صحافة دولية

ما هي معالم سباق التسلح الخطير في الشرق الأوسط؟

 "قوة الدول المصدرة للأسلحة تعد من بين الأسباب التي تفسر مساعي دول الشرق الأوسط نحو التسلح"- جيتي
"قوة الدول المصدرة للأسلحة تعد من بين الأسباب التي تفسر مساعي دول الشرق الأوسط نحو التسلح"- جيتي

نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن سباق التسلح الخطير في الشرق الأوسط. ففي السابق، كانت هذه المنطقة من أكثر المناطق المعسكرة في العالم، وفي ظل السياسات الأمريكية والمشتريات الجديدة للدبابات والطائرات المقاتلة تضاعفت إمكانيات المواجهة المدمرة بين مختلف الأطراف المتناحرة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي أعده الكاتب غونزالو توكا ترجمته "عربي21"، إن الخبراء يطلقون على هذه الظاهرة اسم "المعضلة الأمنية"، وهي تعني أنه كلما عززت دولة من أمنها الخاص عن طريق شراء دبابات قتالية والعتاد العسكري، قللت من أمنها، نظرا لأن استجابة جيرانها ستكون عن طريق اتباع نفس الاجراءات.

وأوردت الصحيفة أن النتيجة المعتادة للمعضلة الأمنية هي سباق التسلح بين القادة الإقليميين، الذي من شأنه أن يضاعف إمكانية اندلاع حرب واسعة النطاق تغذيها دوامة الخوف من الآخر وانعدام الثقة. فخلال الفترة الممتدة بين سنة 2011 وسنة 2016، ارتفع الإنفاق الرسمي على الأسلحة في إسرائيل من 15 ألف مليون دولار إلى 19 ألف مليون دولار.

 

اقرأ أيضا: ما هي معالم سباق التسلح الخطير في الشرق الأوسط؟

وفي سنة 2017، تفاوضت وزارتا الدفاع والمالية على زيادة جديدة تبلغ 1.500 مليون دولار، التي لم تتم الموافقة عليها بعد. واليوم، بإمكانهم اعتبار الانتفاضة الفلسطينية كحجة لتعزيز مجال الدفاع العسكري.

وأضافت أن الميزانية الرسمية للدفاع الخاصة بالسعودية كانت على وشك أن تتضاعف منذ سنة 2011 إلى غاية 2016، عندما بلغت 81.500 مليون دولار. ومع ذلك، أعلنت السعودية في شهر أيار/ مايو الماضي عن شرائها لترسانة من الأسلحة الأمريكية بقيمة 110 آلاف مليون دولار. وفي هذا السياق، يرى خبير الشرق الأوسط في جامعة بونتيفيسيا كوميلاس، ألبرت برييغو، أن تراجع توغل واشنطن في المنطقة، والاتفاق على تجميد البرنامج النووي الإيراني من أكثر العوامل التي تفسر قرار الرياض.

كما يرى برييغو أن أوباما وترامب قد وعدا بالتخفيف من تواجد الجيش الأمريكي في المنطقة، فضلا عن استبعاد المزيد من التدخلات العسكرية في العراق وأفغانستان. وبالتالي، سيتعين على القوى الكبرى في المنطقة تولي مسؤولية تحقيق الاستقرار فيها، وبالنسبة للسعودية لن يكون ذلك سوى عن طريق تحديث جيشها.

وأوضحت  أن قطر، التي يقل عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة، قد أصبحت في السنة الماضية ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم. ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، زادت واردات الأسلحة الرسمية لقطر بنسبة 245 بالمائة بين سنة 2012 و2016. إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تحقق قطر زيادة في الأسلحة نظرا للتهديدات المحتملة من قبل السعودية والإمارات، فضلا عن السياسة العدوانية الجديدة لبن سلمان.

ولكن، كيف يمكن تفسير الإيرادات العسكرية السعودية، بعدد سكان يقل عن 40 مليون نسمة، للمزيد من الدبابات والطائرات المقاتلة والبنادق الهجومية، كما هو الشأن بالنسبة لإمارة قطر الصغيرة؟

ونقلت الصحيفة عن المدير المشارك لمركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، خيسوس فيلافيردي، أن "هذه الدول ترغب في إنشاء صداقات مع مجموعة من البلدان المؤثرة، على غرار الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، المصدرين الرئيسيين للأسلحة. كما أن جزء كبيرا من هذه الأسلحة لن يكون لصالح جيوشهم، وإنما لصالح المرتزقة الذين يتعاقدون معهم".

وأشارت  إلى وجود العديد من الألغاز، لعل أهمها الرد الحقيقي لإيران على هذا الانتشار المهدد لمصالحها، فالأرقام الرسمية للإنفاق العسكري لإيران ليست موثوقة. ومن الناحية النظرية، لم تتجاوز ميزانيتها العسكرية 12.500 مليون دولار سنة 2016، بينما تجاوزت منافستها السعودية 19 ألف مليون دولار. وخلال هذه السنة، لم يتجاوز إنفاقها العسكري 800 مليون دولار، في حين أعلنت السعودية عن شراء ما قيمته 110 ألف مليون من السلاح من الولايات المتحدة.

وأكدت أنه يمكن أن يكون لدى إيران المزيد من الأسباب لتسليح نفسها أكثر من مجرد المنافسة من أجل الهيمنة الإقليمية. فيبدو أنها وجدت في روسيا موردا موثوقا للأسلحة، فضلا عن كونها حليفا قويا لها في سوريا. وبحسب فيلافيردي، "يبدو أن الإيرانيين قد فهموا أن إرهاب تنظيم الدولة والقاعدة هي مشكلة يمكن أن تؤثر عليهم أيضا".

 

اقرأ أيضا: ديلي تلغراف: ثلث أسلحة تنظيم الدوله أوروبية المنشأ

وأفادت بأنه من المتوقع أن تزيد تركيا أيضا من الإنفاق الرسمي في مجال الدفاع بنسبة 30 بالمائة خلال السنة المقبلة. ووفقا للمحلل بمركز برشلونة للشؤون الدولية، إدوارد سولير، فإن "تركيا تريد تأمين حدودها لمواجهة مشاكلها مع سوريا وضمان أمنها الداخلي، خاصة بعد كسر عملية السلام مع أكراد حزب العمال الكردستاني سنة 2015".

وأكدت أن سباق التسلح الأكثر خطورة في المنطقة لا يرجع فقط إلى الحد من التدخل الأمريكي، أو الخوف من العدو الداخلي للأنظمة الاستبدادية، أو الدوامة الشيطانية للمعضلة الأمنية، وإنما هناك عوامل أخرى أقل بروزا لكنها مهمة وعلى رأسها صعود روسيا كحليف سياسي وعسكري في المنطقة.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن قوة الدول المصدرة للأسلحة ومحاولة إغوائها، وهي واشنطن ولندن وباريس وموسكو، تعد من بين الأسباب التي تفسر مساعي دول الشرق الأوسط نحو التسلح، وذلك من خلال شراء الطائرات المقاتلة والدبابات بمليارات الدولارات من شركاتهم.

التعليقات (0)