صحافة دولية

فايننشال تايمز: على أوروبا ألا تنجر للعبة ترامب تجاه إيران

فايننشال تايمز: سيكون من الحكمة أن تستجيب طهران للمتظاهرين- أ ف ب
فايننشال تايمز: سيكون من الحكمة أن تستجيب طهران للمتظاهرين- أ ف ب

علقت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها على التظاهرات الجارية في إيران، محذرة من أن التحريض من الغرباء المتحاربين يساعد فقط المتشددين.

 

وتبدأ الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "في عام 2017، تعرضت الديمقراطيات الغربية لضغوط من الداخل والخارج، إلا أن العام الجديد بدأ بالتذكير بأن الأنظمة المستبدة تبدو هشة أيضا". 

 

وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن "تظاهرات الشوارع التي اجتاحت إيران في الأيام الماضية زاد زخمها بطريقة تجعلها غير مسبوقة في تاريخ الثورة الإسلامية، ومنذ الإطاحة بنظام الشاه في إيران". 

 

وترى الصحيفة أن "القمع القادم للتظاهرات قد ينجح، لكن على القيادة في إيران التعامل مع إشارات التحذير، حيث تعب الإيرانيون من النظام الذي بذر مقدراتهم القومية على المغامرات الأجنبية، بدلا من تكريسها لتنمية البلاد". 

 

وتجد الافتتاحية أن "حالة الإحباط الشعبي نابعة من التوقعات التي لم تحدث، فمحاولة التقارب مع الغرب، التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني، كانت تحمل وعودا بالانفتاح، وبناء على الاتفاقية النووية عام 2015، التي منحت إيران فرصة لرفع العقوبات الاقتصادية عنها، وفتح الأسواق العالمية لها، مقابل تجميد بعض نشاطاتها النووية، وهو ما زاد من توقعات الكثير من الإيرانيين للتعامل من جديد مع العالم، لكنها زادت من شهية الإيرانيين للتغيير، وفشلت في الوقت ذاته في الوفاء بالوعود على المستوى العملي". 

 

وتستدرك الافتتاحية بأنه "رغم انخفاض مستوى التضخم، ونمو الاقتصاد، واستئناف تصدير النفط الخام، إلا أن تدفق الاستثمارات وفرص العمل الجديدة عرقلتها العقوبات الشديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على النشاطات غير النووية، التي أرفقت بعدم وضوح الموقف الأمريكي من الاتفاقية النووية، وتم تخويف المصارف والمستثمرين من الدخول للسوق الإيرانية، من خلال التحذير من سيطرة الحرس الثوري على اقتصاد البلاد".

 

وتذهب الصحيفة إلى أنه "من هنا فإن الاحتجاجات هي تمثيل لمعركة السلطة الجارية في داخل النظام الحاكم، فمن جهة هناك من يؤمنون أن نجاة الثورة الإسلامية تعتمد على ممارسة (القبضة الحديدية)، ويخشون أن فتح اقتصاد البلاد سيقود إلى تغيير النظام، ومن جهة أخرى هناك من يدافعون عن فكرة الانفتاح وإصلاح النظام كوسيلة للحفاظ عليه". 

 

ولا تستبعد الافتتاحية دورا للمتشددين في تظاهرات الأسبوع الماضي، "الذين قاموا، وبشكل متسرع بإثارة المشكلات، وحاولوا الاستفادة من مظاهر الاحتقان والحنق الشعبي على ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وركود حياتهم المعيشية، ورأوا في ذلك فرصتهم للتأثير على مصداقية الرئيس حسن روحاني، فالإصلاحات التي وعد بها تعد تهديدا للثيوقراطيين والحرس الثوري الذي يدعمهم، الذي تمكن في مجالات الحياة الاقتصادية للبلد كلها، وفي داخل نظام يستشري فيه الفساد، ويعتمد على حلقة ضيقة من أصحاب المصالح".

 

وتقول الصحيفة إن "هؤلاء اللاعبين يلعبون بالنار، فمن السهل أن تبدأ باحتجاج، لكن من الصعب السيطرة على نتائجه، خاصة عندما تتعامل مع شباب أذكياء ويعرفون كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وسئموا من الوضع القائم".

 

وتشير الافتتاحية إلى أن "روحاني وجد نفسه في الوسط، حيث أضعفه المتشددون في داخل نظامه وإدارة متشددة صقورية في واشنطن، وغرد الرئيس دونالد ترامب، الذي لم يخف عدوانيته تجاه إيران، دعما للمتظاهرين، وكذلك عبر عدد من المسؤولين الإسرائيليين عن موقف داعم، وهذا موقف غير حكيم، فالدول الخارجية التي تتدخل في الأحداث تمنح المتشددين المبرر لممارسة القمع، بشكل يضعف موقف روحاني أكثر".

 

وتعتقد الصحيفة أنه "في ظل النظام الحالي فإن روحاني لا يزال يمثل أفضل الآمال للتغيير، إلا أن قوة التظاهرات الحالية وتدفقها يجب أن تكونا بمثابة التحذير للحكومة، بضرورة الاستجابة لمطالب السكان الشعبية، ويطالب الإيرانيون بعد هذا كله بنتائج".

 

وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بدعوة "الاتحاد الأوروبي لئلا ينجر وراء عداء أمريكا للنظام الإيراني، فالضغط عليه أكثر، كما يطالب الكثيرون في واشنطن، ليس هو الحل، ومن الحكمة البقاء متواصلين معه، والتشجيع على التغيير التدريجي".

التعليقات (0)