طب وصحة

هل ينصهر العلاج بالتأمل في صلب الطب التقليدي؟

التأمل أصبح أحد أساليب العلاج الحديث خاصة في الدول الغربية- أرشيفية
التأمل أصبح أحد أساليب العلاج الحديث خاصة في الدول الغربية- أرشيفية

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن هيمنة العلاج بالتأمل على أساليب العلاج الحديثة خاصة في الدول الغربية، التي أخذت في توظيف هذا الأسلوب بشكل مكثف في مستشفياتها.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه التقنية، المستوحاة من التأمل البوذي، تتمثل في تركيز الفرد، من دون الانسياق وراء الأحكام المسبقة، على مشاعره، وأفكاره، وعواطفه حتى يصبح على وعي تام بها ويتحرر من سيطرتها. وتعتبر هذه التقنية مكملة للعلاج النفسي الذي يتبعه المرضى ضد الاكتئاب.

وأوردت الصحيفة وجهة نظر هيلين، وهي أحد المرضى المشاركين في حصة علاج معرفي مبني على التأمل في مستشفى سانت آن في باريس، وقد بدى على وجهها علامات التعب، وقالت: "أود أن أعرف كيفية محاربة الأرق. أستيقظ في الساعة الثانية صباحا وأشرع في التأمل. يشعرني ذلك براحة كبيرة، ولكني لا أستطيع العودة إلى النوم".


وأضافت الصحيفة أن العلاج المعرفي، الذي انبثق من فكرة الحد من التوتر القائم على الوعي التام، وهو برنامج للحد من التوتر تم إنشاؤه في سنة 1979 من قبل عالم الأحياء جون كابات-زين، قد ترسخ في مجال الطب النفسي.

وأضافت الصحيفة على لسان أخصائية الطب النفسي في مستشفى سانت آن، آن غوت-فاياند، أن "الجيل الأول من هذه العلاجات يهدف إلى معالجة سلوكيات المرضى في حين يهدف الجيل الثاني إلى علاج المعتقدات المرتبطة بهذه السلوكيات. أما الجيل الثالث فيهدف إلى فهم المشاعر بشكل واضح من خلال منهج الوعي التام".

وأفادت الصحيفة وفقا للطبيب النفسي برونو فاليسار، أن الإقبال على هذا العلاج قد تزايد بفضل الدراسات العلمية والنجاح الإعلامي الذي لقيه. وأضاف فاليسار أن "هذا النجاح يرجع إلى عدة عوامل، على غرار الانجذاب إلى صبغته البوذية الغريبة بالإضافة إلى التوقعات المجتمعية. يوجد العديد من الأشخاص الذين يعانون من فرط النشاط وفيض الأفكار، في حين يساعد الوعي التام التأملي على التخلص من كل ذلك".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى استخدام الوعي التام التأملي في الطب النفسي لمحاربة الاكتئاب واضطرابات القلق أو المزاج، وفي الطب الجسدي لتهدئة الألم أو التخفيف من القلق، يمكن استخدام هذا العلاج من قبل الطلاب للتغلب على ضغط الامتحانات، ومن قبل الشركات لتحسين أداء الموظفين، فضلا عن الجيش لتعزيز مرونة الجنود أو حتى في السجون.


وأحالت الصحيفة إلى تزايد عدد التطبيقات على الهواتف الذكية وكتيبات التمارين التي تقترح استخدام الوعي التام التأملي للتعامل مع متاعب الحياة. من جهة أخرى، أصبح هذا العلاج بمثابة سوق مدرة للأموال، حيث تشهد الولايات المتحدة تزايدا في عدد المقبلين عليه، بمعدل مليون شخص سنويا، في حين تمتلك سوقا في هذا المجال قدرت قيمتها بحوالي مليار دولار في سنة 2015.

 

اقرأ أيضا: الصين تنوي علاج مرضى الإيدز بالطب التقليدي "قليل الكلفة"

من جانبها أقرت آن غوت-فاياند بأنه "لم يتم إثبات أن العلاج بالتأمل يعتبر ممارسة طويلة وشاقة. ففي حال قام الفرد بتطبيق العلاج بشكل صحيح، سيمر بلحظات غير مريحة من دون شك. وفي حال كان يعاني من الاكتئاب يجب أن يكون مدربه إلى جانبه خلال هذه التجربة".

وأوردت الصحيفة وجهة نظر طبيب الروماتيزم، جان جيرار بلوش، الذي اقترح على مرضاه منذ سنة 2010 اتباع برنامج الحد من التوتر القائم على الوعي التام التأملي، والذي أوضح أنه "عند شعورنا بالألم، تتملكنا رغبة واحدة، ألا وهي أن يختفي هذا الإحساس. في الأثناء، يسمح التأمل لنا بمعالجة ذلك والاطلاع على كيفية التعامل مع آلامنا بشكل مختلف".

وأفادت الصحيفة أن أغلب الدراسات قد تطرقت إلى أهمية وفوائد التأمل، في حين أن 25 بالمائة فقط من الدراسات، المنشورة حتى سنة 2015، قد قامت بتقييم آثارها السلبية. من جانبها، تطرقت النصوص البوذية إلى الآثار السلبية للتأمل على غرار الألم، والانزعاج، والغضب والخوف. وفي الوقت الذي تفسر فيه هذه الأعراض في الطب الغربي على أنها مرضية، تعتبرها البوذية علامات مشجعة.

وأوردت الصحيفة أن عالم النفس أوسياس سيبولا، من جامعة فالنسيا في إسبانيا، قد قام مؤخرا بدراسة شملت 342 من الممارسين للتأمل بشكل يومي. وقد اعترف 25 بالمائة منهم بالشعور بآثار غير مريحة لكنها كانت عابرة ولم تثنيهم عن مواصلة التأمل.

وشددت الصحيفة على أن الدعاية التي حظي بها العلاج قد ارتكزت بالأساس على دراسات أجريت، بداية من سنة 2000، على أدمغة أشخاص من ذوي الخبرة في التأمل، الذين مارسوا أكثر من 10 آلاف ساعة من التأمل. وقد كشفت هذه الدراسات عن تطور بعض المناطق في الدماغ المرتبطة بالتركيز لدى هؤلاء المتأملين، كما تم الحفاظ على مناطق أخرى، تشهد تدهورا عادة مع التقدم في السن.

التعليقات (0)

خبر عاجل