مقالات مختارة

هل القدس آخر خسائرنا؟

فايز الفايز
1300x600
1300x600

في الوقت الذي أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس من إسرئيل بدء الخطوات الفعلية لإقامة مقر السفارة الأمريكية على أراضي القدس العربية بقرار تفعيل قانون الكونجرس الأمريكي، لا يزال المسؤولون العرب يقفون في  سوق عكاظ للقصائد السياسية غير النافعة، الخطوات الأمريكية سريعة ودراماتيكية نحو الهدف المرسوم، فيما الرئيس المنتهية ولايته منذ سنوات محمود عباس يذهب إلى بروكسل لحث الدول الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 ، ولم يحصل من هناك إلا على تعاطف أدبي لا يغير على أرض الواقع أي شيء.


بينس وصل إلى العاصمة عمّان مساء السبت قادما من القاهرة التي زارها لساعات، وعقد اجتماعا  مغلقا مع الرئيس السيسي، لم يسمح خلاله لدخول أي صحفي ،حتى المرافقون لمايك بينس،حسب مصدر مرافق لبينس، وفي عمان كسر الملك عبدالله الثاني القواعد التقليدية غير الرسمية في استقبال المسؤولين الأمريكيين بدرجة نائب رئيس، حيث استقبله في مطار عمان الصغير عمدة عمان  د. يوسف الشواربه، حيث استقبل الملك بينس صباح الأحد في لقاء مفتوح حضره جميع المعنيين وكذلك الصحفيون المرافقون.


في اللقاء كان الحديث واضحا من قبل الملك، الموقف الأردني رافض لقرار الرئيس ترمب إعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، والقرار بالضرورة هو واحد من أمانيّ نائب الرئيس  بينس، وهو أحد أقوى محركات التشجيع والتخطيط والتنفيذ لإصدار القرار، لأنه وكما أوضحت  نشرة "أخبار أمريكا" في مقتطفات عن شخصيته، أنه زار إسرائيل عدة مرات، ولكنه زارها في الحلم ملايين المرات حسب قوله، ولهذا؛ فإن الأردن الذي انكشف الغطاء العربي عنه، بات متخندقا في مواجهة تلك الريح العاتية القادمة من الغرب، ولكننا نعلم جميعا أن أي تنفيذ على أرض الواقع لا يمكن لدولة بحجم الأردن منعه.


بعد لقائه الملك، طار بينس إلى قاعدة جوية في المنطقة الشرقية للأردن، وهناك التقى عددا من العسكريين الأمريكيين الذين يشاركون في  عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، وألقى خطبة قصيرة زبدتها "أنتم أبطال هذا العالم"، وأجرى مقابلة مع شبكة " إن بي سي" الأمريكية، وفي حديث  جانبي مع  زميل يعمل في الشبكة بمنطقة الشرق الأوسط، قال بينس: "نحن نتفهم اختلاف وجهات النظر مع الأردن حول القدس، والنتيجة أننا اتفقنا مع الملك على ألا نتفق في موضوع القدس"، وحديث بينس أكده خطابه في الكنيست الإسرائيلي، حين أعلن عن الخطوة الأمريكية بنقل السفارة قبل نهاية 2019.


الإسرائيليون اليوم باتوا أكثر قوة معنوية من أي وقت مضى، إن هناك من يدعمهم لضم القدس الشرقية دون أي شعور بالذنب، وهذا ليس كل شيء، سيتكشف المخطط الكبير لإنهاء القضية الفلسطينية بطريقة أو بأخرى، وستكون دول مثل الأردن ومصر هي المسرح الأساسي للبدائل السياسية، رغم المعارضة الفلسطينية التي لا تعني شيئا، ما دام السلاح هو لسان السيد عباس على منابر الاتحاد الأوروبي والإعلانات الرسمية، حتى الشركاء الفلسطينيون كحماس والجهاد الإسلامي والمستقلين لم يعودوا يعنون شيئا في أدبيات السلطة الفلسطينية، فعباس لم يعد بحاجة للمصالحة معهم؛ لأن أمل الفوز بنجاح مفاوضات الحل النهائي للاعتراف بدولة فلسطين والقدس الشرقية عاصمة لها، قد ذهب مع الإعصار الأمريكي.


لقد مضت سنة عجفاء على العالم العربي من عمر رئاسة دونالد ترمب الذي أشبعنا شتما ثم مدحا ثم تأديبا، ثم جعجعة بتصريحات ضد إيران ولكنه لم يفعل أي شيء ولن يفعل سوى ابتزاز الدول العربية مجددا، وإذا بقينا في هذا الحال البائس سنجد أنفسنا جميعا خارج التاريخ والمستقبل، ستتشكل دول جديدة وتحدد حدود غير التي نعرف، وسنكون قد غرقنا في وحل المستقبل، بينما الإسرائيليون سيذهبون إلى الصناديق ليعيدوا نتنياهو إلى الحكم مجددا، والأمريكيون سينتخبون ترمب مجددا؛ لأن اقتصادهم نهض مجددا، ونحن سنخسر كل شيء وليست القدس وحدها .

 

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)