سياسة دولية

صحيفة: لماذا تعتبر "غصن الزيتون" قرارا صائبا للحكومة التركية؟

عملية غصن الزيتون تندرج ضمن سياسة أردوغان الإقليمية - الأناضول
عملية غصن الزيتون تندرج ضمن سياسة أردوغان الإقليمية - الأناضول

نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية مقال رأي للكاتب التركي، حسن غوكايا، الذي تطرق إلى الدوافع التي تقف وراء عملية غصن الزيتون العسكرية. ويبدو أن الجيش التركي أراد حماية مصالح بلاده بعد أن أيقن أن الدول الغربية لا تعير اهتماما لمسألة الأمن القومي التركي. علاوة على ذلك، تخدم هذه العملية مصالح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المقبل على استحقاق انتخابي خلال سنة 2019.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن الحكومة التركية اتخذت قرارا صائبا بالتدخل عسكريا على مستوى الحدود السورية التركية، حيث تدور منذ سنوات معارك شرسة بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني. وقد أسفرت هذه المعارك عن مقتل حوالي 40 ألف شخص.

وأكد الكاتب أن وحدات حماية الشعب مستاءة من الموقف السلبي للدول الغربية إزاء عملية غصن الزيتون التي شنتها القوات التركية في مدينة عفرين، حيث لم يحاول الغرب إثناء أردوغان عن تدخله العسكري ضد الأكراد. من جهة أخرى، يعتبر التحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية والميليشيات الكردية هشا، لا سيما وأنه قائم فقط على المصالح المشتركة بين الطرفين ومرتبط ببقاء تنظيم الدولة في الأراضي السورية.

 

اقرأ أيضا: أردوغان بزيّ عسكري في غرفة عمليات "غصن الزيتون" (شاهد)

وأشار الكاتب إلى أن عملية غصن الزيتون تندرج ضمن سياسة أردوغان الإقليمية. في الأثناء، يمكن أن تعزز هذه العملية النزعة القومية لدى الشعب التركي. على هذا الأساس، من المنتظر أن تزيد شعبية أردوغان على خلفية التدخل العسكري في مدينة عفرين لا سيما وأنه مقبل على انتخابات تشريعية جديدة في سنة 2019. وفي الأثناء، يدرك الرئيس التركي جيدا أن العمل على درء خطر الإرهاب من شأنه أن يضاعف حظوظ حزبه خلال الانتخابات التشريعية المقبلة. 

وأوضح الكاتب أن جدية التهديد المسلح في تركيا أمر لا يختلف فيه اثنان، ما يفند وجهة النظر الألمانية تجاه التدخل العسكري التركي ضد الميليشيات الكردية. ويعتقد الرأي العام الألماني أن الأكراد ضحية تخاذل الغرب، الذي لم يسع للحيلولة دون التدخل التركي في مدينة عفرين. في الوقت ذاته، يتجاهل الصحفيون والسياسيون الألمان مدى خطورة انتشار الميليشيات الكردية على الحدود السورية التركية بالنسبة للأمن القومي في تركيا.


وأفاد الكاتب بأن المعارضة التركية تؤيد بدورها العملية العسكرية في سوريا نظرا لمدى جدية الخطر الإرهابي الذي يحدق بالبلاد. في هذه الحالة، يجب على الألمان أن يتفهموا دوافع إقدام الجيش التركي على التدخل عسكريا في عفرين عوضا عن إلقاء اللوم على الرئيس التركي ووصفه بالمجنون.

وأضاف الكاتب أنه في حين كان الأتراك يواجهون تهديدات إرهابية بشكل يومي، كانت ألمانيا منشغلة بتغريدات بعض قياديي حزب البديل من أجل ألمانيا على موقع تويتر. وفي الوقت الذي كان فيه الألمان مهتمين طيلة سنة كاملة بالكشف عن ملابسات هجوم برلين الإرهابي، كانت العمليات المسلحة تهز تركيا بشكل متكرر. فخلال الفترة الممتدة بين سنتي 2016 و2017، جدت سلسلة من العمليات الإرهابية في كل من إسطنبول وأنقرة مخلفة المئات من القتلى.

وتابع الكاتب أن أغلب المجتمع التركي يرفض التنظيمات المسلحة، مع العلم وأن الأجيال المتلاحقة من الأتراك ترعرعت على الصراع بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية. وعلى الرغم من أن هذا الصراع  يعتبر قائما وفعليا، إلا أن الطبقة السياسية حاولت الاستفادة منه. 

وذكر الكاتب أن الدول الغربية الحليفة لأنقرة لم تأخذ الخطر الكردي على الأمن القومي التركي على محمل الجد. ووفق وجهة نظر تركية، تعتبر وحدات حماية الشعب بمثابة النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني. في المقابل، تعتبر هيئة حماية الدستور الألمانية الميليشيات الكردية بمثابة منظمة قريبة من حزب العمال الكردستاني، الذي يعد تنظيما إرهابيا في كل من تركيا وأغلب دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية.

وبين الكاتب أن اتهام تركيا للدول الغربية بتجاهل الخطر الذي يمثله حزب العمال الكردستاني على أمنها الداخلي، ليس أمرا اعتباطيا. فخلال سنة 2016، تمكن التنظيم المسلح من جمع تبرعات بقيمة 13 مليون يورو في ألمانيا.

 

اقرأ أيضا: معارك عفرين تدخل أسبوعها الثاني وتعزيزات تركية جديدة (صور)

وذكر الموقع أن الولايات المتحدة الأمريكية قررت نشر حوالي 30 ألف عنصرا من وحدات حماية الشعب في المناطق الحدودية السورية. من هذا المنطلق، يبدو أن المساعي التركية من أجل الحد من توسع نفوذ أعدائها الأكراد أمر يمكن تبريره. وقد تعمق خوف أنقرة من تنامي سلطة الميليشيات الكردية عقب التصريح الذي أدلى به قائد القوات الخاصة الأمريكية، ريموند توماس، بشأن العلاقة الوطيدة بين بلاده وحزب العمال الكردستاني. وبالتالي، ازدادت أنقرة يقينا بأن الأمن القومي التركي قد سقط من حسابات الدول الغربية.

وفي الختام، قال الكاتب إن عدم إيلاء الدول الغربية أية اهتمام بمسألة الأمن الداخلي في تركيا دفع أردوغان إلى التعويل على دعم الأتراك فيما يتعلق بعملية غضن الزيتون في مدينة عفرين.

التعليقات (0)