مقالات مختارة

هل ينتصر المسار السوري في سوتشي؟

فهد الخيطان
1300x600
1300x600

جولة جديدة من مباحثات جنيف السورية تنعقد هذه المرة في فيينا. ليس ثمة رهان كبير على نتائجها، فالأنظار تتجه صوب سوتشي الروسية، التي تشهد نهاية الشهر الحالي انعقاد المؤتمر الوطني السوري.

أكثر من 1500 شخصية سورية تشارك في المؤتمر إلى جانب ممثلين لدول عربية وأجنبية، وبرعاية روسية إيرانية تركية.

المؤتمر من مخرجات عملية أستانة، وليس جنيف، ورغم تأكيد روسيا على أن "سوتشي" ليس بديلا لمسار جنيف، إلا أن الوقائع تفيد بأن النجاحات التي حققتها مباحثات أستانة، قد تغري الرعاة الثلاثة بتخطي جنيف، والسير قدما بتسوية للأزمة السورية وفق مرجعيات مختلفة.

لكن تعقيدات المسرح السوري، لا تبشر بتحولات جوهرية في المسار السياسي، فليس واضحا بعد النتائج التي سيتمخض عنها مؤتمر سوتشي، هل يكون مجرد مناسبة احتفالية، أم يؤسس لمرحلة انتقالية تفتح الباب للتوافق على دستور جديد لسورية وانتخابات تشريعية تمضي قدما بمستقبل سورية بعد ثماني سنوات من الحرب الدموية؟

الروس عمليون وقد أظهروا ذلك في مقاربتهم للوضع السوري، لكن الولايات المتحدة لم تنفض يدها من المشهد السوري بعد، لا بل إن أحدث التقديرات الدبلوماسية تشير إلى نية واشنطن إعادة إحياء حضورها الدبلوماسي والميداني في الملف السوري.

الوضع الميداني لا يبشر هو الآخر باحتمال التوصل لتسويات بين القوى المتصارعة على الحل في سورية. تركيا وبموافقة روسية وإيرانية فرضت نفسها بقوة أكبر لضرب الأكراد عسكريا وتحطيم فرصهم ببناء كيان ذاتي مستقل بالقرب من حدودها. عملية عفرين العسكرية شاهد قوي على ما يمكن أن يفضي إليه صراع الخطوط الحمراء بين الدول المتصارعة.

واشنطن الحليف الوحيد للأكراد تقف عاجزة عن دعمهم، لكنها لن تسمح في نهاية المطاف بإخراجهم من المعادلة، وقد تعمد من خلال مشروعها لتشكيل قوات حرس حدود لإعادة تأكيد دورها في سورية، ودعم المساعي الكردية لحماية حقوقهم في أية تسوية سياسية مقبلة.

الدول الغربية ومعها دول عربية متمسكة بمسار جنيف، وستحاول بشتى الطرق إخضاع مخرجات سوتشي للعملية التفاوضية المتعثرة بين النظام والمعارضة السورية. لكنها مجتمعة وفي ظل غياب القدرة على التأثير في مجرى الأحداث، وغياب الموقف الأمريكي الواضح، تجد نفسها في موقف المتفرج على روسيا ومعها تركيا وإيران على ما بينهم من تناقضات، وهم يشكلون المشهد السوري وفق مصالحهم.

يبقى السؤال عن موقف السوريين بعد "سوتشي". هل يطلق المؤتمر بالفعل مسارا وطنيا مستقلا عن التجاذبات الخارجية كافة؟

السوريون لأول مرة منذ الأزمة التي ضربت بلادهم يلتقون بهذا المستوى العريض من التمثيل. صحيح أن اللقاء يجري على أرض غير سورية، لكنه يوفر منصة غير مسبوقة ليفكروا بتمعن بمستقبل سورية، ويجترحوا برنامجا وطنيا يضع بلادهم على طريق التعافي.

دستور جديد وانتخابات تشريعية ليسا أمرا يصعب الاتفاق عليهما، بقليل من الإرادة والتصميم والتوافق على مبادئ أساسية على رأسها وحدة وسيادة سورية.

بمعنى آخر، يمكن للسوريين في سوتشي أن يقلبوا الطاولة على الجميع، وينفردوا بمسار جديد لحل أزمة بلادهم يتجاوز كل المسارات من أستانة إلى جنيف مرورا بكل العواصم التي تتنافس للفوز بالغنيمة.

الغد الأردنية

0
التعليقات (0)