كتاب عربي 21

مشاهد من الغوطة!

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
تماما كذلك المشهد في فيلم "ماتريكس"، الذي تهبط فيه الكاميرا من أعلى لترى ممثلين جالسين على مقعدين وسط خرائب وأنقاض على مدى البصر هي كل ما تبقى من مدينة نيويورك في القرن الثاني والعشرين. 

هكذا بدت لي الغوطة وأنا اأشاهد بعض الصور الملتقطة بعد الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الروسية وطائرات نظام بشار. 
 
خرائب على مدى البصر، وبشر معفرون بالتراب، وبقايا منازل، وأصوات طنين تنبعث من الصور، وصرخات ألم وصياح، وعربات إطفاء وعبارات سريعة غير مفهومة يطلقها رجال الدفاع المدني في حركتهم السريعة المتوترة. 
 
رضيعتان وُضع جثماناهما جنبا إلى جنب، يحمل كفن كل واحدة منهما تاريخ يوم استشهادهما. 

مجموعة من الأكفان المتراصة فيما تبقى من بناية ما وطفل يقف صارخا في آلة تصوير تحمل صرخاته التي لا تسمعها بكاء ومرارة على من رحلوا. 

وأم تقتاد صغارها فوق أنقاض ما وحولها بشر يسيرون يعلو ملابسهم الغبار ذاته. وتلك البيوت المهدمة. وبقايا صواريخ ضخمة تقبع على الأرض وقد تمزقت جدرانها المعدنية، وسلمت حمولتها القاتلة. 

وتلك الأيدي التي تمتد إلى تلك الأيدي لتلتقط تلك الأجساد الصغيرة التي نجت بأعجوبة ما من قصف ما. 

ودائما ما ترى في الصور تلك الصرخات. لا تسمعها ولكنها تراها واضحة. وتلك القباب من النار التي تخرج منها ألسنة لهب غير منتظمة لتبتلع جزءا من مبنى ما بينما ترتفع فوق أنقاض المباني التي غادرتها طائرات روسيا للتو. وتلك السحب من الدخان والحجار المتهدمة والغبار الذي يعلو كل شيء. المدينة كلها مدمرة والحياة فيها تئن. 
 
ومع كل ذلك الخراب الذي تراه في الغوطة، يبدو أن روسيا تخوض معركة إرادات. روسيا ومن بعدها بشار وما تبقى من نظامه يخوضان معركة إرادات مباشرة مع كل فرد من سكان الغوطة. 

هذه مباراة شخصية بينهما وبين كل طفل وامرأة وشيخ وشاب في الغوطة. مباراة تقتنص فيها قنابل الطائرات أسماء جديدة تضمهم إلى سجل الشهداء، معركة لم تبق فيها روسيا ولا نظام بشار للسوريين شيئا، ولكن روسيا وبشار لا ينتصران. 
 
وهما لا يفعلان شيئا سوى إرسال طائراتهم لتسقط قنابلها ولا شيء بعدها. فقط يقتلون الأهالي، وهما يتبادلان الضحكات الشريرة. والقتل هنا ليس لمجرد القتل، بل هو قتل لكسر الإرادة. 
 
رغم كل هذا القتل، إلا أنك ترى إرادة عجيبة في تلك المدينة. هناك ذلك الرجل المغطى بالغبار الذي يصلي في مكان ما منعزل بالغوطة، ومن خلفه خرائب لا تميز منها شيئا سوى بضعة حجارة تبقت من بناية متهدمة ما، وتلك السكينة البادية على ملامحه، وهو يرفع أصبع التشهد ناظرا إلى موضع سجوده.
 
هذا المشهد الذي يجعلك توقن أن كل هذا القتل لم ينل من عزيمة أهل الغوطة. والحقيقة أنني أنظر إلى هذه المشاهد، وأتسائل هل يدرك الذين فرحوا بقصف روسيا للأحياء المدنية في سوريا الآثام التي يتحملونها مع كل روح تزهقها الطائرات الروسية؟
 
مازلت أدعو الله أن يفك أسر الرئيس مرسي كلما تذكرت كلماته في مؤتمر نصرة سوريا، ولا ريب أن كلماته كانت رسالة أمل لأهلنا في سوريا، ولا ريب أن فرض التغيير على العسكر في مصر وانتخاب رئيس إسلامي قد كبل يد نظام بشار عن القتل ولو بدافع السياسة وخشية التوازنات الإقليمية، خصوصا مع الموقف الواضح للرئيس مرسي من الثورة السورية، ولا شك أن الجميع يتذكرون أن مجزرة الكيماوي الأولى في سوريا لم تقع إلا بعد مجزرة رابعة بأيام.
التعليقات (2)
ابو العبد الحلبي
السبت، 24-02-2018 10:28 م
نقطة توضيح : أصل الداء و سبب البلاء في سوريا أن أمريكا سيطرت عليها في عام 1963 و أعطت الحكم للطائفة النصيرية بدءاً بعسكري اسمه (صلاح جديد) الذي كان أقوى من رئيس الجمهورية المسلم في حينه. النصيري صلاح جديد أعاد المطرود حافظ الأسد للجيش و أعطاه رتبة لواء و منحه منصب وزير الدفاع . في مهزلة حرب 1967 ، قام حافظ بتسليم الجولان مما جعل أمريكا ترفعه لمنصب رئيس الجمهورية سنة 1970. أصدر موسى الصدر من لبنان فتوى خاطئة بأن الطائفة النصيرية تتبع دين الإسلام ليتوافق ذلك مع دستور سوريا. بعد وفاة حافظ عام 2000 ، أتت وزيرة خارجية أمريكا "مادلين أولبرايت" و سلمَت بشار منصب رئيس الجمهورية رغم أنه كان دون السن القانوني وقفزت عن نائبي الرئيس : النصيري "زهير مشارقة" و كان هذا مريضاً ، و المسلم "عبد الحليم خدام" الذي كانت صحته جيدة. حافظ و من بعده بشار كانا خادمين مخلصين لأمريكا ، و احتاج لكتاب حتى أستعرض ذلك. عندما انطلقت مظاهرات سوريا عام 2011 ، كان هنالك نشيد مشهور يقول : يا ماهر يا جبان يا عميل الأمريكان الشعب السوري ما بينهان. ماهر الأسد هذا هو من قاد الكثير من عمليات القتل و التدمير و التهجير في سوريا خلال 7 سنوات ، و هو حالياً من يقود معركة الغوطة . هذه المعركة حصل قبلها الكثير من الكوارث و المصائب و الفظائع لشعب سوريا ، و لكن هذه المأساة تنال تغطية إعلامية أكبر. بقايا عصابة بشار النصيرية مع مليشيات إيران مع الطيران الروسي المجرم كلهم خدم للأمريكان ، و يعرف الكثيرون من أهل سوريا ذلك. هذا الثالوث الجبان يتولى القصف بشكل عشوائي و لديه شيك مفتوح ممن تسمى دول كبرى . الخطة المرسومة هي قتل و تدمير همجي متواصل لعدة أيام و ليالي تمهيداً للهجوم البري. لقد شن الجبناء عدة حملات برية على الغوطة و باءت كلها بالفشل مع خسائر فادحة في أرواح و معدات الجبناء رغم أن قواتهم كانت نخبة مختارة من الحرس الجمهوري و الفرقة الرابعة. عندما علم الأبطال الثوار في الغوطة بأن اللواء النصيري سهيل الحسن (النمر) قادم للهجوم البري، ابتهجوا لأن المطلوب اصطياده و سلخ جلده . اعتقد أن أبطال الثورة سيطيرون فرحاً حين يعلمون أن ماهر على مقربة منهم لأسباب واضحة. كلمة مختصرة – لن تسقط الغوطة إلا إذا حصلت خيانة في صفوف الثورة لا سمح الله كما حصل من قبل عند سقوط حلب . قبض الخونة الدولارات و باعوا حلب و خرجوا من سوريا و دعا الناس عليهم بالعامية "درب تصد ما ترد" و إن شاء الله لن يهنئوا بعيش و ينفقوا دولاراتهم على العلاج الطبي.
Zaynabgardan
السبت، 24-02-2018 08:34 م
حسبنا الله ونعم الوكيل