كتاب عربي 21

الإمارات ودرس الثورة التونسية

محمد هنيد
1300x600
1300x600

لم ينكشف الدور الذي لعبته الإمارات ضد ثورة تونس خاصة وضد ثورات الربيع العربي عامة كما انكشف هذه الأيام بعد كل الوثائق والتسريبات التي تتداولها مواقع التواصل التونسية والعربية.

 

صحيح أن التدخل الإماراتي كان جليا في اليمن وفي مصر أكثر من جلائه في تونس لكنه في تونس شديد الرمزية وكثير الدلالة على طبيعة المواجهة بين قوى الثورة والثورة المضادة.


لم تنجح الإمارات في تحقيق انقلاب حاسم على المنجز الثوري التونسي مثلما فعلت في مصر وفي ليبيا لأن التوافق الحاصل في رأس السلطة التونسية بالأمس زمن الترويكا أو اليوم بين نداء تونس وحركة النهضة أفشل كل المخططات الساعية إلى إجهاض التجربة الوليدة.

شكلت الوثيقة الأخيرة التي سربها أحد المواقع العربية الشهيرة عن تقرير لإدارة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الإماراتية صدمة كبيرة لدى الرأي العام التونسي وهو تقرير يتضمن خطة مفصلة للتعامل مع الأزمة الأخيرة بين تونس وأبو ظبي

كما أن طبيعة المؤسسة العسكرية التونسية التي عُرفت باستقلاليتها عن المؤسسات السياسية وعن الارتباط بالقوى الأجنبية ساهمت بشكل كبير في منع الانقلاب على مسار انتقالي وليد ومنعت انخراط التجربة في حمامات الدم على غرار النموذج المصري مثلا. 


المجتمع التونسي مثّل هو الآخر سدا منيعا وحصنا حصينا ضد الاختراق الإماراتي بأن أبقى جذوة الثورة ومطالبها مرفوعة كما كان له الفضل الكبير في فضح كل التفريعات والشبكات السياسية والإعلامية المرتبطة بدولة الإمارات وآخرها المبلغ الكبير الذي قدمته " أبو ظبي" رشوة لأحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الفارطة وهو ابن النقابي التونسي الشهير.

 

كما شكلت الوثيقة الأخيرة التي سربها أحد المواقع العربية الشهيرة عن تقرير لإدارة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الإماراتية صدمة كبيرة لدى الرأي العام التونسي وهو تقرير يتضمن خطة مفصلة للتعامل مع الأزمة الأخيرة بين تونس وأبو ظبي.

بالأمس القريب عمّت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس موجة من السخط والغضب بسبب القرارات الإماراتية الرعناء التي طالت المرأة التونسية وهي قرارات تمنع نساء تونس من السفر إلى مطارات دبي أو العبور منها.

كل هاته المعطيات المتعاقبة تكشف عن انهيار المخطط الرامي إلى ضرب الثورة التونسية بشكل كامل تقريبا بعد أن سقط القناع عن كل المعلومات التي كانت إلى وقت قريب جدا تعتبر من الأسرار. 


لقد مثلت الثورة التونسية مهد ربيع العرب والشرارة الأولى لثوراته العظيمة ومثلت رمزية موجة التغيير التي ضربت المنطقة العربية منذ عقود. بناء عليه كان رهان قوى الثورة المضادة التي تمثل الامارات رأس حربتها على ثورة تونس كبيرا لأن إفشال هذا النموذج يمثل انتصارا رمزيا للدولة العربية العميقة وللقوى الداعمة لها.


بالأمس القريب عمّت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس موجة من السخط والغضب بسبب القرارات الإماراتية الرعناء التي طالت المرأة التونسية وهي قرارات تمنع نساء تونس من السفر إلى مطارات دبي أو العبور منها.

 

القرار لم يكن مفاجئا للعالمين بدهاليز غرف الثورة المضادة التي اتخذت من " أبو ظبي " مقرا لها لكنه كان مفاجئا للسواد الأعظم من التونسيين الذين زيفت وعيهم القنوات والمنصات الإعلامية التابعة لمراكز الثورة المضادة خلال السنوات السبع الماضية. 


منذ فجر الثورة وهروب الجنرال بن علي قامت الإمارات بتنسيق خطة محكمة للقضاء على ثورة تونس ومنعها من بلوغ الأهداف التي انطلقت من أجلها.

 

فاستقطبت أبو ظبي رؤوس الدولة الأمنية التونسية الهاربة من الجماهير الهادرة خلال الفترة التي تلت هروب الجنرال وموّلت بعد ذلك شبكات كثيفة من الإعلاميين والسياسيين والأمنيين من أجل توجيه المشهد التونسي والتحكم في مساره انتقالي.

كان مشروع "بوابة المتوسط" الذي كانت ستشرف عليه شركة "سما دبي" أهم المشاريع العملاقة التي كانت أبو ظبي تحاول أن تسيطر بواسطتها على أحد أهم البوابات البحرية في جنوب المتوسط مثلما تفعل اليوم في قناة السويس أو في موانئ اليمن وجزره. لكن المشروع سقط في الماء بمجرد هروب المستبد الطاغية بن علي إلى السعودية.

لم يكتف الهجوم على تونس بتوجيه المنظمات والجمعيات والأحزاب والمنصات الإعلامية فقط بل تأسس هذا الهجوم أيضا على ضرب كل خطوط الإمداد التي مكنت الثورة التونسية من تجاوز أكثر الفترات خطرا خاصة خلال صيف 2013 وما عرف باعتصام باردو الذي مولته قوى الثورة المضادة وعلى رأسهم دولة الإمارات. 


كانت شيطنة الإسلاميين وضرب صورة دولة قطر وتركيا هدفا أساسيا للإعلام الممول إماراتيا والذي سعى عبر عشرات المنابر إلى ربط الإسلاميين بالإرهاب وربط الإرهاب بقطر وربط تركيا بقطر.

 

كان الهاجس القطري حاضرا في كل خطاب الدولة العميقة التي فشلت في ما رُسم لها من خطط بل ورغم كل الأموال التي تم إهدارها في سبيل شيطنة خصوم الإمارات في تونس الذين أطاحوا بحليفها بن علي وهو الذي كان يوشك أن يبيع ساحل العاصمة التونسية لشركات إماراتية بثمن بخس قبل أن تطيح به الثورة المباركة.


كان مشروع "بوابة المتوسط" الذي كانت ستشرف عليه شركة "سما دبي" أهم المشاريع العملاقة التي كانت أبو ظبي تحاول أن تسيطر بواسطتها على أحد أهم البوابات البحرية في جنوب المتوسط مثلما تفعل اليوم في قناة السويس أو في موانئ اليمن وجزره. لكن المشروع سقط في الماء بمجرد هروب المستبد الطاغية بن علي إلى السعودية.


اليوم ترفض الإمارات الاعتذار لتونس على كل الانتهاكات التي صدرت بحقها وترفض الاعتذار عن الإهانة التي ألحقتها بالمرأة التونسية كما طلب ذلك وزير الخارجية التونسي من نظيره الإماراتي.

 

هذا التعنت هو الذي يكشف أن الثورة المضادة لم تستوعب الدرس التونسي ولم تدرك أن الربيع العربي لا يزال في بدايته وأن حركة الشعوب لا يمكن الالتفاف عليها مهما نجحت الانقلابات الظرفية على المنجز الثوري.
 

1
التعليقات (1)
اينشتاين
الخميس، 01-03-2018 10:15 م
من المهم للتونسيين وكل المتطلعين للحرية يمينا ويسارا ووسطا ، الإمارات تعتبر القاعدة المتقدمة لروافد الاستبداد التي يعول عليها داخل حدود اهتمامات القوى الاستعمارية والصهيونية القيام بمهمة خنق الثورة قبل أن تفتح عينيها ، لذلك فإن تونس ضمن فضائها المغاربي والإفريقي قادرة على مستوى المبادرة النخبوية ( التاريخ يصنعه المؤرخون ) أن تحدث المفاجأة .