مقالات مختارة

طهران.. أمس نووي واليوم صاروخي

ظافر محمد العجمي
1300x600
1300x600

رغم حذرنا من نزعة الاتكال المفرط على الدروس التاريخية، فإن كل قارئ هضم بإمعان تاريخ الثورة الإيرانية يصل إلى أن حفظ وتيرة التوسع عند نظام الملالي أوجب من الصلاة؛ فالتوسع عندهم واجب للبقاء، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وقد تزيّنت طهران بمظهر الملتزم بـ«الصبر الاستراتيجي» في ملف الاتفاق النووي، الذي شكّل اعترافا دوليا بدورها في منطقة الشرق الأوسط، ودعم طهران في خططها للتوسع الإقليمي في مجالها الحيوي.

كان ذلك بالأمس القريب، أما اليوم فالمفاوض الإيراني قد أوشك على الانتهاء من إعداد ملف الاتفاق حيال برنامجها الصاروخي. لقد استدرجت طهران العالم عبر خطوات استفزازية عدة، منها:

- إطلاق الصواريخ فوق الخليج العربي وبحر العرب وصولا إلى المحيط الهندي.

- التهديد بتوسيع المدى الذي تصل إليه صواريخها لتشمل أوروبا.

- إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا إيراني الصنع على الرياض.

وهي بذلك تستنسخ مماحكات ملفها النووي؛ لإيجاد اعتراف دولي ببرنامجها الصاروخي مماثل للاتفاق النووي. فالتهديد بتطوير مدى صواريخها مماثل لتهديداتها في الماضي برفع مستوى عمليات تخصيب اليورانيوم، حتى رضخت القوى الدولية. كل ذلك لتدويل ملف الصواريخ الباليستية. وقد دخل الغرب في الفخ، فعمدت أوروبا لمخاطبة مجلس الأمن بعد إطلاق طهران صاروخا يحمل أقمارا اصطناعية، قادرا في حالة تعديله على أن يصبح صاروخا باليستيا.

ثم حذّرت أجهزة مخابرات ألمانية أن إيران تتحايل على القيود بتهريب مواد ذات استخدام مزدوج لبرنامجها الصاروخي. كما تتكرر الخطوات نفسها التي قادت إلى «5+1»، بظهور نيكي هيلي من إدارة ترامب لتقدّم الأدلة وإثبات تزويد إيران للحوثيين بالصواريخ التي استهدفت السعودية، كما أبدى إيمانويل ماكرون استعداده لإقناع طهران بالتوقف والدخول في مفاوضات حول برنامج الصواريخ الباليستية.

وعندما تكون جارا لإيران، عليك أن تعتمد على مدّخراتك من الصبر، لكن ليس عندما تصل الأمور إلى النهاية المتوقعة للتوسع الأول والثاني دون أن تلقى معارضة قوية، حيث يزداد نهمها بشدة للتوسع الثالث، وهو الاعتراف بمجالها الحيوي؛ فقد كررت طلبها خروج الأساطيل والقواعد الأجنبية من الخليج؛ لكي تحقق مفهوم المجال الحيوي بإتمام توسّعها على حسابنا.

فوفق خريطة مجالها الحيوي، وانسجاما مع استراتيجية شد الأطراف الطائفية بالمركز الإيراني، تدعم طهران من يتبعها بولاءات بدائية حيث يمثّل الخليج العربي وآسيا الوسطى المجال الحيوي الأقرب والأهم لها، ثم الهلال الخصيب والجزيرة العربية.

بالعجمي الفصيح

لصانع القرار السياسي الإيراني القدرة على خلق مناخات استراتيجية تستحق الإشادة؛ فقد انتزعت طهران الاعترافات أمس بحقها النووي، واليوم سيُعترف بحقها الصاروخي، وغدا سيعترف العالم بأن الخليج العربي هو مجالها الحيوي. فيما صنّاع القرار هنا يتناولون مسألة طموحات طهران بطريقة مفرطة في المدرسية؛ فالتحركات العربية لا تخضع إلا بصعوبة لتعريف إيجابي؛ لأنها تعتمد في جلها على الأمم المتحدة والغرب.


العرب القطرية

0
التعليقات (0)