اقتصاد عربي

تنبؤات متشائمة للاقتصاد الفلسطيني للعام القادم

الدعم المالي للسلطة الفلسطينية تراجع بنسبة 70 %- تويتر
الدعم المالي للسلطة الفلسطينية تراجع بنسبة 70 %- تويتر

في الوقت الذي يستعد فيه الفلسطينيون لطي صفحة أسوا عام اقتصادي مرت به الأراضي الفلسطينية منذ نشأة السلطة قبل نحو ربع قرن، أعلنت سلطة النقد عن تنبؤاتها لصورة الاقتصاد الفلسطيني خلال العام القادم 2018، في سيناريوهات يشوبها التشاؤم في ظل تراجع الدعم المالي من الدول المانحة للسلطة الفلسطينية بنسبة 70 % مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية.

سيناريوهات متشائمة

ورسمت سلطة النقد ثلاثة سيناريوهات لصورة الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية ضمن معطيات رقمية، حيث استند السيناريو الأول (سيناريو الأساس) إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي بنسبة 2.2 في المئة، وركود الأسعار بمتوسط 0.1 في المئة، وانخفاض مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 21.6 في المئة.

أما السيناريو الثاني (السيناريو المتفائل) والمرتبط بمدى التقدم بملف المصالحة فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 6.3 في المئة، وارتفاع الدخل الفردي الحقيقي بنسبة 3.1 في المئة، وانخفاض معدلات البطالة ليصل إلى 27.1 في المئة.

 

اقرأ أيضا: هل ستتأثر السلطة الفلسطينية بوقف المساعدات الأمريكية؟

أما السيناريو الثالث (السيناريو المتشائم) المتوقع حدوثه وفق إجماع المراقبين فتشير تنبؤات سلطة النقد إلى انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 1.4 في المئة، وتراجع دخل الفرد الحقيقي لـ3.6  في المئة، وارتفاع معدل البطالة ليتجاوز 32 في المئة.

ارتفاع المديونية

في المقابل أفصحت وزارة المالية عن نفقات السلطة الفلسطينية لخدمة الدين العام حيث تشير بيانات الموازنة العامة إلى أن السلطة دفعت خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام 173 مليون شيكل (50 مليون دولار) مقارنة بـ85 مليون شيكل (24 مليون دولار) دفعتها السلطة خلال العام 2016، في حين تجاوز حجم الديون العامة على السلطة لهذا العام 9.8 مليار شيكل( 2.8مليار دولار).

تدهور الأوضاع السياسية

وفي ذات السياق قال وزير الاقتصاد السابق، علاء الدين الرفاتي، أن "العام الحالي هي من أكثر الأعوام سوءا على صعيد الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين في الأراضي الفلسطينية نظرا لتأزم الحالة السياسية جراء الضغوط الخارجية على السلطة الفلسطينية خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والتي كان من نتائجها تراجع قيمة المنح والمساعدات الخارجية وهو ما رفع فاتورة الدين العام على السلطة لمستويات قياسية."

وأضاف الرفاتي في حديث لـ"عربي21" أن "فشل حركتي حماس وفتح في الوصول لاتفاق حقيقي ينهي حالة الانقسام، كان له بالغ الأثر في تردي الوضع الاقتصادي خصوصا مع إجراءات السلطة بحق قطاع غزة، وإحالة العشرات الآلاف من موظفيها للتقاعد وتقليص نفقات غزة من الموازنة العامة بحيث لا يتجاوز نصيبها من الموازنة 200 مليون دولار سنويا مقابل تحصيلها (السلطة الفلسطينية) لما يقرب من 1.2 مليار دولار إيرادات للخزينة العامة جراء استمرار فرض الضرائب والجمارك على كافة أنواع السلع الواردة لغزة."

وبالرغم من حلول موعد إقرار السلطة لمشروع الموازنة للعام القادم وفق ما ينص عليه القانون الأساسي، إلا أنه وحتى اللحظة لم يصادق الرئيس محمود عباس على مشروع الموازنة لأسباب غير معلومة.

إلى ذلك قال مصدر في وزارة المالية أخفى هويته أن "الرئيس عباس أصدر تعليماته لكافة الوزارات في رام الله بأن مشروع الموازنة لهذا العام لن يطرأ عليه أي تغيير في بند النفقات العامة، مع مراعاة تحويل ما تم توفيره من نفقات غزة من الموازنة والتي تقدر بـ 400 مليون دولار لسد العجز المالي في الموازنة جراء تراجع المنح والمساعدات الخارجية".

إنهيار السلطة

وأوضح المصدر في حديث لـ"عربي21" أن "هنالك شعور لدى السلطة بأن العام القادم سيكون صعبا للغاية في ظل القرار الأمريكي القاضي بقطع المساعدات المالية عن السلطة، والذي قد يتطور إلى تبني الدول المانحة الأخرى كالاتحاد الأوروبي والسعودية للموقف الأمريكي، وهو ما يعني دخول السلطة في نفق مظلم قد يؤثر على أداء عملها، وهو ما قد يعرضها للانهيار جراء عدم قدرتها على دفع النفقات التشغيلية".

 

اقرأ أيضا: متى يجني الفلسطينيون ثمار المصالحة؟.. اقتصاديون يجيبون

إلى ذلك قال أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، أن "السلطة الفلسطينية وضعت نفسها في موقف الرهينة للدول المانحة وهو ما يعرف بمصطلح ( المال السياسي) حيث تلتزم بموجبه السلطة بكافة شروط الدول الممولة والتي تتركز بشكل أساسي على زيادة نفقاتها التشغيلية دون توجيه هذه الأموال في مشاريع استثمارية تدر أرباحا تستطيع من خلالها تمويل الموازنة لتستمر في أداء عملها."

وأضاف أن "المشكلة الكبرى التي تعاني منها السلطة هو ارتفاع فاتورة الأمن على حساب الخدمات والقطاعات الأخرى، حيث تقدر الفاتورة الأمنية والتي تتضمن رواتب موظفي القطاع العسكري ونفقات التشغيلية الأخرى الخاصة بالأمن بـ1.4 مليار دولار من أصل 4.2 مليار دولار هي قيمة الموازنة العامة للسلطة للعام الحالي."

ونوه الخبير الاقتصادي في حديث لـ"عربي21" أن "التنبؤات الاقتصادية للعام القادم (قاتمة) ولا تحمل أي بشريات في تحسن الوضع الاقتصادي، وهي مرهونة بمدى التقدم في العملية السياسية بين السلطة وإسرائيل من جهة، والموقف الأمريكي من جهة أخرى".

التعليقات (0)