صحافة دولية

الغارديان: كيف تستطيع النساء تغيير الواقع في الغوطة؟

الغارديان: النساء يشاركن أخبار الحرب من الغوطة- أ ف ب
الغارديان: النساء يشاركن أخبار الحرب من الغوطة- أ ف ب

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلتها إيما غراهام- هاريسون، تقول فيه إنه عندما تبدأ القنابل بالهطول فإن حوالي 20 شخصا، رجالا ونساء وأطفالا، يجتمعون في غرفة واحدة في بيت بيان ويهان في الغوطة الشرقية المحاصرة، ويمسكون بأيدي بعضهم، ويحضنون بعضا؛ لمحاولة إيجاد بعض الأمل.

 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن ويهان، التي عانت من نصف عقد من الحصار، قولها: "أضع ابنة أخي في حضني، عمرها 5 سنوات، أحاول أن أجعلها تنسى أصوات القصف، وأحكي لها قصصا حول أشياء جميلة"، وتضيف: "عندما يتوقف القصف لفترة قصيرة نذهب لإعداد الطعام، ما يكفي لسد رمقنا.. ومع صعوبة الوضع إلا أننا أفضل من آلاف العائلات الأخرى، عندي بعض القمح، وبعض معجون البندورة، الذي يعد من أفخر المأكولات في الغوطة".

 

وتشير الكاتبة إلى أن ويهان، وهي ناشطة حقوق إنسان وعضوة في المجلس المحلي، هي واحدة من النساء اللواتي أبقين الغوطة الشرقية قادرة على الاستمرار، حيث تؤدي دورا مهما في جهود مشاركة أخبار حملة القصف الوحشي من القوات الموالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن زينة إرحيم، وهي صحافية سورية في المنفى، قولها: "النساء هن مصدر معظم القصص التي نقرأها.. وأستطيع تسمية 8 نساء في الغوطة أتابعهن للحصول على أخبار يومية، وهناك رجلان ناشطان فقط.. كما تشكل النساء وجه المعاناة والمذابح".

 

ويلفت التقرير إلى أنه مع مواجهة ما يقدر بـ400 ألف شخص عالقين في تلك المنطقة، التي كانت تشكل السلة الغذائية لدمشق، لأكثف هجمات في هذه الحرب الطويلة، فإن المزيد من النساء يقمن برواية قصصهن على الكاميرا وخلف الكاميرا، حيث تقول إرحيم: "ينتجن فيديوهات يتحدثن فيها للجمهور، وينشرن القصص الخاصة بهن وقصص غيرهن بشكل يومي، ويتحدثن للإعلام ويدلين بشهاداتهن".

 

وتبين هاريسون أنه "في مناطق الثوار الأخرى، وحتى خلال الأزمات، مثل حصار حلب، كان صوت النساء مهمشا، أحيانا بسبب المحافظين في مجتمعاتهن، وأحيانا بتأثير من المتشددين في الخارج، وتقول إرحيم: (في حلب كنت ترين أفلاما، طولها ساعة أحيانا دون أن تمر امرأة حتى من أمام الكاميرا)".

 

وتقول الصحيفة إن سبب كثافة ظهور النساء في الغوطة الشرقية قد يعود بشكل جزئي إلى غياب كثير من الرجال، الذين إما قتلوا أو سجنوا من القوات الموالية للنظام في السنوات الأولى من الحرب، أو قتلوا خلال المعارك، أو لا يزالون على الخطوط الأمامية، مشيرة إلى أن كثيرا من الوظائف التي كانوا يشغلونها أصبحت تشغلها النساء.

 

وينوه التقرير إلى أن قرب المكان من دمشق قد يكون سهّل على النساء المشاركة في الحياة العامة، بالرغم من كونهن يعشن في مجتمع محافظ نسبيا، لافتا إلى أنه كان من السهل على النساء السفر إلى العاصمة، والعمل والتعلم في السنوات التي سبقت الحرب، وكثير منهن فعل ذلك.

 

وتنقل الكاتبة عن طبيبة الأطفال أماني بلور، قولها في فيديو قبل بدء آخر هجوم بقليل: "النساء في الغوطة يشكلن الأغلبية، عددهن أكبر من عدد الرجال، وقد ضحين وعانين أكثر من الرجال خلال الثورة".

 

وتذكر الصحيفة أن الثورة التي بدأها الرجال والنساء تحولت في كثير من المناطق إلى حرب يسيطر عليها الإسلاميون المتشددون ذوو قيم محافظة جدا، خلقت تحديات أكبر للنساء، حيث تقول إرحيم: "تم التركيز على دور كل من الجنسين بسبب الحرب والمجموعات المسلحة الأبوية".

 

ويجد التقرير أنه في الوقت الذي يعاني فيه الجميع في الغوطة الشرقية بعد سنوات من الحصار، إلا أن هناك تحديات أكبر تواجه النساء، فتقول الناشطة لبنى القنواتي في تسجيل فيديو حول الحياة في المنطقة: "خلال أيام الدورة الشهرية لا أدري ماذا أفعل؛ لعدم توفر فوط صحية، هذا أمر تافه مقارنة بالمشكلات كلها، لكنه كان مشكلة كبيرة بالنسبة لي كوني امرأة تعيش وحدها.. وبعد فترة بدأ الناس بإنتاج فوط وحفاظات أطفال بيتية وبيعها على البسطات في السوق، كانت منسوجة ومغطاة بطبقة من البلاستيك، ولا يمكن استخدامها".

 

وتفيد هاريسون بأنه منذ ذلك الوقت غادرت القنواتي الغوطة، وما اضطرها للخروج جزئيا هو قلقها من دخول المتطرفين المنطقة وقمع ناشطات حقوق المرأة، لكنها تعمل مع منظمة تقوم بدعم النساء على الأرض، منوهة إلى أن ناشطات حقوق المرأة السوريات يقمن بحملات لتحدي الصورة النمطية للجنسين حتى خلال الحرب، حيث ترفض نساء مثل ويهان وبلور محاولات التخويف. 

 

وتنقل الصحيفة عن بلور، قولها: "أسمع كثيرا من النقد من الناس هنا، مثلا، لماذا تستلم امرأة إدارة المستشفى؟ أليس لدينا أطباء ذكور؟ ويقولون ذلك علنا.. أنا أعتقد أن بإمكاننا تغيير هذا الواقع".

 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول بلور: "مجتمعنا يرى الأمور من زاوية معينة، وسيبقى الأمر كذلك دائما إن نحن بقينا خائفين، وبقينا في بيوتنا مستسلمين للقرارات التي يتخذها مجتمعنا".

التعليقات (0)