مقالات مختارة

قطر والسعودية: تعالوا إلى كلمة سواء

حسن البراري
1300x600
1300x600

في خضم ما يجري في الإقليم والصراع الدائر عليه، لم يعد أمامنا كعرب غير طيّ صفحة الخلافات وخلق أرضية مشتركة لمواجهة تحديات جسام بدأت تطل برأسها في المنطقة. وفي هذا السياق، على الجميع أن يتذكر أن اتهامات السعودية ومن يقف معها ضد قطر هي اتهامات أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها باطلة، ولا تستند إلى أي برهان واحد.

وإذا كان هناك بعض المشككين في سياسة قطر الخارجية، وإذا كان هناك من تأثر بتغريدات طائشة صدرت من قبل الرئيس الأمريكي عند بداية الأزمة، فإن الحوار الأمريكي - القطري الذي ضم أهم مؤسستين هما الخارجية والدفاع قطع الشك باليقين، فلا يمكن أن تقوم دولة بمكانة وحجم الولايات المتحدة التي تمتلك أقوى جهاز استخباري عرفه التاريخ لا يمكن أن تجري حوارا إستراتيجيا وتوقع اتفاقيات مع دولة تدعم الإرهاب. وعليه فإن الحجة لم تعد قائمة على قطر وإنما على خصومها.
الدبلوماسية القطرية النشطة القائمة على الاشتباك الإيجابي والقدرة على خلق أرضيات مشتركة مع العواصم المؤثرة في القرار الدولي بدأت تؤتي ثمارها بشكل لافت، فالتغطية الإعلامية الكبيرة التي حظي بها الحوار القطري الأمريكي وبدأ عدد كبير من كبار كتّاب العواصم الغربية توجيه سهام نقدهم نحو الرياض لهو أمر لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. فالراهن أن المتهم الرئيسي في قضايا الإرهاب وتمويلها عواصم ليس من بينها الدوحة.

منذ البداية أبدت دولة قطر استعدادها التام لبحث المطالب السعودية وكان بالإمكان أن تحقق السعودية اختراقات أفضل بالعلاقة مع قطر لو أنها التقطت الفرص ونزلت عن الشجرة العالية التي تسلقتها منذ البداية، فاعتقادها بأن قطر دولة صغيرة وأنها ستتنازل عن قرارها السيادي كان وما زال تفكيرا غير ناضح، فثقتها الزائدة عن الحد في محاولة إخضاع قطر -وفقا لتعبير توماس فريدمان- ألحق ضررا بمكانة وصورة السعودية.

لغة الحصار التام هي من الماضي، ولم تنجح في يوم من الأيام، فلم ينجح كفار قريش في حصار بني هاشم في ثني سيدنا محمد عليه السلام عن دعوته، ولم ينجح الحصار الأمريكي لكوريا الشمالية الفقيرة في ثني رئيس كوريا عن قراراته السيادية، وعليه فكيف يمكن لحصار الثلاثي الخليجي لقطر الغنية أن يغير من مواقف القيادة القطرية؟! فقطر ماضية ليس في استعداء جيرانها بل في الدفاع عن استقلالها الوطني وكرامة شعبها وتمكنت من تحقيق مستوى معيشي تتمناه كل شعوب الدول التي قاطعت قطر.

ومع ذلك، لا أعتقد أن قطر مرتاحة للحضيض الذي وصل إليه العداء العربي العربي، فدولة قطر التي برعت في التوسط بحل النزاعات وساهمت سياستها وقوتها الناعمة في نزع فتيل الكثير من الأزمات ما عاد بالنفع على الإقليم مستعدة لطي صفحة الماضي، وهو ما أعرب عنه وزير خارجيتها من واشنطن، وهناك فرصة ذهبية للجميع لالتقاطها تتمثل في احتمال دعوة قادة دول الخليج لقمة في الولايات المتحدة، وبتقديري فإن المصالحة الخليجية التي إن تمت ستعيد رسم العلاقات البينية الخليجية على أساس المساواة والاحترام المتبادل ستجعل من السعودية أقوى في مواجهة التحديات، فالرياض لا تستفيد استراتيجيا إن استمرت في مناصبة دولة قطر بهذا المستوى من العداء غير المفهوم.

بكلمة، لا نتمنى إلا خيرا لجميع الدول العربية، فانهيار أي دولة عربية لا يصب في مصلحة العرب، وتفوق أي دولة عربية في أي مجال يضيف إلى، ولا ينتقص من باقي العرب.

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)