الدين" وعلى "الدولة" أيضا.

لا فرق بين ما حدث في سوريا والعراق وليبيا والجزائر واليمن ورابعة والنهضة ورمسيس ومسجد الفتح في مصر، وبين ما ارتكبه الأمويون والعباسيون من مجازر باسم الدولة أو الحفاظ على الدولة.. العباسيون قتلوا أكثر من 600 ألف مسلم، من أجل "تثبيت الدولة"!! وذلك على سبيل المثال لا الحصر!

الحاضر "الدموي ـ الديكتاتوري" الحالي في العالم العربي، هو وريث هذه التجارب "الدموية" في تاريخ الممارسة السياسية للسلاطين المسلمين.. وما جعلها جزءا من تكوين العقل السياسي العربي تحديدا ونظرته للإنسان "المواطن"، أن فقهاء ذلك الزمان، انحازوا للدولة، ولو قامت على المجازر الدموية المروعة للحفاظ عليها.. اعتقادا منهم أن قيام الدين مشروط بقيام الدولة.. وقد تم تدوين الفكر السياسي في التجربة الإسلامية، في نهايات القرن الرابع الهجري، على يد "الماوردي" و"الجويني" في صورة خطاب تبريري لهذه الدموية باسم الحفاظ على هيبة الدولة.

الخلاصة السريعة في هذا السياق، أنه إذا لم تخضع جدلية العلاقة بين الإنسان من جهة والدين والدولة من جهة أخرى للمراجعة، ويعاد الاعتبار للإنسان، وليتبوأ رأس الأولويات الثلاث، فإنه لا أمل أن نعيش بكرامة وبحقوق وكبني آدميين في أي بلد عربي أيا ما كان.



المصريون المصرية

3
التعليقات (3)
مسلمة
الخميس، 21-12-2017 08:39 ص
عندما ينتقل المتسلقين و المنتفعين الانسان موقف وخير موقف وقوفه بوجه الظلم ايا كان وفي اي مكان دون مطالب شخصية او نظرة انانية لمصالحة !
هشام علوان
الأربعاء، 20-12-2017 10:14 م
عتاب الى عربي 21 ...... يا ريت تستنضفوا الكتاب اللي بتنشروا مقالاتهم.
محمود
الأربعاء، 20-12-2017 10:07 ص
عندما لايقف الصحفيون والمثقفين الموقف الصحيح فى الوقت الصحيح ضد الكتاتوريات بل كان لهم دور سلبى فى قتل الديمقراطية الوليدة