كتاب عربي 21

الدور الإماراتي المعطل في اليمن

ياسين التميمي
1300x600
1300x600

الجرائم التي ترتكب تحت مظلة التحالف في اليمن لا تنقصها الأدلة، لكن علينا أن نفرق بين الممارسات والجرائم الممنهجة التي ترتكبها أبو ظبي؛ وتلك التي تحدث على هامش الحرب، وغالباً ما تسجل على نشاط طيران التحالف العربي الذي يمثل سلاح الجو السعودي العنصر الفعال والأكثر تأثيراً فيه.

تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات المفروضة على اليمن، المقرر أن يعرض على مجلس الأمن أضاء مجدداً على الانتهاكات التي يتعرض لها اليمنيون، تحت مظلة التحالف، الذي جاء لمساعدتهم.

التقرير جاء منصفاً ومحايداً وموضوعيا؛ لجهة تشخيصه لتعقيدات وتحديات المشهد اليمن. ولن نستغرق هنا فيما أثبته الفريق بشأن تورط إيران في تزويد الحوثيين بالأسلحة النوعية، وبالذات الصواريخ التي ضربت الرياض مؤخراً. فهؤلاء الحوثيون هم أداة إيران في حرب الوكالة التي تخوضها مع السعودية، لكن إذا كان هناك طرف ساهم في تمكين الأداة الإيرانية كل هذا التمكين في صنعاء، فلن يكون إلا البلدان التي أعلنت الحرب على إيران في اليمن بعد أن أدركت حجم الحماقة التي ارتكبتها في اليمن.

الإمارات كانت موضوعاً أساسياً في تقرير الخبراء الدولييين. والحقائق التي وردت في التقرير ليست جديدة، لكن أهميتها تكمن في أنها تضفي طابعاً رسمياً لهذه الحقائق التي تحدثت عن ممارسات مننهجة تقوم بها السلطات الإماراتية وأدواتها في المحافظات الجنوبية، وتستهدف بها مئات المعتقلين لدوافع سياسية وأيديولجية.

 

الإمارات كانت موضوعاً أساسياً في تقرير الخبراء الدولييين. والحقائق التي وردت في التقرير ليست جديدة، لكن أهميتها تكمن في أنها تضفي طابعاً رسمياً لهذه الحقائق


الشق السياسي في التقرير فيما يخص دور الإمارات الخطير في اليمن؛ ركز على حقيقة أن الرئيس هادي فقد فعلياً سلطاته على المؤسسات العسكرية والأمنية في المحافظات الجنوبية. وهي حقيقة لا تحتاج إلى برهان، ولكنها تضع المجتمع الدولي ومجلس الأمن أمام مسؤولياته، وتفتح المجال للنقاش بشأن ما إذا كانت ممارسات كهذه تزيد من تعقيد المشهد العسكري والأمني والسياسي في اليمن، وبالتالي تحتاج من مجلس الأمن إلى إعادة النظر في الدور الذي تقوم به أبو ظبي على وجه التحديد في الساحة اليمنية، والذي أصبح دوراً معطلاً.

الفريق السياسي الذي أخرجته حرب صنعاء الأخيرة من المشهد اليمني لا يزال يتمسك بوجهة نظره حيال السلطة الشرعية، ولا يظهر رغبة في الانضمام تحت لوائها لمواجهة الانقلابيين الحوثيين، وهناك بين أعضاء هذا الفريق من لا يزال يخضع للعقوبات من قبل مجلس الأمن.

 

تمضي الإمارات في تأسيس سلطة موازية له في المناطق المحررة؛ الهدف النهائي منها هو تقويض سلطة الرئيس هادي وحكومته


وعلى الرغم من هذا المعطى، فإن الإمارات تضع يدها في يد هذا الفريق وتدعمه وتمضي في تأسيس سلطة موازية له في المناطق المحررة؛ الهدف النهائي منها هو تقويض سلطة الرئيس هادي وحكومته، وإخراجها تماماً من المعادلة السياسية والحرب.

لا تزال المملكة العربية السعودية في منزلة ما بين المنزلتين فيما يتصل بالموقف من السلطة الشرعية وأجندتها الواضحة المتمسكة بوحدة التراب اليمني وبالمرجعيات، الأمر الذي يبقي الأنظار متجهة بشكل أساسي صوب أبو ظبي دون أن يعني ذلك أن الرياض في منأى عن الممارسات الخطيرة لأبو ظبي.

ومع ذلك، الرياض تدفع على ما يبدو ثمناً لبقاء موقفها مرناً حيال السلطة الشرعية، لذلك نرى أن جزءا من أخطاء طيران التحالف التي قوضت سمعته وألقت بظلال من الشك حول مدى التزامه الفعلي بقواعد الاشتباك؛ تعود ربما إلى وجود أجندة داخل التحالف لا تتفق على ما يبدو مع الأولويات السعودية، وتعمل على توريط المملكة شيئاً فشيئاً في المستنقع اليمني، وتزيد من الضغوط التي تمارس عليه من قبل المجتمع الدولي لإنهاء الحرب.

 

تدفع السعودية على ما يبدو ثمناً لبقاء موقفها مرناً حيال السلطة الشرعية، لذلك نرى أن جزءا من أخطاء طيران التحالف؛ تعود ربما إلى وجود أجندة داخل التحالف لا تتفق على ما يبدو مع الأولويات السعودية


جميعنا يعلم أن أطراف الحرب في اليمن، وفي المقدمة منهم المملكة العربية السعودية، في ورطة حقيقية: إن هي انهت الحرب دون تحقيق أي من الأهداف المعلنة، وإن خرج الحوثيون من هذه الحرب منتصرين، وإن طال أمد المعركة، وانشغل التحالف العربي بإيعاز من أبو ظبي بترتيب البيت اليمني وفق الأجندة المثقلة بالأيديولوجيا والعداء للقوى المتطلعة للتغيير، والنظر إليها على أنها جزء من الطيف الإسلامي الواسع الذي أثار ويثير مخاوف الغرب.

الرئيس وحكومته يشعران بالقلق الشديد حيال الغطاء الذي توفره أبو ظبي لنجل شقيق المخلوع صالح، ليس لأن هذا الضابط الفاشل الذي كان جزءا من شبكة الفساد العتيدة في صنعاء، ولكن لأنه بات العنوان المناسب للطرف السياسي الذي تريد أبو ظبي انتشاله من قعر الهزيمة الثقيلة التي تلقتها في صنعاء بعد مقتل المخلوع صالح، في الرابع من شهر كانون الأول/ ديسمبر 2017.

 

الرئيس وحكومته يشعران بالقلق الشديد حيال الغطاء الذي توفره أبو ظبي لنجل شقيق المخلوع صالح


هذا النوع من السلوك الاستفزازي متعدد الأبعاد لأبو ظبي في اليمن، ليس إلا جزءا من حزمة ممارسات قمعية وشمولية واستعلائية تمارسها سلطة الاحتلال الإماراتية الجديدة في عدن؛ ضد اليمنيين ودولتهم وخياراتهم السياسية.

التعليقات (0)