كتاب عربي 21

2+2=5 وفقا لعقيدة اليسار المنتكسة

شهيد بولسين
1300x600
1300x600
مع العقيدة الجديدة المنتكسة لليسار عن الجنس، أصبحنا حرفيا نرى هواجس جورج أورويل تتحقق عن عالم نحن مطالبون فيه بقبول أن 2+2 = 5. ومثلما سيكون مطلوبا منا أن نتغاضى عن الحساب الأساسي، سيكون مطلوبا منا أن نتغاضى أيضا عن البيولوجيا الأساسية؛ لكي نعتبر أن "كلا من الجنس والنوع ليسا إلا طيفا كبيرا يتألف من هويات كثيرة لا تقتصر على الذكور والإناث والنساء والرجال فقط"، مما سيؤدي بنا إلى التباس سخيف وفوضى عارمة.

لقد ورد البيان المذكور أعلاه عن ائتلاف المنظمات غير الحكومية في ماليزيا؛ اعتراضا على نية الحكومة إجراء "اختبار تحديد جنس" على أحد المشاهير البارزين الذين تم التشكيك في جنسهم. ويقولون إن مثل هذا الاختبار سيكون "بطبيعته تدخلا، ومهينا، ولا إنسانيا، والأهم من ذلك أنه غير ضروري". النقطة الرئيسية هنا هي وصفهم للاختبار بأنه "غير ضروري"، مما يعني أن الجنس غير ذي صلة بالموضوع. أفترض أننا من الممكن أن نقبل كلامهم في حالة ما إذا كان الجنس والنوع ليسا إلا طيفا كبيرا وأن كليهما عبارة عن بعض السوائل، لأن في هذه الحالة سيصبح الجنس أو النوع شيئا غير ممكن عمليا، مما سيجعل الأمر "مستحيلا" بدلا من أن يكون "غير ضروري".

ولكن هل المنظمات غير الحكومية التي أيدت هذا البيان؛ تريد حقا عالما يكون فيه الجنس والنوع غير ذي صلة؟ يتكون الائتلاف نفسه من منظمات يحددها الجنس مثل "التمكين"  (EMPOWER) و"أخوات في الإسلام" (Sisters in Islam)، ومؤسسة مساعدة المرأة (Women’s Aid Organisation) و"جمعية عمل المرأة" (All Women’s Action Society). وبالتالي يبدو واضحا أن هذه المنظمات تعتقد أن القدرة على تحديد نوع جنس الشخص أمرا ضروريا؛ لأنها تدافع عن الحقوق على أساس معايير مستندة على الجنس!!

فإذا كان الأمر كما يدعون، وأن"الهوية الجنسية لا تحدد عن طريق الأعضاء التناسلية التي  خلقنا بها"، فأحب أن أسألهم: كيف إذن تحددون من ستدافعون عن حقوقهم؟؟ أتمنى أن أعرف الإجابة. هل الأمر غير ذي صلة إن كانوا يساعدون النساء أم لا؟ هل هو غير ذي صلة لمموليهم؟ وإذا كان الأمر كذلك، ربما ينبغي أن يغيروا أسماءهم وبيانات مهمتهم.

على سبيل المثال، جمعية (All Women’s Action Society) تعلن أنها "ملتزمة بتحسين حياة المرأة في ماليزيا"، ولكن كيف بالضبط سنعرف من هن النساء في ماليزيا؟

أما (EMPOWER) فهي تعلن: "نحن ندفع بالمساواة السياسية للمرأة نحو العدالة والديمقراطية التي تركز على المبادئ النسوية وحقوق الإنسان. نحن... منظمة لحقوق المرأة". حسنا، أي شخص، على ما يبدو، يمكن أن يكون امرأة في أي لحظة، وليس هناك طريقة لتحديد إن كان هذا التحول قد حدث فعلا متى حدث. فكيف يمكننا أن نتأكد، على سبيل المثال، من أن المرأة لا تتمتع بالفعل بالمساواة السياسية مع الرجل، ما لم نرتكب جرم "افتراض" أجناس وأنواع كل فرد في الحكومة؟ طبيعي أننا لن نستطيع "إهانة" كل سياسي من خلال إجراء اختبار تحديد الجنس عليه، وبالتالي سيكون علينا أن نفترض!

وإذا كانت "الهوية الجنسية لا تحددها أعضاءنا التناسلية"، فيجب أن نتساءل: لماذا ينفق شخص ما عشرات الآلاف من الدولارات على جراحة لتغيير أعضائه التناسلية بما أنها غير ذات الصلة؟!

أعتقد أنكم ترون مدى سخف وتناقض ما يقولون كلما تعمقنا في الأمر أكثر. فهل ستضم "منظمات حقوق المرأة" في المستقبل القريب حقوقا لـ"من ينتمون لكل  الأجناس (pangender) و"محايدي الجنس (neutrois)؟ فهذه ليست سوى اثنتين من 71 هوية جنسية متاحة الآن على الفيسبوك. وإذا كانت منظمات حقوق الإنسان تهب، على سبيل المثال، للقضاء على التحامل والتمييز ضد جماعتها، فكيف سيعرفون أنهم يتعرضون للتمييز على أساس جنسهم الذي اختاروه، عندما لا يعرف أحد حتى نوع جنسهم؟ فهل يشعر الشخص المنتمي لكل الأجناس بالإساءة إذا تم تصنيفه بالخطأ على أنه من محايدي الجنس؟

سيقول ناشطو" المتحولون جنسيا" : "كل ما عليك فعله هو أن تسأل" إذا كنت تريد أن تعرف جنس أي شخص.. ولكن إذا كان الجنس هو مجرد سوائل، ومع مراعاة جميع المقاصد والأغراض فهذه  السوائل يمكن أن تتغير بشكل غير محسوس، بالتالي فنحن لن نضطر فقط للسؤال، ولكننا سنضطر لمواصلة السؤال طوال الوقت مع الإلحاح، ولن نسأل:"ما هو جنسك؟"ولكن سنسأل: "ما هو جنسك الآن؟"

فهل يمكننا على الأقل أن نعترف بأن ما نتحدث عنه هنا ليس هو النوع، ولكنه المزاج؟

الجنس مشتق من الجنس البيولوجي عند الولادة، بل هو حقيقة تشكلها الكروموسومات. بالتالي، فنظرية أن "الجنس طيف كبير" ليست أكثر من كونها نظرية أو فكرة، ولا أحد ملزم بقبول هذه النظرية، ولا يحتاج القانون لقبول نظريتك الجنسانية وجدول أعمالك السياسي كواقع، بل إن الأمر سيكون كارثيا لو فعلنا ذلك.

نور ساجات قمر الزمان (Nur Sajat Kamaruzzaman)، رجل الأعمال الشهير الذي يقع في مركز هذا الجدل الحالي، إما أنه امرأة أو رجل يريد أن يكون امرأة. وأي سيدة أعمال ناجحة ورفيعة المستوى، يتم الإشادة بها كنموذج يحتذى به، وتصبح ملهمة للفتيات الصغيرات اللواتي يطمحن إلى التميز المهني. فهي تثبت أن المرأة قادرة على تحقيق نجاح بارز في المجالات التي يهيمن عليها الذكور، وهذا شيء، كما أفترض، عزيز جدا على قلوب المنظمات غير الحكومية التي وقعت على بيان "الجنس لا يهم". فماذا لو تبين أن امرأة الأعمال الناجحة هي في الحقيقة مجرد رجل أعمال ناجح آخر؟ هل الهدف من المساواة بين الجنسين في مكان العمل سيتحقق إذا بدأ الرجال الذين يشغلون مناصب تنفيذية بشكل غير متناسب ببساطة في وضع الماكياج وارتداء الفساتين؟ بهذا الشكل، وبدون تغيير الموظفين، يمكن للبرلمانات والخزانات الحكومية ومجالس إدارة الشركات أن تهيمن عليها النساء بين عشية وضحاها، ? لشيء إ? ?نهن سيقلن أنهن نساء فقط.

دونالد ترامب يمكنه أن يعلن أنه أنثى، وأنه أصبح على الفور أول امرأة رئيسة لأمريكا. وبهذا ستصبح منظمات حقوق المرأة زائدة عن الحاجة، ثم تحويل "النظام الأبوي" الذي يتظاهرون ضده إلى "نظام أمومي" في لحظة، وفجأة تتبخر سردية "النساء المقهورات مقابل الرجال الظالمين" في الهواء، إذا قبلنا بنظريتهن بأن الجنس غير معروف وغير ذي صلة.

اثنين زائد اثنين لا يساوي خمسة، و (XX) لا تساوي (XY) و(XY) ? تساوي (XX). وسواء كان الفاشيون الليبراليون الذين يصرون على إنكار هذا الواقع يدركون هذا الأمر أو لا، فإنهم يعتمدون على هذه الحقيقة بقدر ما نعتمد نحن أيضا عليها.

ولكن يبدو واضحا أنهم لا يؤمنون بما يقولون. فالمنظمات غير الحكومية التي تقول إن جنس نور سجات لا يهم، أنشئت على أساس هدف يحتاج للتصنيف المحسوس لنوع الجنس، فهي منظمات قائمة على حقيقة أن هناك رجال وهناك نساء، وأننا نعرف جيدا من هن النساء ومن هم الرجال. فمن المهم بالنسبة لهم على الأخص أن يكونوا قادرين على معرفة الفرق، وإلا فإن هذه المنظمات غير الحكومية ? يوجد سبب لوجودها من الأساس.
0
التعليقات (0)