سياسة دولية

ما هي العوامل التي ستحدد سنة 2018 في تركيا؟

شهدت سنة 2017 تراجعا على مستوى العلاقات التركية الأمريكية- ا ف ب
شهدت سنة 2017 تراجعا على مستوى العلاقات التركية الأمريكية- ا ف ب

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقال رأي للكاتب، حسن أوزتورك، الذي تطرق من خلاله إلى القضايا التي ستحدد ملامح السنة الجديدة في تركيا، وذلك انطلاقا من المعطيات التي جدت في سنة 2017، فضلا عما ينتظر تركيا في سنة 2019 من انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن هناك ثلاثة عوامل رئيسية ستحدد ملامح سنة 2018 في تركيا، التي تندرج تحت ثلاثة عناوين رئيسية: السياسة الخارجية، والسياسة الداخلية، والقضايا التي تمس حياة المواطن العادي بصورة مباشرة.

وأشار الكاتب إلى أنّ الشهر الأخير من سنة 2017، كان شهرا تاريخيا على صعيد السياسة الخارجية التركية، حيث أثبتت تركيا أن قضية القدس ليست حكرا على الفلسطينيين وحدهم، ولا تعني الأوروبيين بمفردهم، ولا تنفرد بها دول العالم الإسلامي، بل تعد قضية عالمية تصدرت المشهد العالمي. وقد لعبت تركيا ورئيسها أردوغان دورا حاسما وواضحا في جعل هذه القضية على رأس أجندة الأحداث السياسية في العالم.

وأضاف الكاتب أن سنة 2017، شهدت تراجعا على مستوى العلاقات التركية الأمريكية. وفي الأثناء، ستكون قضية "أزمة تأشيرات الدخول" العامل الرئيسي المحدد لمستقبل العلاقات بين أنقرة وواشنطن خلال السنة الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، توجد العديد من العوامل الأخرى على غرار الموقف الأمريكي من قضية تأسيس ممر خاضع لأطراف كردية في الشمال السوري، وتعامل واشنطن مع موضوع جماعة فتح الله غولن وزعيمها الذي يقيم لديها.

وأكّد الكاتب أن وجهات النظر والرؤى بين البلدين حول شمال سوريا لا تتخذ المنحى ذاته. فمن جهتها، تسعى الولايات المتحدة إلى تضييق الخناق على تركيا من خلال دعم منظمة إرهابية تسيطر على الحدود الجنوبية لتركيا. ويبدو أنّ الحل الأخير لهذه الأزمة سيكون من خلال تدخل عسكري تركي لإنهاء البنية الهشة لهذا الممر المحتمل. وبالتالي، وخلال السنة الجديدة سنتابع كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة إزاء الحملة العسكرية التركية المتوقعة.

وأورد الكاتب أن قضية القدس ساهمت في تحسين العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وخاصة بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه أردوغان مع البابا. فضلا عن ذلك، يحمل وصف أردوغان لنظرائه الأوروبيين بأنهم "أصدقاء الماضي"، في طياته دلالات هامة على وجود تفاهم جديد بين تركيا والاتحاد الأوروبي. ومن المرجح أن زيارة أردوغان إلى فرنسا هذا الأسبوع تأتي في هذا الإطار.

وفي الشأن السوري، يعتقد الكاتب أنّ العلاقات والتعاون بين روسيا وتركيا في ما يتعلق بالقضية السورية قد تتأثر سلبا، على الرغم من أنّ الحرب شارفت على النهاية. ففي الواقع، قد يعيق تمسك الأسد بالبقاء في الحكم إيجاد حل للمعضلة السورية.

أما على مستوى السياسة الداخلية، فقد توجهت تركيا إلى تنظيم استفتاء في 16 من نيسان/ أبريل سنة 2017، وذلك على خلفية المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 من تموز/ يوليو سنة 2016. وبناء على هذا الاستفتاء، ستشهد تركيا انتخابات رئاسية في سنة 2019، من شأنها أن تنقل البلاد إلى نظام سياسي جديد.

ويعتقد الكاتب أنّ انعقاد ثلاث انتخابات خلال سنة 2019، سيؤثر بصورة كبيرة على المشهد السياسي الداخلي في تركيا في سنة 2018. فقد تواترت الأخبار بشأن وجود اتفاق ضمني بين أحزاب المعارضة، الذين سيكونون مدعومين أيضا من قبل جماعة غولن ومؤسساتها. في المقابل، يستمر التوافق والتنسيق بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، لتبقى الأحزاب الصغيرة التي يسعى الطرفان إلى جذب أصواتها من أجل الحصول على 50+1 في الانتخابات.

ويرى الكاتب أنّ المعطى الحاسم في هذا الشأن يتمثل في الحملات التي سيقوم بها حزب العدالة والتنمية خلال سنة 2018. وفي الأثناء، كان للموقف الصلب لأردوغان فيما يتعلق بقضية القدس، وتأكيده على أنّ القدس خط أحمر، تأثير كبير على المشهد السياسي الداخلي، حيث ساهم في إخماد أي محاولات لإيجاد معارضة داخل أوساط الحزب الحاكم.

وعلى صعيد القضايا التي تمس المواطن التركي العادي، أقر الكاتب بأن المواطن العادي وعلى الرغم من اهتمامه بالقضايا السياسية الخارجية والداخلية، إلا انه أيضا يهتم بشكل أساسي بفرص العمل، وتحسين الوضع المعيشي. وقد قطع حزب العدالة والتنمية مسافة طويلة في إطار مساعيه لسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتحقيق توزيع عادل للدخل. لكن ذلك لا ينفي حقيقة وجود الكثير من المحتاجين، وأصحاب الدخل المحدود.

وأوضح الكاتب أن وجود ثلاثة ملايين لاجئ سوري، كان له تأثير كبير على التركيبة الديمغرافية لتركيا.

 

وفي هذا الصدد، يتوجب على الحزب الحاكم التعامل مع هذا الموضوع بشكل أفضل، في حين لا بد أن لا تترك قضية اندماج السوريين في صلب المجتمع التركي لتتم بطريقة عشوائية وغير مدروسة. وعلى الرغم من أن الأمور تسير بشكل جيد، إلا أن افتقارها للتنظيم، سيجعل من مسألة اللاجئين السوريين أرقا كبيرا بالنسبة للشارع التركي والدولة، على حد السواء.

وفي الختام، أرجع الكاتب أسباب توقعاته تلك إلى عدم وجود آلية تحكم العلاقة بين المواطن التركي وبين اللاجئين السوريين، مع العلم أن هذا العدد من اللاجئين في تركيا يتطلب إنشاء وزارة للهجرة.

 

وفي سياق متصل، لا بد أن يعمل الحزب الحاكم على تعزيز حجم تلبية احتياجات المواطن العادي من الأمن والإسكان وتوفير فرص العمل الضرورية خلال السنة الجديدة.

 

التعليقات (0)