كتاب عربي 21

التهمة: الهجوم على نيللي!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
غرائب الاتهامات الموجهة للمرشح الرئاسي السابق، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب "مصر القوية"، ذكرني بالاتهام الخطير بالهجوم على الفنانة الاستعراضية "نيللي"، الذي تم توجيهه للشيخ عبد الحميد كشك، بعد قرارات التحفظ عليه في أيلول/ سبتمبر 1981. "بشرة خيرة"!

ربما لم تعرف الأجيال الجديدة "نيللي"، رغم أنها كانت ملء السمع والبصر على أيامنا، وكانت تقدم باستعراضاتها "فوازير رمضان" من كل عام؛ التي كان يكتبها الراحل "صلاح جاهين"، وبدت فوازيرها كما لو كانت من المعلوم بالشهر الفضيل بالضرورة. وهي قريبة الفنانة "لبلبة"، ربما بنت خالتها، وقد اشتهرت كل من "لبلبة" و"نيللي" بأسمائهما المجردة، فلم تحملا لقباً أبداً، وعلى غرارهن كانت التونسية "لطيفة"، التي كان لها لقب تخلصت منه بعد مجيئها للقاهرة، وهو "العرفاوي"!

الشيخ عبد الحميد كشك، هاجم في أحد خطبه فوازير نيللي وأن يعرف شهر رمضان بنيللي وفوازيرها. وروى في مذكراته، التي كتبها عقب الإفراج عنه بعد اغتيال السادات، والصادرة عن دار الاعتصام، أنهم وجهوا الاتهام له بالهجوم على الفنانة "نيللي".. وهذه المذكرات يبدو لي أن منتجي الفيلم الوثائقي "الرديء" عن شخصيته، لم يطلعوا عليها!

وكان واضحاً أن جهات التحقيق تبحث عن أدلة قانونية تبيح قرار السادات بالتحفظ عليه، واعتقاله، وبالمزيد من الاتهامات لكي تدونها في "عريضة الاتهام"، فكان أن قيل له أنت متهم بالهجوم على الفنانة "نيللي"، مع أنه لا يوجد نص في القانون يعاقب من يتطاول على ذاتها المصونة التي لا تمس، ثم تطور الأمر فوجهوا له الاتهام بالهجوم على الأخ العقيد معمر القذافي، مع أن الهجوم عليه، كان يتم في الصحف المصرية بابتذال، وبكل ألوان العمل الصحفي، وباعتبار أن الهجوم على العقيد الليبي من حسن وطنية المرء، بل إن السادات نفسه، الذي اعتقل الشيخ، هاجم القذافي كثيراً، وكان يخاطبه بـ"الواد المجنون بتاع ليبيا"!

وكان طبيعياً أن يذكرنا بذلك، عندما سألت نيابة أمن الدولة العليا؛ الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، عما كان يقصده، في حواره مع السادات الذي جرى عندما كان أبو الفتوح ممثلاً لاتحاد طلاب مصر، قبل أربعين عاماً، وهو الاجتماع الذي عقده السادات على الهواء مباشرة سنة 1977، وأبلى فيه "أبو الفتوح" بلاء حسناً، حتى إن الشائعات ملأت مصر وقتها بأن سيارة أنهت حياة الفتى بعد خروجه من الاجتماع الصاخب.. فقد كانت مواجهة حاسمة، غضب خلالها السادات؛ لأن الطالب "عبد المنعم أبو الفتوح" كان حاداً في توجيه اتهامه لكبير العائلة (كما كان يحب السادات أن يطلق على نفسه) بأنه يحيط نفسه بالمنافقين، وأنه منع الشيخ محمد الغزالي من الخطابة في مسجد "عمرو بن العاص" بمصر القديمة!

قال له السادات: مكانك، وكررها أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يرد عليه "أبو الفتوح" بأنه يقف في مكانه لم يتحرك، ولم يكن السادات يقصد هذا، فمكانك بمعنى الزم حدودك!

لم يتاجر "عبد المنعم أبو الفتوح" بهذا الموقف، حتى عندما ترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، عندما يكون المرء بحاجة إلى أن يقدم "سي في" للناخبين، وكان معه زميله "حمدين صباحي"، الذي ظل أنصاره يقدمونه للناس بأنه المناضل منذ صباه والدليل أنه وقف في وجه السادات وهاجمه، معتمدين على أن الأجيال الجديدة لم تشاهد هذه اللقاء، ومن شاهده فقد محيت تفاصيله من ذاكرته، لكن "يوتيوب" أعاد نشره، فتبين أن السادات كان هيناً ليناً مع "حمدين"، الذي لم يقل شيئاً يمثل معارضة جذرية، لكنه تحول إلى ثور هائج وهو يتصدى لـ"عبد المنعم أبو الفتوح"، ويهتف في وجهه: "مكانك"، وعيب يا ولد تخاطب رئيس الجمهورية بهذا الشكل!

ولإعادة إذاعة الحوار على يوتيوب، لم يتاجر "حمدين" بالموقف عندما ترشح للانتخابات الرئاسية بعد الثورة، ليس فقط لأنه لم تكن هناك مواجهة للسادات كما راج، ولكن لأن استدعاء هذا الموقف كان سيصب في مصلحة منافسه المرشح للانتخابات "عبد المنعم أبو الفتوح" بدون طلب منه؛ لأنه هو من واجه، وموقفه كان الأبرز والأشجع!

لقد خرج "أبو الفتوح" من هذه المواجهة إلى بيته، وإن كانت قد شملته قرارات التحفظ في أيلول/ سبتمبر سنة 1981، فليس للأمر دخل بهذه المواجهة، فقد شملت "حمدين" أيضاً مع أن السادات لم ير في ما قال مبرراً لغضبه؛ لأنه كان مؤدباً، ويدرك طبيعة المقام، فكان جديراً بمخاطبة الرئيس له بـ"يا ابني"، وعموما فخطاب السادات في المجمل، وبوصفه كبير العائلة كان في دائرة "كلكم أولادي"، وعندما كان يخاطب عناصر الجماعات الإسلامية، وهو حانق عليهم، كان يصفهم بـ"أولادي المغرر بيهم"، وذلك قبل معاملة "زوج الأم" التي يعيشها المصريون في عهد عبد الفتاح السيسي!

وعندما يجري استدعاء المواجهة مع السادات بعد كل هذا العمر، لتكون موضوعاً تشغل به النيابة نفسها، ربما بحثاً عن اتهام، فنحن فعلاً في حكم العسكر الذين وجهوا الاتهام للشيخ كشك بالهجوم على "نيللي" و"القذافي" دون أن يحركوا الدعوى الجنائية ضده، ويذكرنا أيضاً بالاتهام الذي وجه لأحد أقطاب المعارضة بعد حركة ضباط الجيش في 1952، بالتطاول على ذات الملك، مع أن الانقلاب كان قد أهان الملك بخلعه!

تخيروا لحكمكم، فإن العرق دساس. عرق العسكر!
التعليقات (3)
حرفوش
الأربعاء، 21-02-2018 11:46 م
اتهام د/ابوالفتوح بمناقشة الشهيرة للسادات منذ أكثر من اربعين عام تقدر تسمية نوع من الترف لتحقيقات نيابة أمن الدوله العليا
طير حيران
الثلاثاء، 20-02-2018 12:09 م
بالطبع الهجوم على السيدات الفضليات من أمثال نيللى ولوسي أرتين وفيفي عبده وتحية كاريوكا هو هجوم على مصر فهؤلاء النسوة ضحين بــ ............... من أجل بناء مصر وشعبها ؟؟؟؟
حنفي الغلبان
الثلاثاء، 20-02-2018 11:53 ص
كل واحد منيَل على عينه بيحب نيللي ، محبة الصنف المنيَل من المخابرات و العسكر لنيللي أنتجت تهمة "التهجم على نيللي" من زمان . بس دلوقتي عقوبتها إيه ؟ الإعدام أو الحبس المؤبد مع الأشغال الشاقة ، مش عارف يا جماعة "يحيا العدل".