ملفات وتقارير

كيف استغل نظام السيسي الأزهر بالدعاية لانتخابات الرئاسة؟

مشايخ من الأزهر حرموا العزوف عن المشاركة في انتخابات الرئاسة ومرشحها الوحيد السيسي- أرشيفية
مشايخ من الأزهر حرموا العزوف عن المشاركة في انتخابات الرئاسة ومرشحها الوحيد السيسي- أرشيفية

نجح نظام الانقلاب العسكري في مصر، برئاسة عبد الفتاح السيسي، في استغلال علماء الأزهر الشريف في الدعاية للانتخابات الرئاسية، فمنهم من حرم عدم التصويت وهاجم المعارضين الداعين للمقاطعة، واعتبرها مفسدة تضر بمصالح الأمة، وطالب بمعاقبة دعاتها وبفرض غرامة على المقاطعين من الشعب.


ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية شبه المحسومة لصالح السيسي، (نهاية الشهر المقبل) ونظرا لأن النظام يخشى من دعوات المقاطعة وظهور اللجان الانتخابية خاوية أمام العالم؛ خرج بعض دعاة وعلماء الأزهر بفتاوى تحرم مقاطعة الانتخابات وتحث على ضرورة المشاركة بها وتحرم الدعاوى التي يطلقها البعض وتتهم أصحابها من المعارضين بأنهم فاسدون ودعاة خراب.


وقال أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، إن "دعاة الأزهر خدم للشريعة الإسلامية، ويسعون لحماية الوطن"، مؤكدا أن "المشاركة بالانتخابات واجب اجتماعي، ويحقق مصالح الدولة، واستقرار للأمن والأمان، وحيثما توجد المصلحة فثم شرع الله".

 

اقرأ أيضا: مصر تعلن رسميا القائمة النهائية لمرشحي رئاسة 2018

كريمة، طالب الأربعاء، بمداخلة عبر فضائية "العاصمة"، الدولة بتطبيق عقوبات مالية على المقاطعين للانتخابات، مؤكدا أنها مفسدة تستوجب معاقبة من يشارك بها.

 

 


واتهم كريمة، بحديثه لصحيفة "اليوم السابع"، الإخوان و"أعوانهم" الداعيين لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، بأنهم دعاة الخراب، ولا يريدون المصلحة العامة للدولة.


وعلى نفس النهج، طالب الأستاذ بجامعة الأزهر، عمر حمروش، الجمعة، بـ"ردع جماعات الإرهاب، الذين يسعون في الأرض فسادا"، مؤكدا أن "إنزال العقوبة المالية على مقاطعي الانتخابات أمر أقل بكثير مما يجب أن يحدث"، داعيا لإيجاد عقوبات أكبر من ذلك.


وأيد الفكرة عضو مجمع البحوث الإسلامية، محمد الشحات الجندي، وقال إن "تطبيق العقوبات المالية على مقاطعي الانتخابات أمر واجب لمواجهة الضرر والمفاسد ولا مانع منه شرعا، لمنع استغلال المفسدين حملاتهم المغرضة ضد الدولة".


وقبل شهر من موعد الانتخابات المقررة نهاية الشهر المقبل، أصدر الأزهر بحثا حول "الديمقراطية والانتخابات"، يفتي بأن النظام الانتخابي الآن يمثل الديمقراطية التي أجازها الإسلام.


وبرغم أن وزارة الأوقاف، أصدرت تعليماتها لأئمة وخطباء المساجد بعدم الحديث في السياسة أو استخدام المنابر للدعاية الانتخابية؛ إلا أن وزير الأوقاف مختار جمعة، دعا الخطباء لحث الناخبين على التصويت للمرشح الأفضل.

 

اقرأ أيضا: مقترح قانون يمنح طلاب مصر درجات مقابل التصويت بالانتخابات

وقال جمعة، إن "المشاركة الإيجابية بالعملية الديمقراطية مطلب شرعي ووطني، والإدلاء بالصوت أمانة ينبغي على كل إنسان أن يعطيه لمن يستحقه ممن يغلب على ظنه أنه القادر على تحقيق مصالح البلاد والعباد".


وأعلنت دار الإفتاء المصرية، نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، أن الممتنع عن أداء واجبه الانتخابي "آثمٌ شرعا كمَن يدفع صاحب الشهادة لمخالفة ضميره أو عدم الالتزام بالصدق الكامل في شهادته بأيِّ وسيلة من الوسائل".


والخميس، اجتمع محافظ القليوبية اللواء محمود عشماوي، بقيادات الأوقاف والأزهر والكنيسة للاستماع لخططهم ومقترحاتهم لتحفيز المواطنين للنزول بالانتخابات، والتأكيد على رسالة أن المقاطعة كتمان للشهادة.


يكلسون على الناس دينهم


وحول استغلال علماء الأزهر والأوقاف للدين في الترويج للانتخابات الرئاسية دعما للسيسي، اعتبر الأستاذ بجامعة الأزهر الدكتور ياسر محمد، أنه "استغلال (من النظام) لبعض الرموز الدينية"، وقال إن "هؤلاء المدعين للعلم منافقون؛ يكلسون على الناس دينهم".


وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "هؤلاء يصدق عليهم قول النبي الكريم، (أتدرون من شر الناس؟، قالوا: لا يا رسول الله، قال: الذي يبيع دينه بعرض من الدنيا، فقال: أتدرون من أشر من ذلك؟، قالوا: لا يا رسول الله، قال: الذي يبيع آخرته بدنيا غيره).


وواصل الأكاديمي المصري، توصيف حالة هؤلاء العلماء في الشرع الإسلامي، مؤكدا أنهم ينطبق عليهم أيضا قول رسول الإسلام في حديث آخر قال فيه (أخوف ما أخاف عليكم جدال منافق عليم اللسان بالقرآن يبيع دينه بعرض من الدنيا).

 

اقرأ أيضا: تزايد ظاهرة اعتزال السياسة في مصر هربا قمع السيسي

وأكد محمد، أن "كل إنسان مسئول عن نفسه وعن من هو تحت ولايته"، مضيفا "وهناك من كان يبيح دم الرئيس محمد مرسي، هو الآن يحرم المظاهرات والمقاطعة للانتخابات بحجة أنها افتئات وخروج على الحاكم مع أن السبب لو قلنا إنه واحد لكان الحكم واحد"، متسائلا "فكيف إذا كان أحدهما مصلح والآخر عكس ذلك فيبيح هناك ويحرم هنا؟"، موضحا أنه "يكفي الوقوف مع الحق والتمسك به في هذا الضلال والشر المستطير".


لا للتسقيط السياسي


ويرى مدرس التاريخ الحديث والمعاصر دكتور عبد الرحمن جدوع التميمي، أن "الأزهر الشريف، أهم المؤسسات وله عمق ديني واجتماعي بمصر والعالم العربي والإسلامي"، مضيفا أن "فتوى كل من يتربع على منبره يؤخذ بها ولا أعتقد أن الانتخابات تكون عثرة في فتواهم الشريفة، ودائما يؤكد الأزهر أن مقاطعة الانتخابات لا تصب بمصلحة مصر والعرب".


التميمي، قال لـ"عربي21" إن "من مصلحة الأزهر ومن يتربع على منبره أن تسير الانتخابات بمنتهى النزاهة والشفافية، ومن مسؤوليته أن يحث الشعب على عدم مقاطعة الانتخابات، وفتواه يؤخذ بها ليس بمصر فحسب بل في العالمين العربي والإسلامي".


وحول مطالبة بعض دعاة الأزهر بفرض غرامة على المقاطعين، أكد الأكاديمي المصري، أن "الأزهر لا يصدر فتوى يؤذي بها أحد ولا يحمل الناس ما لا طاقة لهم، وهم عون للمصريين وللعرب والمسلمين" .


وألمح إلى أن هذه الفتاوى استكمال لدور الأزهر التاريخي وليست لخدمة من في السلطة، مضيفا "وبمناسبة الانتخابات في مصر والعراق، يكثر التسقيط السياسي ويكثر القيل والقال بالبلدين وفي الحقيقة هذه الأمور لا تؤثر على وطنية المخلصين".

التعليقات (0)