صحافة دولية

وول ستريت: هل وضع ابن سلمان يده على مجموعة ابن لادن؟

وول ستريت: العلاقة الخاصة بين مجموعة ابن لادن وآل سعود بدأت بالتفكك- أ ف ب
وول ستريت: العلاقة الخاصة بين مجموعة ابن لادن وآل سعود بدأت بالتفكك- أ ف ب

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لمراسلها في دبي نيكولاس باراسي، يتحدث فيه عن مجموعة ابن لادن، بعد تقارير عن سيطرة الحكومة السعودية على إدارتها.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الحكومة السعودية بسطت سيطرتها الإشرافية إلى مجموعة ابن لادن، وقد تأخذ حصة من شركة الإعمار العملاقة. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن مطلعين على المسألة، قولهم بأن في ذلك مؤشرا على استعداد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن يتلاعب بنظام الشركات في المملكة، مشيرا إلى أن هذا التحرك ينهي تحالفا ظل قائما على مدى عقود بين حكام السعودية وعائلة ابن لادن، التي أصبحت إحدى أثرى عائلات السعودية. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن هذا التحرك يأتي في وقت لا يزال فيه مدير الشركة السبعيني بكر بن لادن رهن الاحتجاز، بعد اعتقاله في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر مع عدد من أفراد العائلة، في سياق حملة واسعة ضد الفساد المزعوم في المملكة، مشيرة إلى أنه لم يمكن التواصل مع ابن لادن أو أي من أفراد عائلته المحتجزين، ولم يصدر عنه تعليق حول الاعتقالات.  

 

وبحسب التقرير، فإنه من بين مئات الناس الذين تم اعتقالهم، فإن هناك أمراء ومسؤولين حكوميين كبارا ورجال أعمال بارزين آخرين، بمن فيهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال، الذي يقاوم الاتهامات بحسب المقربين منه.

ويذكر باراسي أن الحكومة السعودية عينت لجنة مؤلفة من خمسة أشخاص، شخصين من عائلة بن لادن وثلاثة من كبار الصناعيين السعوديين؛ للقيام بمهمة لجنة رقابية للشركة التي تملكها العائلة، لافتا إلى أنه من غير الواضح إن كان هذا التحرك يشكل جزءا من صفقة محتملة لإطلاق سراح ابن لادن، أحد أكبر ملاك أسهمها، وسراح الآخرين من عائلته.

 

وتنوه الصحيفة إلى أنه تم إطلاق سراح بعض من اعتقلتهم الحكومة في الأسابيع الأخيرة، واحيانا بعد دفع مبالغ للحكومة، بحسب المطلعين على القضية، مستدركة بأن المفاوضات المتعلقة بإعطاء الحكومة أسهما بدلا من إعطائها أموالا أخذت وقتا أطول؛ بسبب الإجراءات القانونية المتعلقة بذلك.

 

وينقل التقرير عن أحد المطلعين على قضية مجموعة ابن لادن، قوله: "الحكومة بسطت سيطرتها على المجموعة، لكنها لم تتحرك إلى الآن لتملكها، لكن فرصة حصول ذلك كبيرة". 

 

ويورد الكاتب نقلا عن مجموعة ابن لادن السعودية، قولها في بيان لها إنها لا تزال شركة تابعة للقطاع الخاص، ويملكنها أصحاب الأسهم، وأضافت في البيان أن بعض ملاك الأسهم من الممكن أن يكونوا قد وافقوا على تسوية، بناء على المعلومات المتوفرة للإدارة، يتم بحسبها تحويل بعض أسهم الشركة للحكومة السعودية مقابل بعض ما تدين به لها.

وتشير الصحيفة إلى أن مسؤولا سعوديا أرسل يوم السبت بيان مجموعة ابن لادن إلى "وول ستريت جورنال"، لكن "لم يكن بالإمكان التواصل مع الشركة مباشرة للاستيضاح"، حيث قال البيان بأن إعادة الهيكلة في المجموعة بدأت قبل عامين؛ بهدف الفصل بين الملكية والإدارة، وتم إنشاء اللجنة الإشرافية لدعم تلك الجهود وتمكين الهيئة الإدارية الجديدة؛ بهدف جعل الشركة مربحة مرة أخرى، وأضاف البيان بأن الشركة لا تزال تعمل في عقود تابعة للحكومة، ويبقى هذا جزءا كبيرا من نشاطها، لافتة إلى أن "الحكومة السعودية لم تستجب لطلب التعليق على ذلك".

 

ويفيد التقرير بأنه لأكثر من نصف قرن كانت هناك علاقات تجارية بين مجموعة ابن لادن وحكام السعودية، حيث أدت المجموعة دورا مهما في تطوير البنية التحتية للمملكة، التي مولتها البترودولارات، مشيرا إلى أنه كون الشركة أعطيت أكثر المهمات مكانة، مثل توسعة الحرم المكي ومنطقة المال والأعمال في الرياض، فإن الشركة بنت لنفسها مكانة لا ينافسها فيها أحد بصفتها شركة المقاولات المفضلة لدى العائلة الحاكمة.

 

ويجد باراسي أن الاعتقالات والسيطرة على الشركة كانت من أشد التحولات الدراماتيكية في حظوظ المجموعة في السنوات الأخيرة، حيث تأثرت سلبا بتراجع أسعار النفط، التي كانت أكثر تأثيرا على قطاع الإعمار في السعودية، ما اضطر الشركة إلى التخلي عن عشرات الآلاف من العمال عندما تباطأت الدفعات من الحكومة بشكل مفاجئ، بالإضافة إلى أن الشركة حرمت مؤقتا من المشاركة في التنافس على العقود الحكومية بعد حادث الرافعة المميت في الحرم المكي.

وتلفت الصحيفة إلى أن الحكومة تدين لمجموعة ابن لادن بمليارات الدولارات لمشاريع عملت فيها الشركة، في الوقت الذي تراكمت على الشركة الديون بمليارات الدولارات لتمويل مشاريعها، بحسب الدائنين والمصادر الصناعية المقربة من الشركة.

ويقول التقرير إنه "يبدو أن العلاقة الخاصة بين مجموعة ابن لادن وآل سعود بدأت تتفكك، فولي العهد البالغ من العمر 32 عاما، مهندس برنامج جريء من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وأطلق حملة ضد الفساد، الذي أصاب قلب معظم الشركات إنتاجا، بما في ذلك مجموعة ابن لادن والمملكة القابضة، وهي شركة استثمارية للوليد بن طلال".

ويبين الكاتب أن السلطات السعودية ألمحت إلى أنها تأمل في جمع عشرات المليارات من الدولارات، من خلال تسويات يتم التفاوض عليها مع المعتقلين، لافتا إلى أنه سيتم ضخ الأموال الناتجة من ذلك في ميزانية الحكومة، بحسب ما قاله وزير المالية، حيث يسعى ولي العهد لفطم الاقتصاد عن الاعتماد على النفط.

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الحكومة عينت لجنة للإشراف على مجموعة ابن لادن لجلب الاستقرار للشركة، وبالرغم من التحديات المالية واعتقال مديرها تبقى فاعلة في بناء أكبر المشاريع في البلد، بحسب شخص مطلع على الموضوع، مشيرة إلى أن اللجنة الجديدة زارت مقر المجموعة في الأيام الأخيرة، بحسب الشخص ذاته، حيث تضم اللجنة عضو مجلس إدارة عملاق البتروكيماويات "سابك" خالد النحاس، والمدير السابق لشركة العقار السعودية "دار الأركان" عبد الرحمن الحركان.

 

وينقل التقرير عن شخص مطلع على تمويل مجموعة ابن لادن، قوله: "الحكومة تحتاج الشركة بالمقدار الذي تحتاج به الشركة الحكومة ذاته.. فليست هناك شركة إعمار أخرى يمكنها العمل في مشاريع بحجم تلك التي تقوم بها المجموعة".

 

ويذكر باراسي أن شركة "سعودي أوجيه"، هي شركة إنشاءات سعودية أخرى، توقفت مؤخرا عن العمل داخل السعودية، بعد أن عانت من العديد من المشكلات التي أثرت على مجموعة ابن لادن وغيرهما من شركات الإعمار، مشيرا إلى أن مدير الشركة ابن لادن، قام على مدى عقود برعاية العلاقة التكافلية بينه وبين العائلة المالكة، وهو الأخ غير الشقيق لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

 

وتقول الصحيفة إن "الإخوة ابن لادن استطاعوا شق الطريق بشركتهم في الأوقات الصعبة وتغير القيادة، وبإمكانهم تجاوز المأزق الحالي، بحسب ما قاله شخص مطلع على الموضوع، وتحدث مع عدد من أعضاء العائلة".

 

وينقل التقرير عن هذا الشخص، قوله: "إن الأشخاص الذين سيحلون محل بكر (المدير الحالي) يرحبون بهذا التطور، ويعتقدون بأن الشركة ستكون في وضع أفضل"، مستدركا بأن أحد أعضاء العائلة قال إن اعتقال مدير الشركة لا يعدو عن كونه حيلة لتركيع الشركة التي تملكها العائلة، التي لها حقوق تبلغ مليارات الدولارات لم تدفعها الحكومة. 

 

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول هذا الشخص: "إنها عملية تطهير وسيطرة سلطوية، والأهم من ذلك أنها سيطرة مالية، وليست شيئا آخر".

التعليقات (0)