كتاب عربي 21

نيل الأرب في تلخيص "نار وغضب"

أحمد عمر
1300x600
1300x600
يقول مايكل وولف إنه رفع البطاقة الحمراء لترامب، وإن كتابه الذي يمكن اختصاره بـ: "ف ف"، سيكون محاولة للقيام بانقلاب أبيض في البيت الأبيض، وسيؤدي به إلى نهاية سوداء. فالثورات لم تنجح، والانقلابات أنجح، وسيكون مايكل بطل الربيع الأمريكي.

وسيكون من ورد الربيع على دمنتنا؛ أنّ كاتباً أسقط رئيس أقوى دولة في العالم بكتاب، أو "بوجبة تثير الغثيان" هي أشبه بسمك لبن تمر هندي. وأظن أن مخرجين شجعانا، من أمثال مايكل مور، قد يبادرون إلى إخراجه فيلماً كوميدياً، عندها سيغني ترامب: يا عاقد الحاجبين، ويلي من المايكلين. هذا يشبه أنّ كاتباً أسقط البرجين بطائرة من ورق، وأن ترامب قد أوتي كتابه في الدنيا بشماله، في الحياة الدنيا، وقال: هاؤم اقرؤوا كتابيه. وقديماً قال حكماء السلف الصالح: أحد العذابين الفضيحة في الدنيا.

ولا أعرف كتاباً نفدت نسخ طبعته الأولى، بربع ساعة من نهار، بما فيها كتاب الحكايات الطفلية، في عصر الذّرة والبوشار، هاري بوتر. إلا أنني أرجح أن ترامب سيكمل مدته الانتخابية، التي لم يمض منها سوى ربعها، لأمرين، الأول: أن السلطات في أمريكا موزعة على سلطات ومؤسسات، وأن الرئيس الأمريكي ليس سوى سكرتير للمؤسسات الأمريكية.. والثاني: أن أمريكا "ديمخراطية" - من الخرط - وهو الكذب في العامية السورية. وسيكون أمام المحللين العرب مثال آخر غير هتلر؛ عند إهانة الديمقراطية وازدرائها وشجبها بذكر ترامب، بعد أن يمضي لحال سبيله، كما مضى قيس بن الملوح في زيارة ليلة إلى ديار ليلى كاسفاً حزيناً. امض قيس امض.

والثالث: هو أن الأمريكيين سيقدّرون أن ترامب أرعب العالم، وباع أسلحة أمريكية بالهبل، وأدخل حوالي 500 مليار دولار إلى الخزينة الأمريكية برقصة عرضة صغيرة، لم يخسر فيها سوى بضع سعرات حرارية، وأن رؤساء اللفت والقرنبيط في دول العدوان الرباعي، وهم السعودية والبحرين ومصر والإمارات، سيبكون رحيل ترامب، ويندمون على تلك الرشوة الكبيرة التي منحوها لترامب على تلك الرقصة، ولو منحوها لنجوى فؤاد، أو لسما المصري، لأن فؤاد شاخت ونبت الخريف على دمنتها ودق عظمها، لكان ذلك أثوب لهم.

ويكشف كتاب "نار وغضب" معلومات بجلاجل وبلابل عن ترامب، أهمها أن الكتاب اضطَّر ترامب إلى تصريحات وادعاءات سبقه بها السيسي، وهي أنه طبيب وفيلسوف، ويعرف الحالة، الأمر الذي سيجعل إعلاميي السيسي يتباهون بقدوة السيسي الصالحة. فقد أقر ترامب بأنه الحبيب المجهول، وأن شكله ظريف، لكن اختصاصه في الهوى، فهو يغوي زوجات الأصدقاء، وقوته في شعره مثل شمشون الجبار، عنده "أمورة" مثل ميلاني، طويلة فاخرة الطول من غير فلتر، وينام في غرفة ثانية مع الخليلات والعشيقات، ويشاهد ثلاث نشرات إخبارية في آن، ولا نعرف حتى الآن إن كانت ميلاني تنتقم منه برد الصاع صاعين والفراش فراشين؟

لخص مجتهدون الكتاب، الذي لم يترجم بعد إلى لغة الضاد، بإحدى عشرة نقطة، مثل عدد لاعبي فريق كرة القدم، أهمها أن ابن سلمان وترامب متشابهان، حالهما حال المتعوس وخايب الرجا، والغربان على أشكالها تقع، ولا أعرف كيف سيتمثل المخرج مايكل، عرض ابن سلمان نفسه على كوشنر، الذي يوصف باليهودي، بهذا الوصف: "كان ذلك أشبه بمقابلة شخص لطيف في أول يوم تطأ فيه قدماك المدرسة الداخلية"، وربما يجعل مايكل مور المدرسة الداخلية نادياً ليلياً، أو نادياً للقمار في لاس فيغاس. وقد يتخيل ترامب، وهو في لباس شرطي مرور، ويخرج من جيبه إشارة مرور، ويعطيه ضوأين أخضرين، الأول بالتنمر على شقيقة السعودية الصغرى، قطر، والثاني بالتضبع على أبناء عمومته الأمراء، فقام بحملة تطهير، احتكر بها سلطات السعودية في قبضته. ثم سنرى ترامب، وهو يلبس زي العمل في ورشة نجارة، وبمساعدة جاريد كوشنر، يصنعان سلّماً لابن سلمان، ليصعد إلى ظهر الكعبة، التي لم يرتق إليها سوى رجل واحد هو بلال الحبشي.

وقد نجد في الفيلم القادم؛ ترامب وهو يحوّل أمريكا إلى دولة شرق أوسطية، تحكم من العائلات الحاكمة، بمنح صهره موقع المستشار الأول؛ لأنه يهودي، كما يقول مايكل وولف، وهو محترف في المفاوضات، ثم سيأخذ ترامب صهره في الفيلم إلى عيادة تجميل، ويضع أمام طبيب التجميل مجسماً لهنري كسينجر، ويقول له: أريد منك أن تجعل صهري على شاكلته الخالق الناطق.

وسنرى مشاهد كوميدية بين المستشار ستيف بانون، الذي لم يلمس كومبيوتراً في حياته، مع كوشنير، وهما ماهران في المساومات وبيع البقرات الصفر، وهما يتنافسان مثل لوريل و"هاردي" على ارتقاء السلّم الذي صنعه ترامب لخدمة إسرائيل.

وقد ينهار بهما السلم، بسبب سوء الصناعة، أو بسبب الرطوبة؛ لأن ترامب مشغول بمشاهدة ثلاث نشرات إخبارية، على ثلاث شاشات، وبتطبيق زوجات أصدقائه على انستغرام وغرام، في غرفة مجهزة بأحدث أنواع العدّة السياسية الوثيرة. ثم سنرى ستيف بانون وقد وضع على النضد مجسمات للسيسي، وملك الأردن، وملك السعودية، وملك بني إسرائيل، وملك الفرس، وأمامهم طورطة، وبانون يقسم الطورطة بينهم بسيف دمشقي طويل:

دع ملك الأردن يأخذ الضفة الغربية، ودع بلحة يأخذ غزة. دعهم يتصرفون معها، أو يغرقون، وهم يحاولون ذلك. السعوديون على حافة الجرف، والمصريون على حافة الجرف، وكلهم يموتون خوفاً من الفرس.. اليمن، سيناء، ليبيا.. هذا شيء سيء.. ولهذا فإن روسيا مهمة.. هل روسيا بهذا السوء؟ إنهم أشخاص سيئون. ولكن العالم مليء بالأشخاص السيئين".

وقد نرى السيسي يلمّ الفتات من حول طورطة طحين الرز.

وسنرى مسؤولاً تركياً رفيعاً محتاراً، أمام باب البيت الأبيض، وبيده ديك رومي، واسمه في أمريكا: "تركي"، وسنراه وهو ينتفه ريشةً ريشةً، ويقول: إنجرليك، بوسفور، إنجرليك، بوسفور.. حسب مايكل وولف، هو "في حالة من الارتباك الحقيقي" مع رجل أعمال أمريكي شهير، ليسأله عن كيفية التأثير على البيت الأبيض في عهد ترامب.

 سأل ذلك المسؤول ما إذا كان من الأفضل لتركيا السعي للتأثير من خلال الضغط على الوجود العسكري الأمريكي في تركيا، أو من خلال منح الرئيس موقعاً فندقياً مميزاً على مضيق البوسفور.


ثم نرى ترامب، وخصلة شعره الشمشونية تلعب بها الريح، في ملعب كرة قدم، وينوي لعب مباراة بأربعة لاعبين فقط، هم مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وإيران، وفي المباراة يرتدي ابن سلمان الجلابية، وخامنئي العباءة والعمامة، والسيسي يرتدي كلسونات فاطمة كشري، الوحيد الذي يرتدي زي اللعب هو نتنياهو، ثم نرى وولف، يقول: إن هذا الموقف الجديد تجاه الشرق الأوسط مثل:

"خلطة من الأفكار التي تثير الغثيان (أي سمك لبن تمر هندي).. انعزالية، يقتدى فيها بسنّة الحريري، ويقول "دعونا ننأى بأنفسنا"، وعداء فلين لإيران (التي يتجسد فيها كل ما في العالم من غدر وسمية، ولا مثيل لما يمثله الملالي من ذلك)، وكيسنجرية كوشنر (ليست كيسنجرية بقدر ما هي عدم وجود وجهة نظر خاصة به، سعي حثيث لاتباع ما ينصح به ذلك البالغ من العمر أربعة وتسعين عاماً)".

ثم سنرى قرار ترامب بحظر دخول مواطني سبعة دول إسلامية أمريكا، والثلج يهطل في الخارج، والطائرات تتجمد من البرد في السماء، و نرى المسلمين يصلّون في المطارات، وتكبيرات العيد.. وسيعزى إلى الثلج السبب في تعطل حركة المرور في الجو، كما فعلت مذيعة المطر السورية.

ثم سنرى نيكي هيلي، بثينة شعبان أمريكا، وبالونة فوق رأسها، كما في رسوم الكرتون، وهي تحلم برئاسة البيت الأبيض؛ لأن ترامب لن يتاح له أن يحكم سوى مرة واحدة.

سيختم الفيلم بترامب في بلاد الحرمين، وهو يركب حنطور الذهب، ويحج، لابساً الإحرام، والمطوفة يطوفون به، حرصاً على سعراته الحرارية التي يدخرها للعشيقات، وأخشى أن ينزلق الإحرام، فتنكشف عورته؛ لأن ترامب مشغول بشعره أكثر من أي شيء في الدنيا.

الفضيحة إحدى العذابين، وهي أيضاً إحدى السلوتين.
التعليقات (0)