ملفات وتقارير

صندوق تحيا مصر.. مليارات في يد السيسي دون رقابة

يرفض السيسي إخضاع "صندوق تحيا مصر" للرقابة- جيتي
يرفض السيسي إخضاع "صندوق تحيا مصر" للرقابة- جيتي

في حزيران/ يونيو 2014 وبعد أيام من فوزه بانتخابات الرئاسة السابقة دشن قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي صندوقا لجمع التبرعات أطلق عليه اسم "صندوق تحيا مصر" وقال حينها إنه سيساعده على تنفيذ مشروعات قومية عملاقة.


ووجه السيسي الدعوة للمواطنين ورجال الأعمال والشركات للتبرع لهذا الصندوق، معلنا البدء بنفسه عبر التبرع بنصف راتبه الشهري ونصف ثروته المالية، دون الإعلان عن قيمة هذه الثروة، وبعد ذلك تبرعت القوات المسلحة بمليار جنيه، وتبرعت عائلة ساويرس بثلاثة مليارات جنيه، وتبرع رجل الأعمال محمد الأمين بمليار و200 مليون جنيه، وتبرع منصور عامر بـ500 مليون جنيه، ومحمد أبو العينين بـ250 مليون جنيه، وأحمد أبو هشيمة بـ100 مليون جنيه، فضلا عن نحو أربعة مليارات أخرى من بنوك وشركات ورجال أعمال آخرين.

ويقول مراقبون إن أجهزة الدولة الرسمية اتبعت العديد من أساليب الضغط على المواطنين خاصة الموظفين الحكوميين ورجال الأعمال لإجبارهم على التبرع للصندوق لزيادة موارده المالية.

10 مليارات جنيه


ويتولي منصب المدير التنفيذي للصندوق الخبير المصرفي محمد عشماوي، لكن تقارير صحفية تؤكد أن الإدارة الحقيقية للصندوق تتم عبر مكتب السيسي والذي يتولى رئاسته اللواء عباس كامل بمشاركة قيادات بالقوات المسلحة.

 

اقرأ أيضا: حقيقة تبرعات المصريين لـ "تحيا مصر".. إجبارية بأمر السيسي

وخلال لقاء تلفزيوني الاثنين الماضي، أعلن عشماوي أن حصيلة التبرعات التي جمعها الصندوق منذ تدشينه قبل ثلاثة أعوام ونصف تقترب من الـ10 مليارات جنيه مصري.

وأوضح أن "الصندوق ضخ قرابة الـ3.6 مليار جنيه في تنمية كافة محافظات الجمهورية خلال العام الماضى 2017"، مضيفا في بيان له الاثنين الماضي أن "هذه الأموال توزعت بين مشروعات تنموية وصحية بتكلفة 2.6 مليار جنيه بجانب مليار جنيه تم صرفها كتعويضات للمزارعين ورفع كفاءة الصرف الصحي والزراعي".

وأضاف محمد عشماوي أن الصندوق نجح في علاج مليون و400 ألف مريض بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي، فضلاً عن تدشينه حملات توعية ضد مخاطر المرض، بالإضافة إلى مساهمته مع القوات المسلحة في إنشاء مجمع "الأسمرات" السكني ليكون بديلا عن المساكن العشوائية بهذه المنطقة من القاهرة.

إنجازات ضعيفة مقارنة بالتبرعات


لكنّ مراقبين يقولون إن هذه الإنجازات التي أعلنها محمد عشماوي تبدو ضعيفة إذا ما قورنت بالمبالغ الكبيرة التي تحصل عليها الصندوق في شكل تبرعات.


وكان السيسي قد أعلن في كانون الثاني/ يناير 2015 عن خيبة أمله بعد جمع الصندوق نحو خمسة مليارات جنيه فقط من التبرعات في حين أنه كان يطمح إلى جمع 100 مليار جنيه على الأقل.

ويشرف على أعمال "صندوق تحيا مصر" مجلس أمناء، وهو مجلس شرفي ليس له أي سلطة تنفيذية، يضم رئيس الوزراء وشيخ الأزهر وبابا الأقباط ومحافظ البنك المركزي ووزراء المالية والتخطيط والاستثمار والتجارة والعدل ومفتي الجمهورية السابق علي جمعة ومساعد وزير الدفاع محمد أمين نصر ممثلا للقوات المسلحة، فضلاً عن عدد من رجال الأعمال من بينهم محمد الأمين مالك قنوات "سي بي سي" ونجيب ساويرس.

سرية وغياب للرقابة


وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أعوام ونصف على تدشين "صندوق تحيا مصر" إلا أن النظام لم يعلن طوال هذه المدة عن الطريقة التي يدير بها أموال الصندوق أو كيفية إنفاقها، وسط غياب تام لمبدأ الشفافية، فيما يكتفي النظام كل عدة أشهر بالإعلان عن بعض المشروعات التي يمولها الصندوق أو توزيع مساعدات للفقراء في المناطق النائية.

 

اقرأ أيضا: السيسي يدعو للتبرع بجنيه وتحديد نمو السكان بقانون (شاهد)

ويرفض النظام إخضاع "صندوق تحيا مصر" لرقابة أي مؤسسة رقابية أو تشريعية، حيث أعلن السيسي عند تدشينه للصندوق أنه يريد أن يكون تابعا له بشكل شخصي يتصرف في أمواله كيفما يشاء لتنفيذ المشروعات التي يحلم بها بعيدا عن أي تعقيدات إدارية أو رقابة تعرقله، حسب قوله.


وبعد إنشاء الصندوق بعام واحد أصدر السيسي في تموز/ يوليو 2015 قانونا، يمنح "صندوق تحيا مصر" حصانة من الرقابة المالية والتشريعية، مستغلا امتلاكه للسلطة التشريعية قبل أن يتم انتخاب مجلس النواب الذي قام بعد انتخابه بإقرار هذا القانون دون أي تعديل عليه في كانون الثاني/ يناير 2016.


وفي تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي تم الإعلان عن تعيين أحد ضباط الجيش، هو اللواء أكرم النشار في منصب المدير المالي للصندوق، لتكتمل بذلك حلقة السرية والاستقلالية التامة لأنشطة وأموال الصندوق عن مؤسسات الدولة بعيدا عن أي رقابة رسمية.


وفي ذات الشهر أصدر مجلس الدولة فتوى قانونية تقضي بمنع الجهاز المركزي للمحاسبات من مباشرة أي دور رقابي على أموال وأنشطة "تحيا مصر"، ليكون الصندوق هو الاستثناء الوحيد من بين كل المؤسسات العامة التي ينص الدستور على خضوع أنشطتها المالية لرقابة الجهاز.

وينص القانون على تمتع "صندوق تحيا مصر" بالاستقلال المالي والإداري وإسناد الإشراف عليه وإدارته لرئيس الجمهورية، وإسناد الرقابة المحاسبية على أعمال الصندوق لمكتب مراجعة مسجل لدى البنك المركزي تختاره إدارة الصندوق، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم يتم الإعلان عن اسم مكتب المراجعة الذي تم التعاقد معه.

التعليقات (0)